إن رفض المجتمعات المتعلقة بالجماعة لممارسة الحرية ليس لقيمتها المطلقة
و انما لان الحرية توجب المسؤولية، و المسؤولية تعني الدخول في الصراع
المباشر مع اختياراتها وقراراتها وتحمُّل نتائجها صوابا و خطأ.
إن الحرية كقيمة ممارسة تثقل كاهل رغباتنا فيغمض المجتمع عينيه لكي لا
تلمسه خوفا و جبنا مدركا، ان هذا الهروب من المسؤولية افقده قيمة الحرية
وزعزع ثقة المجتمعات التعبيرية الجماعية البنية في ذاتها و قدرة افرادها على
تحمل المسؤولية و منه ممارسة الحرية، و هذا ما عاشه الضمير الجمعي في
أن أفراد هذه المجتمعات تريد حكامها أن يكونوا أفضل منها لانهم احرار
فهم مسؤولون. هنا ينطلق اشكال اخر لهذه المجتمعات وافرادها و هو أن
اي اعتقاد بعدم ممارسة الحرية من طرفهم يكون شكلا من اشكال فقدان
المعقولية التي تدعم ثقتَهم و يحدث التوتر و تكون المساءلة التي تنطلق من
انك مسؤول في ان تتخذ القرارات الصعبة في حياة هذه المجتمعات سياسة
واقتصادا اجتماعا وثقافة، فالمسؤول أكثرَ حكمة وأقل خطأً لانه حر.
أن المجتمعات التي لا تتحرر من المخاوف القيمية كالخوف من الحرية و وجوب
المسؤولية، والخوف من المستقبل و الاحتماء بالماضي، والخوف من أفعالها
و تبعاتها، يجعلها تعيش في المجهول لا الخوف منه و تجنبه، لانه معلوم و
ممارس و كل ما يخبئه لنا هو في الحقيقة شيء نطلبه و نريده و من ثمة
نتفاعل معه.
ان البحث في توكيد المسَلَّمات، يجعل من المجتمع يستحسن الاختال بل و
حتى الضال. إن الفوز بالحرية يُشقي المجتمعات في تطلعاتها، و بالمساواة
تُصدم ذواتها لان تكلفة الحرية و ممارستها باهضة جدا على مستوى الوعي
و النقد، العيش و الفرح، السعادة و الحياة.
ان حالة الرجعية و الرِّدَّة الفكرية التي تدعو إلى حرية ضمن رحم القبيلة
او الجماعه وان يتنازل عن الحريه الممارسة ليتحمل المسؤولية غيره، او في
تجميد المجتمع القائم بين ان يكون عنيفًا او رومانسيًّا مسؤولا او حرا. هو
في الحقيقة الغاء و منع اي دينامكية اجتماعية بل ان الفعل الاجتماعي يصاب
بمنحى التحول الغير ملزم فتطالب هذه المجتمعات بالمستبد العادل تارة و
الحرية المقننة تارة أخرى، و تتناسى الشعار الاهم انت حر اذن انت مسؤول.
الحرية بين المسؤولية و الرِّدَّة
(Visited 5 times, 1 visits today)