ومن الأشعار ماينُفذ من أعظم الأخطار

ومن الأشعار ماينُفذ من أعظم الأخطار

 

حسين الصدر

 

-1-
أعظم الاخطار التي تتهدد حياة الانسان أنْ يحكم عليه بالاعدام ويساق لتنفيذ الحكم الصادر بحقه وهو في غمرة المعاناة الصعبة للرحيل عن سطح هذا الكوكب مُفارِقَاً أهله وأحبته وكل عزيز عليه …
-2-
واذا كانت الدول المتقدمة حضاريا شديدة العناية بحقوق الانسان، ولا يملك حق اصدار الحكم بالاعدام على المواطنين فيها الملوك والرؤساء وانما تحال الملفات الى القضاء وهو الجهة الوحيدة التي تملك هذه الصلاحية .
فانّ الانظمة الشمولية يكون فيها الأمر والنهي للطغاة المتسلطين على الرقاب، والذين يشيرون الى أجهزتهم القمعية، والى من ينصبونهم حُكّاما على الناس بتنفيذ أوامرهم دون ابطاء .
ويكفي أنْ تتذكر ماكان عليه حالُ العراقِ والعراقيينِ أيّام (القائد الضرورة) المقبور .
وهذا ما كان عليه الحال أيام الجبابرة الغِلاظ في العهدين الأموي والعباسي …،
وفي ظل العديد من حكّام الجَوْر في مختلف المراحل التاريخية، وفي العديد من الأقطار .
-3 –
جاء في التاريخ :
انّ الحجّاج بن يوسف الثقفي – وهو السفاح المعروف بتعطشه للدماء- تلقى من عبد الملك بن مروان أمراً بقتل رجل اسمه ( عباد بن أسلم )، وحين استدعاه الحجاج وهَمَّ بقتله قال له عباد :
” يا أمير :
أنشدكَ الله لا تقتلني، فو الله إني لأعول أربعا وعشرين أمرأة مالهن كاسب ، ولا كافل غيري ، فأمر الحجّاج باستحضارهن ، فنظر الى واحدةٍ منهن فاذا هي كأنّها البدر الزاهر فقال لها :
ما أنتِ منه ؟
قال :
أنا ابنتُه ،
ثم أنشأت تقول :
أَحجّاجُ إمّا أنْ تمنَّ بتركِهِ
علينا وإمّا أنْ تقتّلَنا معا
أَحجّاجُ لا تُفجع به إنْ قتلتَه
ثماناً وعشراً واثنتيْن وأربعا
أَحجّاجُ لا تتركْ عليه بناتَه
وخالاتِهِ يندبنه الدهرَ أجمعا
فما كان من الحجاج الاّ أنْ كتب الى عبد الملك يستوهبه (عباداً) ثم أخلى سبيله .
راجع ج3 / من طرائف الحكم ونوادر الآثار ص 125 -126
ونلاحظ هنا :
أولاً :
ان الحكاية لو كانت خالية من تسمية من أراد عبد الملك بن مروان قتله لأمكن القول بانها قد تكون من الموضوعات التي دُست في الاخبار لصالح الحجّاج، الذي ملأت أخبارُ بطشِهِ وقسوتِه وإراقتِه للدماء البريئة صفحات التاريخ، ولكنها لم تجيء بمعزل عن الاشارة الى التفاصيل التي تُورث الظن بصحتها .
ثانيا :
على الذين يستاؤون مِنْ بناتهم ألا تغيب عن ذاكرتهم أنَّ نجاتهم من الأهوال قد تكون على يد إحداهن، وهذا ما يوجب مراجعتهم لموفقهم السلبي من بناتهم .
ثالثا :
لا ينبغي لأحدٍ أنْ يزهد في الأدب عموماً وفي الشعر خصوصا ، فقد استطاع الشعر وبأبيات ثلاثه فقط أن يكون الشفيع والمُنْقِذ من الموت الزؤام .
والفلاسفة يقولون :
” حُكْمُ الأمثالِ فيما يجوز ولا يجوز واحد ”
رابعا :
اننا نسلط الأضواء على مِثْل هذه الحكايات تحريضا على الاقبال على الأدب وإعطائه ما يستحق من الاهتمام والعناية .
خامساً
انّ الأدب قد يكون المنقذ من ” البطالة ” ومن المعاناة المرّة التي يشتكي منها مَنْ يئنون مِنْ الفاقة والحرمان، وبه يكون المخرج الى فضاء أوسع.

(Visited 19 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *