الصدريون.. وعودة تلوح في الأفق.. / حسين العظماوي

الصدريون.. وعودة تلوح في الأفق.. / حسين العظماوي

حسين العظماوي/ العراق

يشكل التيار الصدري الجماعة السياسية الأكثر تنظيماً وتأثيرياً وثقلاً جماهيراً في العراق، يعود هذا الأمرإلى بدايات نشوء هذه الجماعة فهي أرث المرجع الديني محمد محمد صادق الصدر، تشكلت آنذاك منعراقيي الداخل ومن الطبقات الوسطى والفقيرة من المجتمع.

محطات من نشاط التيار الصدري سياسياً

بدأت نشاط التيار الصدري مبكراً بعد عام 2003 لكن لم يكن في بداية الأمر نشاطاً سياسياً، بل كان عبرتأسيس ما يعرف بـ (جيش المهدي) وهو تنظيم مسلح قاوم الأمريكان في مناطق وسط وجنوب البلاد،وأستمر الأمر حتى بدأ يتبلور من هذه الجماعة تياراً سياسياً، لم يكن دخول الصدريين إلى العمليةالسياسية مختلفاً في البداية، فهو لم يخرج من خطاب الشيعية السياسية المشحون بالطائفية آنذاك،ودخل أول انتخابات كطرف من اطراف ( التحالف الوطني العراقي)  الذي كان يضم أغلب القوىالسياسية الشيعية.

رغم مشاركة التيار الصدري بشكل فعال في تشكيل أغلب الحكومات العراقية بعد عام 2006 لكن بقيللتيار نشاطاً اجتماعياً وسياسياً مختلفاً عن الآخرين، تمثل بطريقتين مباشرة ( عبر ممثليه في السلطة) وغير مباشرة (عبر مشاركة في الاحتجاجات الشعبية)، مع هذا لم يستمر طويلاً داخل الجماعة الشيعيةالسياسية، أنشق منها في انتخابات 2014 وشارك حينها بأسم ( كتلة الأحرار)، لكن عادة وتشارك معها فيتشكيل الحكومة !

ليعود مرةً آخرى ويشارك في انتخابات عام 2018 بتحالف (سائرون) وهو كان في حينها تحالفاً جديداًضم الصدريون وبعض من القوى السياسية المدنية، والشخصيات المستقلة،  كان حينها بداية خروجالتيار الصدري عن الشيعية الطائفية، إلى الوطنية الشيعية.

حقق تحالف (سائرون) نتائجاً جيدة في الانتخابات، لكن عاد السيد الصدر وتحالف مع القوى السياسيةالشيعية التقليدية في تشكيل الحكومة !

لم تستمر الحكومة حينها، فتيجةً للفشل والفساد، وتراكم عدد من المشكلات، وانتشار البطالة، وعجزالنظام السياسي عن تحقيق حياة كريمة للعراقيين، كل هذه الأمور قادت إلى احتجاجات تشرين 2019،التي تختلف عن سابقتها من الاحتجاجات من حيث الأنطلاقة والتنظيم ونوعية المطالب والأستمرارية،شارك التيار الصدري طرف رئيس في الاحتجاجات وساهم في دعم المتحجين، والوقوف معهم، لكن هذالم يمنع عدد من المحتجين من أنتقاد للتيار الصدري والهتاف ضدهم، وتحميلهم جزء من فشل النظامالسياسي في تحقيق أبسط ما يطمح إليه العراقيين، هذا ما قاد إلى حدوث مشكلات بين الشباب المحتجوالتيار الصدري، كان ابرزها ما حدث في محافظة النجف في شباط عام 2020 و ما حدث في مدينةالناصرية في تشرين الثاني 2020، كان لهذا الأحداث ثأتيراً كبيراً على علاقة التيار الصدري بمخرجاتأحتجاجات تشرين السياسية، وبأغلب الفاعلين في الاحتجاجات الشعبية، كما كانت سبباً من اسبابدخول التيار الصدري بأسم ( الكتلة الصدرية) وأستهدافهم للتيار الصدري كجماعة فقط.

الأغلبية الوطنية قبال المحاصصة المكوناتية..

طرح التيار بعد حصوله على أعلى عدد مقاعد قضية تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية، وذهب وتحالف معالسيد الحلبوسي (حزب تقدم، وبعض الاطراف السياسية السنية)، و السيد مسعود برزاني ( الحزبالديموقراطي الكردستاني)، اختلفنا أو اتفقنا مع السيد الصدر واتباعه، الإ هذا الطرح قوبل بتأييد عددمن النخب والأكاديميين وصناع الرأي في العراق، ولو حصل ذلك لقلنا أن النظام السياسي العراقي تقدمخطوة إلى الأمام نحو الديمقراطية بشكلها الطبيعي (حكم الأغلبية)، وليس شكلها التوافقي ما يعرفعراقياً بـ (المحاصصة)، لكن لم يمرر مشروع الصدر وحلفائه في (التحالف الثلاثي)، ولم يغيير الصدرقراره هذه المره، وبقي مصراً على تمرير المشروع، هذا ما دفعه إلى الانسحاب من البرلمان بقراراً فاجئالجميع حينها.

التيار الصدري خارج السلطة مجدداً

شكل غياب التيار الصدري فراغاً سياسياً، فكان التيار يلعب دوراً مهماً في توازن القوى في النظام السياسيالعراقي، فالآن في ظل غياب الصدريين يستحوذ تحالف (الإطار التنسيقي) المكون من اغلب القوىالسياسية الشيعية التقليدية وعدد من النواب المستقلين، على كافة مؤسسات الدولة، ويستغل عدد منهذه الاحزاب السياسية وجوده في السلطة انتخابياً بطريقة بشعه، وهذا ما حدث مؤخراً في انتخاباتمجالس المحافظات في العراق 2023.

الصدر والقرار السياسي

عند مراجعة النشاط السياسي للتيار الصدري منذ دخولهم المباشر إلى العملية السياسية، نجد أن السيدالصدر اتخذ قراراتاً آنيه في أوقات عدة، كان لها تأثيرات سلبية على التيار الصدري كجماعة سياسية، وهذاما يجعل من الصعوبة التنبؤ في خطواته القادمة دائماً، إضافةً إلى أن السيد الصدر منذ فترة طويلة تصلإلى عقد من الزمن يحاول الخروج من الخطاب الشيعي الطائفي، إلى الخطاب الشيعي الوطني، ويطرحنفسه كراعي للهويَّة الوطنية الشيعية، وهذا ما يميزه عن غيره.

التيار الصدري وعودة تلوح في الأفق

بعد انسحاب التيار وعزلته عن القيام بأي نشاط سياسي، عاد مؤخراً السيد الصدر يمارس نشاطاًاجتماعياً  له بعداً سياسياً، تمثل في إعادة التواصل مع قواعده الشعبية، وخروجه يتجول في مدينةالنجف لمرتين، وزيارة للمرجع الديني الشيعي الأعلى السيد علي الحسيني السيسيتاني، كل هذا الأمورتؤدي إلى نتيجة مفادها، أن السيد الصدر ينوي في أتخاذ خطوة معينة قادمة..

ما عزز هذا التصور هو أعادة اجتماعة بشكل دوري مع نواب الكتلة الصدرية المنسحبين بناءاً على رأيهمن مجلس النواب العراقي

الوطنية الشيعية بديلاً عن الشيعية الطائفية

وجه السيد الصدر أتباعه بأستخدام تسميه (التيار الوطني الشيعي) بدلاً عن (التيار الصدري)، وهذا الأمرله ابعاداً سياسية ودينية وأجتماعية، كما أنها خطوة جيدة إذا كانت فعلاً عودة (التيار الصدري) بهذاالأسم، فهي نتاج محاولات عديدة منذ سنوات من السيد الصدر بطرح نفسه كزعامة وطنية شيعية لاشيعية طائفية، وعلماً أن هذا الأمر لا يتعارض مع فكر الهويَّة الوطنية الجامعة ما دامت هي الأسمىوالأعلى، أما الاعتزاز بالهويَّة الفرعية سواء كانت مذهبية أو دينية هذا حقاً طبيعياً لكل جماعة، على شرطعدم محاولة فرضها بالأكراة على باقي المكونات الأجتماعية، وعدم اعلاءها على الهويَّة الوطنية الجامعة.

أخيراًفي حال قرر الصدر العودة إلى العملية السياسية فالانتخابات القادمة ستشكل محطة مهمةللتيار الصدري، وتحدياً كبيرة خصوصاً في ظل صعود تيار المحافظين، و محاولات قوى الإطار التنسيقيالمستمرة في استغلال موارد الدولة انتخابياً، ورغبة رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السودانيبتشكيل تحالفاً انتخابية يضم عدد من القوى المدنية والنواب المستقلين وبعض من الاحزاب التقليدية.

(Visited 227 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *