زيد نجم الدين
الشعوب التي تعيش في ظل انظمة دكتاتورية غاشمة تُخضَع لبرامج تشوية المفاهيمالمعرفية و القيمية في سبيل صناعة شعوب مدجنة يسهل السيطره عليها، و بالنتيجةهكذا شعوب و بعد سنين طويلة من التدجين لن تجد في نفسها القدره على فعل شيءسوى الصراخ من اوجاع السلطة الجائرة، ما يسمى الثورة السورية هي في الحقيقةصرخة من هذه الصرخات، هي في الحقيقة لا ترتقي لتكون ثورة حقيقية مكتملة المنهجيةو الرؤى و الاهداف لافتقارها للتحضير و التخطيط و المشروع السياسي الواعد و البديل. الانتفاضة الشعبانية في جنوب العراق عام 1991 كانت صرخة من هذه الصرخات ايضا.
نحن في العراق ورغم ان التحول للديمقراطية كان برعاية امريكية ممنهجة الى حد ما ، الااننا لم نكن شعب مقتدر على ادارة مفاصل الدولة الديمقراطية بمهارة. لذلك هكذا شعوبكالشعب العراقي و السوري تحتاج الى انتقال تدريجي طويل الامد من الدكتاتورياتالقاسية الى الديمقراطية المتقدمة، هكذا شعوب تحتاج لتأهيل و تطوير و تدريب علىممارسة العمل الديمقراطي كوسيلة لتحقيق الحرية و الرفاهية و ليس كهدف ينتهيباسقاط رأس النظام. في العراق كان امل العراقيين رؤية صدام و حاشيته خارج السلطة،لكن الايام اثبتت ان صدام لم يكن مشكلة العراقيين الوحيدة في طريقهم نحو الديمقراطيةو العيش الكريم بل ان صدام كان سببا في غياب وجود شعب مؤمن بالديمقراطية كثقافةقبل ان تكون نظام. ايضا ان سنين طويلة من ادارة الدولة وفق نظرية (القانون جرة قلم) اضاعة الفرصة امام صناعة رجال دولة حقيقيين بخبرات متراكمة.
الان و نحن نعيش في زمن الثورة التكنلوجية و ما تتيحة من فرص لتبادل الثقافات وتداخل المجتمعات ، في الحقيقة نحن امام فرصة كبيرة لبناء شعوب مؤمنة بالديمقراطية وترى فيها حاجة ماسة لبناء الدولة و تثقيف المجتمع، الشيء الذي يتيح لنا ان نتوقع بروزمشاريع معارضة سياسية مقتدرة على ان تكون بديل سياسي ناضج ذات مشاريعسياسية حكيمة و معاصرة.