التناقضات في ترجمة النصوص السومرية
ذكر بعض علماء الآثار العراقيين بان الكثير من
علماء الآثار الاجانب يعملون عن قصد في تحوير
الثقافات السابقة من اجل تعزيز السردية الجديدة
للشعوب المعاصرة وياتي ذلك نتيجة لقصورهم في
ترجمة النصوص القديمة وعجزهم عن حرفية النقل
حيث يتم اكثر الاحيان ترجمة مضمون النص. ومن
ناحية اخرى ان الكثير من الترجمات القديمة للنصوص
السومرية تم تغييرها نتيجة للتقدم العلمي واجهزة
التنقيب الحديثة والعثور على الواح طينية جديدة
مرادفة لسابقتها اكثر وضوحا و فهما.
وكان علماء الآثار الاجانب الذين نقبوا في العراق
ابتداءا من عام 1842 استطاعوا من قراءة النصوص
المسمارية والاكدية ووضعوا لها معاجم وبدأوا
في تأليف الكتب عن حضارة وادي الرافدين ولكن
بعد مرور عشرات السنين وسط التقدم العلمي
والدراسات الجديدة اثبت ان هناك نصوص ضعيفة
الترجمة و هناك قفز في الترجمة بمعنى ترك بعض
السطور او حذفها وان المعاني غير مضبوطة و قد
اعترف بذلك الاستاذ طه باقر والعالم والمؤرخ
كريمر. و بالتالي فان الذين كتبوا تاريخ العراق
القديم هم الاجانب واننا نعتمد عليهم في قراءة
تاريخنا وانهم كتبوه بمنظور ومفهوم غربي.
ورغم اننا عندنا علماء اثار عراقيون بارزون مثل
فؤاد سفر وطه باقر وابو الصوف ودوني جورج
وعامر سلمان وغيرهم، ولكن العلماء الاجانب
لديهم من الاجهزة الحديثة المتطورة لايملكها
احدا غيرهم، وانهم مدعومين من دولهم ماديا
وتكنولوجيا با حدود، فهم اليوم يستخدمون 1
- الاشعة المسمات تحت الحمراء من اجل كشف
الاثار المدفونة تحت الارض على عمق عدة امتار
او ربما اكثر من 20 مترا . 2 – كذلك يستخدمون
طريقة المسح بالسونار للبحث عن الاثار التي تكون
تحت الماء وهذا المسح يعتمد على طريقة الموجات
الصوتية. 3 – وكذلك توجد هناك طريقة لكشف
المواقع الاثرية وذلك بتحليل التربة حيث يمكن من
خلالها العثور على معادن تحت المواقع و تسمى
هذه بالتحليل الكيمائي. 4 – ويستخدمون احيانا
الاقمار الصناعية العلمية للكشف عن الآثار والمدن
القديمة المطمورة تحت الارض، ويذكر ان الغرب
لديه معلومات مثيرة عن الاثار والمدن السومرية
المطمورة تحت مياه الاهوار ولكنه لا يريد كشفها او
اعطاء اي معلومات عنها ربما ليس بصالحه. وبالتالي
فان هذه الامكانات العلمية والمادية الكبيرة لا
يملكها الا الدول الكبرى ولا تسمح لغيرها بامتلاكها؟.
بدايات الاستطلاع و الاكتشاف
كان الاوربيون تواقون للاطاع على حضارة الشرق
واساطيره والغازه وحكايات الف ليلة وليلة كما كان
هناك رغبة شديدة للتعرف على أثاره خاصة بابل
وأشور وفلسطين كونها ارض الانبياء والرسالات
السماوية، ولهذا كانت موجات الرحالة الاوربيون
تتدفق على الشرق بكثرة وتسجل كل ماتراه وبعضهم
برفقة رسامين يصورون الاماكن الاثرية القديمة. مثل
الرسام الانكليزي دافيد من القرن التاسع عشر الذي
رسم اكثر من 200 تصويرة عن مصر و فلسطين،
ولازالت الرسوم التاريخية تطبع لحد اليوم.
يذكر ان اول الرحالة الذين حطوا في العراق يدعى
بنيامين التطيلي عام 1160 م ويبدو انه يهودي من
اصل اسباني وقد كتب عن احوال الجالية اليهودية
في العراق كما وصف في مذكراته بابل ونينوى
واكد.. وعندما رجع الى اسبانيا طبعت مذكراته بعد
فترة طويلة جدا الى الفرنسية والانكليزية مما زاد
اهتمام المؤرخين والحكومات الاوربية بالشرق وتاريخة
فاخذوا ينظمون الرحات الاستكشافية والتحري عن
الاثار خاصة ما ورد في التورات عن بابل وما لاقاه
اليهود من مأسي وويات، ومن اشهر الرحالة بعد
بنيامين الايطالي بتروديا فالا عام 1616 ويقال انه
تزوج عراقية مسيحية، ثم جاء من بعده عدة رحالة
اهمها كانت بعثة علمية دنماركية عام 1761 م حيث
اتصفت بالدقة العلمية و جمع المعلومات و حل رموز
الالواح المسمارية، وبذلك سجل الاوربيون السبق
في كشف وحل رموز الكتابات المسمارية بينما اهل
العراق كانو غارقين في الوحل والتخلف ثقافيا وعلميا
وتحت نير الاستعمار العثماني عدة قرون.
نبش الآثار
كانت التنقيبات الاولى عبارة عن نبش وليس كما هو
متعارف عليه في علم الآثار وكان هؤلاء الهواة يبحثون
عن الآثار الكبيرة كالتماثيل والالواح الجدارية واهمال
التماثيل الصغيرة، يضاف الى ذلك فانهم من خال
نبشهم يعملون على تهديم البنايات القديمة كالمعابد
والقصور والاسوار و تخريبها، و كان هؤلاء المنقبون
لهم الحق باخذ كل ما يعثرون عليه من تماثيل
والواح طينية مسمارية وفخاريات وغيرها مقابل دفع
مبالغ مالية معينة الى المسؤلين في الحكومة العثمانية
والذين لا يهمهم الآثار العراقية بقدر ما يهمهم جمع
الاموال )والمثل العراقي يقول مال عمك ما يهمك( بل
ان الآثار العراقية كانت تهدى الى الملوك الاجانب مثل
باب عشتار الذي اهداه السلطان العثماني الى ملك
المانيا ولازال هذا المعلم الحضاري العراقي في المانيا
يزوره الاف السواح سنويا..
وذكر الدكتور طه باقر بان التنافس في التنقيبات
كان على اشده بين الفرنسيين والانكليز في اعوام
1942 و 1983 وقد نقل هؤلاء الاثار العراقية الكبيرة
الى بلدانهم ومنها مكتبة أشور بانيبال والتي تقدر
بحوالي 30 الف لوح صلصال حيث يعتبر اعظم
اكتشاف في القرن التاسع عشر، وفي نفس الوقت
دخلت في هذا التنافس الولايات المتحدة حيث نقلت
عام 1877 الاف الالواح الطينية المسمارية الى متاحفها
ولازال البعض منها محفوظا في قدور كبيرة لم تحل
رموزه ولم تدرس او تقرأ لحد هذا اليوم.
وبالتالي كان القرن التاسع عشر قرن نهب وسلب
وتهديم وتخريب للحضارة الرافدينية، ولازال النهب
والسلب والتخريب ولكن من نوع أخر.