نهلة الدراجي .
في العقود الأخيرة، شهدت الدول النامية تزايدًا ملحوظًا في هجرة الكفاءات العلمية والمتخصصة إلى الدول المتقدمة. تعد هذه الظاهرة من أبرز التحديات التي تواجهها الدول النامية في سبيل تحقيق التقدم والتنمية المستدامة. ففي حين يحقق الأفراد الفرص والتحسينات المهنية والاقتصادية في الدول المستقبلة، تتكبد الدول النامية خسائر جسيمة في فقدان الكفاءات والخبرات العلمية.
الكفاءات هي العقول المبدعة والمتميزة التي تمتلك المعرفة والمهارات العلمية والأدبية والفنية في مجالات مختلفة… لكن للأسف يقرر الكثير من هؤلاء الأشخاص الهجرة إلى بلدان أخرى أكثر استقرارًا وتقدماً بسبب ظروف البلد وعوامل أخرى تدفعهم إلى ذلك..
حيث تعد الكفاءات ركيزة أساسية للتنمية الشاملة في أي دولة، فهم المحرك الرئيسي للابتكار والتطور في مختلف المجالات… ولذا فإن هجرة الكفاءات العلمية تشكل هدراً للطاقات وتحدياً كبيراً يؤثر سلبًا على الدول النامية ومنها العراق، حيث يتركون وراءهم فجوة كبيرة في القدرات البشرية والخبرات..
ومن بين الدول النامية التي تعاني تداعيات هجرة الكفاءات يبرز العراق، فقد شهد العراق على مر العقود الأخيرة نزفاً كبيرا ً للعقول اللامعة وأن السبب الرئيسي وراء هجرة هذه العقول هو ظروف البلد الصعبة التي يعانيها العراق والتي تشمل الاضطرابات السياسية والاقتصادية والاجتماعية..
فالعديد من الكفاءات تجد نفسها مضطرة للبحث عن فرص عمل أكثر استقراراً وأمناً وتقديراً، بالإضافة إلى أن هناك قيود وعراقيل تحد من تطوير هذه الكفاءات داخل البلد . مما يدفعها إلى الرحيل والتوجه إلى الدول التي توفر بيئة اكثر ملائمة لتطوير مهارتهم وقدرتهم .
أن تأثير هجرة الكفاءات على الدول النامية ومنها العراق يكون سلبيًا بشكل كبير. فعندما يرحل الكثير من العلماء والمهندسين والأطباء والأكاديميين والكفؤين في التخصصات الأخرى، سوف يفتقر البلد إلى الخبرات والمعرفة اللازمة لتطوير القطاعات المختلفة…
ويؤدي هذا النقص في الكفاءات إلى تباطؤ التقدم والتنمية في البلد ويعرقل جهود بناء المستقبل المستدام..
ولمواجهة تحدي هجرة الكفاءات والحد منها في العراق ينبغي على الحكومة تبني سياسات برامج تهدف إلى حماية واستقطاب الشباب والكفاءات الموهوبة..
ويجب توفير فرص عمل مناسبة ومتنوعة، وتشجيع المشاريع الريادية والابتكارية في مختلف المجالات وتعزيز برامج التدريب والتأهيل المهني، وتوفير الدعم المالي والتمويل للشباب الطموح الذين يرغبون في تنفيذ افكارهم ومشاريعهم..
لنكن واعين للأثر السلبي الذي تتركه هجرة الكفاءات ويجب العمل على تحويل هذا الواقع .
قد يكون التحدي كبيراً لكن بالتعاون والعمل المشترك يمكن بناء مستقبل أفضل للشباب الموهوبين واستقطابهم وعدم التفريط بهم..
لنجعل من وطننا بيئة تزدهر فيها الكفاءات والمواهب ونحقق التنمية المستدامة ونجعل من هجرة الكفاءات ماضٍ، ولنغيير الواقع نحو الأفضل .