.رياض الفرطوسي / المغرب
حينما تختار الفنانة التشكيلية المغربية عزيزة جمال مكانا تسكن فيه قبالة البحر فهذا يعني انها تختار لها وطنا يشبه احلامها ‘ افق مفتوح وسماء زرقاء وغيوم رمادية ونوارس بيضاء تحلق فوق الماء. الفضاء السردي لعزيزة جمال هي تلك الحواس المرهفة بالسرد الغني بالصور تستند بذلك الى لغة فنية مغايرة في الفرادة والحب والعطاء . هي نتاج بيئة تمتلء بالالوان والفن والتراث . استطاعت عزيزة وبجدارة واضحة الى ان تعكس وتعبر عن كل ما حولها بأنجازات فنية راقية مع محاولة تبسيط الاشياء والاشكال . منزلها العربي الصغير والمرفه بنافورة مياه وخلفية من القصب والاشجار هو فضائها المفتوح على البحر .تجد ان كل جماليات المكان البسيطة والعميقة تشكل حضورا من الاحداث
والتعرجات والذكريات الممتلئة بالمواقف. تأخذني عزيزة في سيارتها الفولكس فاجن السوداء على لسان البحر لنمر على المقاهي والشوارع والاحداث والارصفة والجسور والبيوت المتناثرة مع ايقاع خافت لموسيقى شرقية تصدر من مذياع السيارة كمقدمة لرحلة ليست قصيرة. اخذت تعرفني على اعمالها الفنية ولوحاتها ووجدت انها موجودة في لوحاتها والوانها اكثر مما هي موجودة في اي مكان اخر.وانت تجالسها لست بحاجة لأن تفسر الاشياء او لأن تدافع عن نفسك او لأن تجامل . بعفويتها وبساطتها تجعلك غير مضطر لتكون غير ما انت عليه . تسأل كيفما شاء لك ذلك وتجلس كما ترغب وتضحك وتبتسم كما تشتهي ‘ هذه الفنانة الشفافة فنا ووعيا حياتها لوحة فنية وشعرية ‘ مشيتها ونظرتها ولمستها ومنزلها واعدادها للطعام واناقة جلوسها يشعرانك في حقل براءة وفي طريق مزخرف بالبهاء والهواء النقي المتجدد. كل شي حقيقي الفرح والنظرة والتأمل وهكذا تتوهج الحياة وتتحول اللحظة الى سفر والصداقة الى نشوة انعتاق وخلق وابداع. حتى بدى لي ان الاشياء لا تنفصل عن بعضها البعض بحيث لا
تنفصل البساطة الانسانية عن نظافة الداخل ولا ينفصل الكرم عن بهاء الحضور. ترسم لوحاتها وتسجل سردا حكائيا يعكس روحها التي تميل للتحدي والانطلاق.تعتقد عزيزة ان الحياة فرصة كبرى للمبدع والفنان ولابد من استغلال هذه الفرصة الى اخر رمق من العطاء والعمل.قالت لي قبل ان تودعني يارياض احتاج الى الغاز كبرى في حياتي لكي استطيع ان اقدم اشياء جديدة للتشكيل والفن . الفن هو اجمل الغازي.