ميثم الخلخالي
لقد تناول سيف الظلم رقاب الكثيرين على مر التاريخ ولم يستبق منهم الا من كان يدين لهبالولاء او من حملته همته مغتربا بين الاوطان يترائى له بريق ذلك السيف المقيت في كللحظة ولحظة ولما ايقنت الدكتاتوريات عبر التاريخ ان هؤلاء قد يغيروا عليهم لذتهمبالسلطه زادت من تضييق قبضتها كلما سنحت لها الفرصه عليهم وهكذا …. ( حينها وقبلان استمر شعرت ان هنالك من يقرا كلماتي بدقة حيث انني تعودت ان اُسمع اناملي ماستكتبه هي وبالتالي اكون قد رفعت صوتي فسمعني جرجي زيدان ليوستقفني عند كلمةو((هكذا)) ليقول بنبرة اراها قد اختلفت بسلمها الموسيقي عن سابقاتها كما لوكان هنالكحديثا جديدا ؟؟
تحدث زيدان : وكان قد وضع سبابته بكتاب يقرأه لم اتمكن من قراءة الا كلمة (ضحايا ) فيعنوانه فعامل الزمن كفيل بشحوب وجوه الكتب وذوبانها .
وهل كان ذلك السيف المقيت مخصصا للسياسيين فقط ؟؟
ثم اعاد علي سؤال اخر : وهل كان سيفا واحدا ام انها سيوفا بتارة على رقاب الجريئين .
لقد كانت بركة دماء الجريئين اكثر اتساعا من دماء طلاب العروش وملذاتها ,
لم افهم حقيقة مايقصده بالضبط من تكرار كلمة جريئون ولم اعرف مبتغاه واين يريد انيصل بذلك ؟؟
لم افهم من كلامك شيءولم تقل لي من هم الجريئون الذين سالت دمائهم لتكون بركة كماوصفت؟
حينها وجدت زيدان قد اخرج سبابته من الكتاب الذي وضعه جانبا وبدأ يطرق باصبعهعلى طاولة بقربه كان الغبار قد جعلها اشبه بقطعة صحراء منقولة داخل الغرفة
اقصد بهم اصحاب الجرأة الادبية التي تعتبر الارقى في سلم الفضائل لانها نتيجةالاقتناع بالحق وصاحبها لايهاب سائر الاراء , قالها زيدان وصمت للحظات يستحضرالكلمات ليوضح انواع هذه الجرأة حينما شعر اني لم اكن قد استوعب الفكرة دون شرحفقال:
ان الجرأة الادبية انواع فمنها :
(الجرأة في سبيل الدين) فقاطعته : نعم ذلك واضح لقد قاتل المسلمون في سبيل نشرالدين وكانوا جريئين لايهابون الموت حتى استطاعوا فتح البلاد ماوراء النهر و… قاطعنيزيدان وقال ليس ذلك انما قصدت الجريئون الذين يثبتون على اعتقادهم حتى لو ادى ذلكبهم الى القتل .
لقد راح من النصرانيه الوف ومئات الالوف بسبب الاضطهادات الدينية والمعتقد وماحدثفي ديوان تفتيش المظالم في اسبانيا فحدث ولاحرج بين قتل وتعذيب .
وكذلك المسلمون الذين استشهد منهم الكثير في سبيل الجرأة الادبية في الدين وكان اولامره بين بني امية واتقياء المسلمين من الصحابة والتابعين . لم اتحمل فقاطعته وقلت : كيف يجرأؤن على ذلك اليس هم اصحاب واتباع نبي الاسلام محمد صلى الله عليه والهاليس لهم منزلتهم , قلتها وزيدان قد جمع اصابعه ليلوح لي بعلامة الصبر وبهدوء
فاجابني : نعم لان الاسلام كان في زمن الراشدين مؤسسا غلى التقوى والحق والعدل فلماقبض بنو امية على الدولة حولوه الى السياسة واعتمدوا على التغلب بالسيف والقهر ,
واضطهدوا اهل التقوى وعذبوهم فمن هؤلاء الاتقياء من فضل الموت على الرجوع عناعتقاده فظل ثابتا في قوله ومعتقده ولو خالف راي الخليفة او الامير .
استوعبت كلام زيدان دفعة واحدة حينما اخرجت موبايلي وبحثت باليوتيوب عن كلمةمقطع مقتل الشيخ حسن شحاته ياسبحان الله هذا مثال للجرأة الادبية عشته في زماني ؟؟
وبقيت استرجع المشهد بتفاصيله على الرغم من بشاعته فانتبهت ان زيدان قد الح بنظرهمستغربا على مافي يدي الذي اسرعت في اخفاءه مرتبكا من ان يوجه لي اي سؤال عنماكان في يدي فيستعصيني الجواب .
واستمر زيدان وقال : واقدم من استشهد في هذا السبيل هو ابو ذر الغفاري الذي جاهرباستقباحه جشع بني امية حيث كان معاوية عاملا لابن عفان على الشام ولم يبالي ابو ذربالقوة الغالبة واحتال معاوية في استرضاءه او تهديده فلم يبالي فأتهمه بالفتنه وكتبالى عثمان (( انك افسدت الشام على نفسك بابي ذر )) فكتب اليه (( احمله على قتب بغيروطاء )) تعذيبا له فلما وصل المدينه حاكمه عثمان فلم يرهبه سلطانه وجاهر بما يراه منطمع بني امية وخروجهم عن الحق فاخرجه الى الربذه بالعنف وظل هناك حتى مات ,
بينما توقف زيدان ليستذكر ضحية اخرى من ضحايا الجرأة في سبيل الدين تذكرت حديثاللنبي صلى الله عليه واله يقول ( ما اظلت الخضراء ولا اقلت الغبراء من ذي لهجة اصدقمن ابي ذر ) وفي حديث اخر (اوحى الله لي ان احب عليا وابي ذر وسلمان والمقداد) فتعجبت كيف يجرؤ هؤلاء على امثال ابي ذر ومن في ركبه وكيف صُمت مسامعهم عنهذه الاحاديث هل أفتت لهم السياسة بذلك ليكون حكمها فوق حكم النبي (ص) لعنها اللهوكيف لايقدمونها على حكم رسول الله وقد قتلو ريحانته على صعيد كربلاء عطشانا
لاحظني زيدان وقد امتزجت قطرة من عيني مع تراب الطاولة فقال وليس ابو ذر لوحده فهمكثر
(لايدري زيدان ان ذكر الحسين يلهب الروح حزنا واسى وهو اعظم من ثبت على موقفهولأجرأ من دافع عن الحق والمباديء)
فهذا حجر بن عدي الكندي المتوفي عام 51 هـ الذي كان يعتقد حق علي في الفضلوالخلافه وان الامويين اغتصبوها منه فلما تغلب بنو اميه حملو المسلمين على لعنه فمنهممن اطاع ومنهم من ابى واحتمل القتل من اجل ذلك .
واشهرهم حجر بن عدي حيث خاطب والي الكوفه المغيره وهو على المنبر يستغفر لعثمانويلعن علي فقال له ( انا اشهد ان من تذمون احق بالفضل ومن تزكون اولى بالذم ) فكانالمغيره يهدده ويخوفه بالخليفه حتى قبضوا عليه وكان ذلك على عهد زياد بن ابيه ومعحجر جماعة على نفس الراي والمبدا والجراة فكلفوهم لعن علي فأبو فهددوهم بالموت فلميبالو حتى ان احدهم واسمه صيفي ساله زياد ماتقول في علي قال (احسن قول ) فامربضربه حتى لصق بالارض فقال اقلعوا عنه ماقولك في علي : فقال والله لو شرحتمونيبالمواسى ماقلت فيه الا ماسمعت مني .
فقال تلعنه او لاضربن عنقك ؟؟ قال لا افعل فاوثقوه وحبسوه ثم ارسل زياد حجر وبعضجماعته لمعاويه وزورا عليهم شهادات توجب قصاصهم فلما جاؤا معاوية امر بقتلهم فقالو( اذا كنتم تبرئون من علي وتلعنونه لانقتلكم والا قتلناكم ) فقالو ( لسنا فاعلين ذلك فحفرتالقبور وجيء بالاكفان وقام حجر واصحابه يصلون عامة الليل وفي الصباح قتلوهمفرضوا بالقتل ولم يرجعوا عن رايهم في (علي )
كانت حديث زيدان اشبه بقطعة قماش تمسح عن نافذة تراكم عليها الغبار لتصبح الرؤيةخلالها ممكنة فرواسب قراءاتي السابقة لاتخلو من هكذا قصص ومواقف فتاريخنا مليءبهكذا جرائم, التفت الى زيدان بعد ان شعرت انه قد امسك عن الكلام فوجدته يخط علىغبار الطاوله وبسبابته اسم وقد كرره اكثر من مرة حتى ضاعت معالم الحروف واصبحتالطاولة مشوهة بالخطوط
فباغته بعد ان كان سارحا بعالمه الذي لم اصل اليه فالمئة عام ليست قليله
اتكتب على الغبار بعد ان جفت قراطيسك ؟ قلتها لزيدان فانتبه
قال لي لو كنت تعلم ماكتبت لجفت قراطيسك من حالها ؟ تعجبت وحاولت ان اقرا ولكني لماوفق مطلقا .
فقال زيدان : هل تعلم ماذا فعل الحجاج بن يوسف بعد واقعة الجماجم ؟ قلت لا ولكنه طاغومجرم
قال: انه الزم من بقي من رجال الاشعث ان يعترف انه كفر والا قتله فاذا شهد الاسير بينيديه بالكفر اطلقه والا قتله وكان كثيرون ينكرون قوله فيقتلهم ومنهم رجلا خثعميا معتزليافساله الحجاج ان يشهد على نفسه بالكفر فقال له الرجل بئس الرجل انا , اعبد الله ثمانينعاما ثم اشهد على نفسي بالكفر قال اذن تقتل قال وان فقتله .
وقصة سعيد بن جبير وحوادث اضطهاد الشيعة كثيرة لتفضيلهم الموت عن الخروج منطاعة لعلويين او انكار فضل علي
وقصص استشهاد المسلمين بسبب اضطهاد اهل الديانات الاخرى كثيرة والشواهد عليهاواضحه ويطول شرحها واغلبها في حروب المسلمين مع الروم او الافرنج في الاندلس
حيث ان تيودور ملكة الروم كان قد وقع بحوزتها عدة الاف من اسرى المسلمين فعرضتعليهم ان يتنصروا وكان ذلك عام 241 هـ فابى كثير منهم فقتلتهم وكذا مسلمي الاندلس لماغلب الافرنج وهمو باخراجهم عرضوا عليهم النصرانيه او الموت فاختار الموت جماعهكبيرة منهم.
اي مقياس يقيس وحشية البشر وهل يتوصل العلم لاختراع هكذا اجهزه ؟؟ قلتها وصوتزيدان يرتفع وينخفض على قدر ما اشرد بذهني لاستذكار جرائم عصرنا من المقابرالجماعية للبعثيين ومذابح فلسطين وتفجيرات الارهاب الدامية و… الخ
قال زيدان ويدخل بنفس التصنيف اكثر الانبياء والمصلحين الذين لم يتوانو عن دعوتهمحتى الموت وغيرهم كثيرون
نعم ان للدين قداسة وعظمة تستحق للمؤمن الحق الدفاع عنها مهما كان الثمن ولا انسىانني كلما طالعت اسم احدا من هؤلاء اكون قد وقفت امام جبلا شامخا بالبطولة والدفاععن قيمه واخلاقه ولايحضرني الان الكثير من اسماءهم بالوقت الذي لا استطيع ان انسىاسماء عظيمة كميثم التمار وعبد الله بن عفيف الازدي وغيرهم , قلتها وزيدان يقلب الصفحةالاخيرة من مجلته الهلال كأنه يريد ان يحدثني اكثر
اتعلم ان هناك جرأة ادبية في سبيل العلم ايضا قال زيدان
قلت له فلاتبخل علي بذلك
قال كثير من العلماء يكتشفون امور تخالف المعتقدات العامة وماتعود عليه الناسوالتصريح به يحتاج الى جرأة ادبية ولاسيما القرون الماضيه حينما كان الناس عبيدالتقاليد والاعتبارات . وعلى راس من ذهب منهم سقراط الفيلسوف حينما خالفت ارائهمصالح معاصريه فتصدوا له وحكموا عليه بالاعدام على يد الحاكم فسجن اول الامر وترددعليه محبيه ونصحوه بالفرار فقال لهم (( ااخبروني عن مكان لاموت فيه فأفر اليه ))
فسقوه بالسم واتباعه حوله يبكون فشربه دفعه واحده فمات
وكذلك غاليلو صاحب مذهب دوران الارض حيث عذبوه وسجنوه لرايه وارادو ان يغيرهفابى
بدا صوت زيدان يغيب عني بعد ان وجدته محملا بالالام من ذكرهم فالثبات على الحقوالراي لايكون مجانا ولم تكن ضريبة الدم فيه الا اول الخيارات ومن شاء فليؤمن من شاءفليكفر
وددت ان يزيدني زيدان ولكن اسفل الصفحة مكتوب الهلال سنة20 صفحة 218 فعرفت انلا زيادة
Hello! I just wish to offer you a huge thumbs up for your great info you have right here on this post. I will be returning to your blog for more soon.