البرلمان العراقي: مفاهيم جديدة للعلاقات العربية

البرلمان العراقي: مفاهيم جديدة للعلاقات العربية

يحاول مجلس النواب العراقي متمثاً برئاسته
الحالية أن يضع بصمته حول تثبيت مفاهيم جديدة
في العلاقة مع الدول العربية خاصة المجاورة
للعراق، وبالاخص الكويت، وما تحمله في الذاكرة
السياسية بالنسبة الى العراق من متاعب ومهالك
كانت نتيجة الغزو المشؤوم عام 1990 ، مفاهيم
وضعتها المسؤولية المشتركة في مجلس النواب
العراقي تتعلق بنسيان تجربة الماضي، وتجاوز
كل تأثيراتها السلبية على المستوى الاجتماعي،
وتخفيف وطأتها السياسية على التعاطي مع القضايا
والهموم المشتركة، ومحاولة تحقيق حدود عليا
لتفاهمات متفق عليها تصب في صالح البلدين،
وتؤسس لمستقبل آمن لحِراك سياسي يساهم بمد
جسور من الثقة المفقودة منذ عقود بين البلدين
الشقيقين والمتجاورين، ومسؤلية ترسيخ تلك
المفاهيم لا تتعلق بأداء تنفيذي لمؤسسات الدولة
بقدر تعلقها بجهة تمثل عموم الشعب العراقي،
وتعبّر عن إرادته دستورياً، وتحتضن فكرة تجاوز
تبعات الماضي شعبياً، لانها أقرب الى فهم ثقافة
الشعب وأدبياته، فا يمكن حصر تلك المهمة
-الأخلاقية – بجهات حكومية فقط دون تعزيزها
بركائز تحاكي بمقدار معين- الفهم الجمعي- لعملية
مصالحة بين شعبين يرتبطان بعلاقات إستثنائية،
وتعرضا الى زلزال عنيف ضرب عمق العلاقة وقضى
على تأريخ طويل من الشراكات السياسية والإمنية،
فضاً عن علاقات إقتصادية تمتد لاكثر من نصف
قرن من الزمان وربما أكثر قلياً.
تداخات إجتماعية لا يشابهها مثيل بين دولتين
في المنطقة والجوار الاقليمي، ولا يمكن حصرها
بجملة «علاقات إجتماعية رصينة » وكانت تنطلق
من رغبة شعبية جماعية من الطرفين العراقي
والكويتي، كانت الحكومات آنذات تتعامل معها
بإيجابية وواقعية حتى وقوع الشرخ الذي نسف
تلك الشراكات، وأثر مباشرة بمجمل العلاقات
العربية فيما بينها من جهة ومع العراق من جهة
أخرى، ولملمة هذا الحدث بحاجة الى تظافر فوق
العادة لعدة مسارات تعمل بشكل متوازي لسد كل
الثغرات التي من الممكن أن تغذي بشكل متعمد
أو غير ذلك فكرة صنع قاعدة إجتماعية مدعمة
بمؤسسات ممثلة بشكل عملي عموم الشعبين
تكون داعمة لعودة كامل العلاقات الأخوية، ودافعاً
قوياً لعودتها أيضاً مع دول الخليج التي يتباين
منسوبها بين فترة وأخرى تبعاً لشكل وسياسة
ومنهجية الحكومات المتعاقبة والظرف السياسي
والأمني في المنطقة.
التركيز على وضع تفاهمات ثابتة من قبل مجلس
النواب العراقي من خال زيارات متكررة لرئيس
المجلس محمد الحلبوسي يجعل من تلك العلاقة
غير خاضعة للظرف السياسي، وهي خطوة ذكية،
بل خطة إستراتيجية لأفق العلاقة مع الدول العربية
المجاورة مستقبلاً، وبنظرة محكمة من ناحية
التوازن الاقليمي في المنطقة وخاصة ايران وتركيا،
وتحقيق هامش كبير من المصالح المشتركة خاصة
في مجالات الملاحة البحرية، وتصريحات الجانبين
في الزيارة الاخيرة لوفد مجلس النواب العراقي
كانت تؤكد هذا المعنى بالضبط، وهو توطيد
العلاقات الاقتصادية، وهي كفيلة أن تكون عاماً
رئيساً في توسيع إمتدادات العلاقة شعبياً.
مر العراق بتجارب سيئة في بناء العلاقات مع
الخارج بمختلف الاتجاهات لان تخضع دائماً
لآيدلوجية الحاكم من الطرفين، وهذه الحقيقة
هي سبب من أسباب تأخر مسيرة الاعمار وحل
معضات الاقتصاد العراقي، وضعف الخدمات
بكافة القطاعات، فالدول تبنى بإستثمار التناقضات،
واستغلال المواقف لصالح شعوبها، ووضع
برنامج واضح وثابت لا يخضع لمعايير الشخصنة
والفئوية والانفراد هو من اشتراطات ذلك النظام،
والضامن في ذلك اليوم في ما يتعلق بالعلاقات
العربية العراقية هي السلطة التشريعية، بمدخات
جديدة على الساحة الدبلماسية الخاصة بالعلاقات
الخارجية، أماً في أن تتطور لما يعود بالمنفعة
الاقتصادية وإستمرار الاستقرار الامني.

(Visited 4 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *