التنمية البشرية وتنمية العملية التعليمية
د. خديجة حسن علي القصير
في باديء ذي بدء لابد ان نبين ان التنمية البشرية أصبحت متواجدة في كل جانب من جوانب الحياة العلمية والفكرية والاجتماعية فنحن في كل خطواتنا نحاول ان نتبع ونطبق مفاهيم التنمية البشرية، والتربية والتعليم إحدى المجالات التي اخذت تستقطب المفاهيم التنموية وتحاول تطبيقها في مناهجها وبرامجها المتبعة، كما لايخفى علينا ان التعليم هو عملية صناعة أجيال المستقبل وأن أستثمار هذا النوع من الصناعة هو أفضل أنواع الاستثمار وأكثرها فائدة لأن المؤسسات التعليمية تعمل على تغذية المجتمع بقيادة مستقبلية في كافة المجالات .
ويختلف دور الجامعة في هذا المجال من بيئة الى أخرى فالجامعات في الدول المتقدمة على سبيل المثال والموجودة في بيئة صناعية تهتم بالتخصصات الصناعية وأن الجامعات في بيئة زراعية تهتم بتخصصات وبحوث وتهتم بمجال الزراعي، وهذا ما يدلل أهمية ما يمكن للجامعات أن تفعله في تطوير المجتمع على مختلف الاصعدة وما تفعله للبيئة التي تكون فيها (أبو هلال واخرون، 1998،ص84-89).
ومن هنا يمكن القول أن أهمية الجامعة ليس في مجال التدريس والبحث العلمي فحسب، بل تستند على أهمية الجامعة ودورها في المجتمع وإخراج قيادتها وكوادر جديدة ولكي تقوم الجامعة بأفضل دور في خدمة المجتمع لابد أن تصنع تصور واضح المعالم حول كيفية تلبية حاجات الفرد والمجتمع والتفكير في البرامج التي تقدمها من خلال الأقسام المختلفة وهذا يقودنا الى متطلبات وحاجات السوق الى تشكيل جزءاً أساساً وحاسم من متطلبات وتنمية المجتمع وحاجاته وأدواته وأساليبه بشكل متسارع (مجدي إبراهيم، 2000، ص23) .
وهذا من شأنه ان يقوم بإعداد الطالب إعداداً سليماً ليكون مواطناً صالحاً يخدم وطنه بالشكل الأمثل ويكون منافساً رابحاً في أسواق العمل ويجعل البحث العلمي الذي تنجزه مراكز ومؤسسات التعليم العالي أحد أهم مدخلات التنمية للمجتمع سياسياً وتربوياً واقتصاديا واجتماعيا بالإضافة الى تنشيط الأليات النوعية الضرورية لأسواق العمل من أجل تمكينها من تحديث بنائها الاقتصادية والتكنولوجيا والعلمية …الخ
وعلى هذا الأساس فأن تعزيز جودة التعليم وتشكلها جيداً عند النظام السياسي كما هو هاجساً للجامعات والجهات ذات العلاقة في المجتمع، مما دفع هذا الى أهمية التعليم وتفعيل الدورة في أعداد النظام يتحقق من خلال الجودة التي تعتمد على بنية النظام متكامل للمؤسسة التعليمية . وهذا يتطلب طبعاً تغير الأسس التقليدية التي يرتكز عليها التعليم العالي ويتطلب استجابة للمتغيرات والحاجات البشرية من خلال استحداث برامج جديدة ومرنة تلبي متطلبات وتطوير مهارات الموارد البشرية وفقاً للظروف الاقتصادية والاجتماعية ، وكذلك المتغيرات سوق العمل مما يجعل التعليم العالي قادراً على التأثير الجدي في المجتمع عبر تطور العمل البحثي وتكوين المعرفة وأتناجها ثم نقلها الى المجتمع لتكون في خدمة الأنسان والمواطن والوطن والأمة ، فالترابط العضوي بين التعليم العالي وسوق العمل هو معيار نجاح مشروع أعادة تنظيم التعليم العالي ونعتقد أن ذلك يسهم في حل الصراعات والتي قد تنتج بسبب الحصول على الشهادات الجامعية ثم الانضمام الى البطالة ليكون هذا الإنتاج الذي يسهم في معاناة المجتمع بدلاً من ازدهاره (أبو هلال واخرون ,1998، 70)، ولكي يكون للتنمية البشرية الأثر الفعال في النظام التعليمي الجامعي لابد من الاستيعاب الكمي المخطط والمحدد لهذه الفئات بالشكل الذي يواكب سوق العمل والنوعية المرضية من العاملين, ان كل هذه الحقائق تتطلب اعادة النظر فيها وتحسينها , ولذا أن الأوان للتفكير الجاد في اعطاء ميادين المعرفة والدراية والمهارة درجات متكافئة في التكوين والتعليم سواء ارتبطت بمقومات الانسان الفكرية او المهارات الإنسانية في تكافؤها وتكاملها , وبهذه النظرة يكون نظام التعليم العالي اكثر تنوعاً في موضوعاته بما يتناسب مع تنوع المغازي الاجتماعية للمعرفة في المجتمع وما تكسبه للمتعلم من مهارات . واخيراً فأن التعليم الجامعي لكي يكون هادفاً لابد أن يبني لدى الفرد المنهج العلمي في التفكير وذلك المنهج الذي يحدد الهدف ويتخذ من وسائل ما يحقق له عن طريق التجربة لبلوغ الهدف .
وعند اجراء استطلاع عن الدور الذي تلعبه التنمية البشرية في تطوير العملية التعليمة من خلال سؤالنا لبعض الكوادر التنموية ومدربي التنمية البشرية كانت هناك إجابات متفاوتة جميعها تصب في ان التنمية جزءا لايتجزء من العملية التعليمة وتطويرها فقد أشادت الست نور الهدى مدربة التنمية البشرية عند طرح هذا الموضوع عليها الى الأهمية الكبيرة للتنمية في التعليم والعكس صحيح وبأن التنمية أساس للتّعليم ذلك لأنّها تنشر المعرفة والثقافة وترسّخ القواعد الأخلاقيّة والسّلوكيّة بين أفراد المجتمع وتساعد على النهوض بالمجتمعات وتنميتها وفق أسس علمية رصينة.
وأشاد أيضا المدرب التنموي زيد الشريفي بالدور الذي يقع على عاتق التنمية في تطوير التعليم لأنها عاملاً مهما من عوامل تحفيز التفكير لدى الطالب وخلق جو من التفكير الإيجابي وتنمي بين الطلبة روح الفريق وتحرص على اهتمامهم بالوقت وكيفية تنظيمه وهذا من شأنه ان يساهم في خلق شخصية قوية لدى الطالب وتنمي لدية حس الإبداع الداخلي.