الفعل الثقافي و الموارد الواعية

الفعل الثقافي و الموارد الواعية

د. رقيق عبدالله || كاتب جزائري

 

حين طرحت جوليا كريستيفا عودة المكبوت و تأثيره في القانون المتعب للمبادلات الاجتماعية المعيارية الذي يتم بالعودة إلى “اللغة”، أو بالأحرى إلى نظام اللغة الثقافي الذي يعتبر أحد عوائق الفعل الثقافي المعيش، كانت في نظري تنتج علاقة الوعي الذاتي في متغيرات الواقع.
فالفعل الثقافي لا يمكن أن ينتج أبعادا فاعلة إذا لم يكن له بعد قيمي و روحي، حافز للمعنى نحو العمل متجاوزا الظرف الاجتماعي الذي رسم فردانية مفككة سطحت المجتمعات و غيبت أسئلة المعنى و المصير، القيم و الموارد الواعية.
أن ثقافة المجتمع تتجذر عبر الوعي الروحي و فهم المتغيرات ليتجدد الفعل الثقافي من حالة الثبات إلى فاعلية التغير، و الخروج التام من الحالة السائدة للتطبع الثقافي المعيش من خلال الخيار الأيديولوجي المنتهج عبر مسارات الزمن.
فإشكالية تطبع الفعل الثقافي لهذا الخيار الأيديولوجي على مستوى الفعل أو الفكر أنتج ثقافة تكرس أفكارا و أفعالا لذاك الخيار الذي انتقل من كونه خاضعا لإرادة التفكيك و البناء إلى كونه ثقافة يعيش بها الإنسان و محيطه المجتمعي.
إن الفعل الثقافي لا يحصل دون ثراء قيمي للفعل والثراء لا يأتي دون عمل، فآرنولد حين وضع الثقافة مقابل الفوضى، و وضعها هوبس وروسو مقابل الطبيعة ، و هربرت سبنسر ولويس هنري مورغان وضعاها عبر نظريّة التطور الثقافي، لم يدركوا إشكالية كبرى و هي ان الثقافة ليست كما تعرّفها اليونسكو بأنها اكتساب المعارف في كل اتجاه والسعي نحو الامتلاء المعرفي والكمال السلوكي واستخدام المعارف في شؤون الحياة العامة. بل الثقافة فعل قيمي يصنع أبعادا للمعنى و المصير، إنها مورد نوعي يدعم وعي الإنسان بذاته و فهم متغيراته من البنى الساكنة و الخفية.
يجب علينا تجاوز حالة التسطيح المجتمعي للمعنى ، و الفعل الثقافي و تغيب أسئلة المصير و القيم ، إننا نتجه نحو الانقراض و التنافي.
حقيقة إن الثقافة هي الخلق المستمر للذات أما الحضارة فهي التغيير المستمر للعالم ….يتبع

(Visited 17 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *