سارة جاسم
هروب وانتحار وعنف أسري لفتيات من مختلف الأعمار لنجد خلف معظمهن ظاهرة تجمع كل هذه الظواهر وهي
الابتزاز الإلكتروني.
فقد ازدادت ظاهرة الابتزاز الالكتروني في العراق بشكل لافت للنظر في السنوات الأخيرة، والنساء والفتيات هُن الأكثر تعرضاً للابتزاز والتهديد الالكتروني. والتي تتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، حتى باتت تؤثر على السلم الاجتماعي .
تفاقمت هذه الظاهرة لأسباب عديدة منها بسبب ضعف العلاقة الأسرية بين الأهل والضحية المبتزة إلكترونيا ، مما شجع على تزايد هذه الظاهرة لمعرفة المبتز أن الضحية سوف تتجنب إبلاغ ذويها خوفا من التعنيف وحتى القتل، وأحيانا تضطر للهرب ويتم بعدها استغلالها لدوافع دنيئة عديدة من قبل شبكات الابتزاز والإتجار بالبشر .
كما تُعد الثقة المفرطة بالشريك او بالغرباء خلال التعارف عبر مواقع التواصل هي أغلب الأسباب الشائعة للتعرض للأبتزاز تليها اختراق الحسابات بسبب جهل الأغلبية بالحماية الرقمية وتأمين الحسابات التي يستخدمونها .
وهناك ثلاث أهداف رئيسية تقف وراء عمليات الابتزاز الالكتروني
اولاً: الهدف المادي حيث يستخدم المبتز هنا كل المحتويات وهي غالبا صور ومقاطع فيديو، التي بحوزته وتخص الضحية بهدف الحصول على المال مقابل سكوته عن نشر هذا المحتوى. وهنا يتم استخدام الأسلوب التدريجي في الابتزاز، أي تبدأ العملية بالابتزاز بصور الضحية مقابل مبلغ معين، وبعد فترة يتم التفاوض على مقاطع فيديو، ويكبر تاليا المبلغ المطلوب، وكلما كان المحتوى أخطر صار المبلغ المطلوب توفيره للمبتز أكبر.
ثانياً: الهدف الجنسي: يعتبر هذا النوع من أخطر دوافع الابتزاز الإلكتروني ومن أكثرها خسة ووضاعة، حيث يهدف من الابتزاز استغلال الضحية جسديا مقابل السكوت عن نشر صورها.
ثالثاً : الهدف الانتفاعي: يستخدم هذا النوع من التهديد والابتزاز ضد مسؤولين وصحفيين وشخصيات عامة ومعروفة في المجتمع، حيث يتم ابتزاز الضحايا هنا بنفس الطرق المستخدمة في أشكال الابتزاز الأخرى ولكن المقابل يختلف.
اما الحلول فما زالت الاجراءات والطرق بطيئة وغير مجدية مع ما يحدث من حالات ، حيث شكى الكثير من ضعف استجابة الخط الساخن للحالات كما أن الضحية تعاني في حالتين سواء ان كان معروف الهوية والخوض بأجراءات الدعوى القضائية الطويلة التي تستمر لأشهر وان كان مجهول الهوية ستكون الإجراءات هنا أطول وقد تكون مجرد رقم أضيف للحالات السابقة .
لذا نحتاج الى محاربة الأمية الرقمية والتثقيف للجميع بدأً من الأسرة وأهمية الأحتواء للأبناء و كذلك التوعية بأساسيات الأمن الرقمي والتعرف على أهم المصطلحات والتقنيات المستخدمة في هذا السياق، وكيفية حماية الأجهزة و سرية المعلومات، فضلا عن طرق حماية الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وكذلك تجنب إعطاء الثقة المطلقة لكل من نتعرف عليهم سواء في الواقع أو افتراضيا لتفادي الوقوع في مصيدة المبتزين.
كما يجب ان يكون المواطن على دراية كافية بالقوانين العراقية ومكافحة جريمة الابتزاز الالكتروني ، نظراً لكون هذا النوع من الجرائم من الجرائم الحديثة, لذا فإن القوانين التي تنظم التعامل معها تعتبر قليلة، بل ربما غير موجودة في بعض الدول.
ورغم المعدلات المتصاعدة لجرائم الابتزاز الالكتروني, لا يوجد في العراق أي قانون يخص الابتزاز الالكتروني, ويجري التعامل معها وفق قانون العقوبات رقم (111) لسنة (1969). وبحسب القانون وضمن المادة (26) من القانون,
” تكون عقوبة الابتزاز بمضمونه العام الحبس الشديد, أو البسيط من (3 أشهر إلى 5 سنوات) أو الغرامة التي تحدد من الخبير القضائي وفقاً للضرر”.
كما نصت المادة رقم (430) من قانون العقوبات العراقي على, “كل من هدد شخصاً بارتكاب جناية في حقه أو حق أحد من أفراد أسرته أو أذيته أو فضيحته بأمور مخلة بالشرف, وكان ذلك مقابل أن ينفذ المجني عليه شيئاً له, أو يجبره على الامتناع من فعل شيء, يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 7 سنوات أو بالحبس ،ويعاقب أيضاً بالعقوبة نفسها من أرسل التهديدولم يظهر عليه أسمه (هذا أكثر انتشاراً في الابتزاز الالكتروني) أو كان منسوباً إلى جماعة ما (يسجن 7 سنوات أو يحبس).
كما أود أن أشير إلى أن هناك مسمى آخر ادرج في الابتزاز الإلكتروني وهو مصطلح (الهندسة الاجتماعية) وتعتبر الطريقة الأسرع والأقوى لكسب معلومات ذات قيمة كبيرة عن الأشخاص بشكل عام، حيث يقوم المُهاجم باستخدام المعلومات القليلة التي يملكها ليكسب ثقة ضحيته، و بواسطة هذه الثقة ينتهي الأمر بالضحية أن يقدم للمُهاجم معلومات حساسة يستطيع من خلالها اكتشاف خصائص النظام.
وابرز هذه الهندسة هي التصيد الاحتيالي: وهو النوع الأكثر شيوعاً من هجوم الهندسة الاجتماعية ، حيث يقوم المهاجم بإعادة إنشاء بوابة موقع على شبكة الإنترنت أو يحصل على دعم من شركة مشهورة ويرسل الرابط للضحايا عبر رسائل البريد الإلكتروني أو المنابر الإعلامية والاجتماعية
مثل ( لقد ربحت سيارة تويوتا معنا …. انقر على الرابط )
أو (شاهد قبل الحذف فضيحة …..) الخ من التصيد واستغلال المشاعر والعواطف .
مهما تكلمنا عن هذه جريمة الابتزاز الإلكتروني و دوافعها واسبابها …نجد أنفسنا في حديث طويل والمشكلة الأكبر تبعات هذه الجريمة التي قد توصل الضحية إلى الانتحار أو القتل أو الهرب وتشتت الحياة الأسرية والفضيحة التي تعرض الضحية وذويه للأقصاء الاجتماعي وبذلك يجب أن نتوخى الحيطة والحذر بالتعامل معها سواء معنا أو مع المقربين أو الغرباء فلا أحد يستحق أن تنتهي حياته وقد نكون السبب ومشاركين من دون قصد بالجريمة .