اعداد ؛ صادق الصافي
إستخدم القرآن الكريم مفردة ( صيام ) للدلالة على ( الصيام الشرعي) في سبعة آيات ،واستخدم مفردة ( صوم ) بمعنى آخر في آيه واحدة فقط. و ذُكِرت مفردات ( صوم و صيام ) في كثير من الأحاديث النبوية الشريفة.
ضمن المفهوم الاسلامي ؛ شهر رمضان أحد مواسم العبادة والتقوى و الصبر ، شهر عظيم و ركن من اركان الاسلام عرفه الله تعالى بأنه شهر القرآن ( إخبار بان القرآن أُنزِلَ في شهر رمضان ) الآيه – شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، هدى للناس وبينات من الهدى و الفرقان – و تذكر المصادر التاريخية بأن فرض صيام شهر رمضان ، قد بدأ في شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة ، و عدّهُ النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) أحد اركان الاسلام الخمسة ( بني الاسلام على خمس- شهادة ان لا اله الا الله -وان محمداً رسول الله- اقامة الصلاة – إبناء الزكاة – حج بيت الله – و صيام رمضان ) .
أصل كلمة الصوم و الصيام في حالة نسبهم الى الانسان ، الامساك عن شئ، صام عن الكلام ، صام عن الطعام ، صام عن الكذب و اللغو ، لكن الصيام بحالته الشرعية حاله حال الصلاة و الصوم و الزكاة .
الفرق الجذري لغويًا بين اللفظين ( الصوم و الصيام )
الصيام ؛ الامتناع عن الطعام و الشراب وباقي المفطرات ومنها مباشرة النساء من الفجر حتى ظلام المغرب .
الصوم ؛ يخص اللسان ، الامساك عن كلام السوء والباطل وقول المعروف و الكلام الحق .
فيكون الصوم واضحاً كما ورد في الآية الكريمة ( فكلي وأشربي و قُرّي عيناً، وأما ترين من البشر احداً،فقولي اني نذرتُ للرحمن صوماً) .
وهناك حديث شريف ( كل عمل لبني آدم له، إِلا الصوم فانه لي، وانا أجزي به).
تنبغي الجمع بين الصوم والصيام في شهر رمضان ، لتكتمل حياة الانسان بالطاعة و القيم الانسانية النبيلة.
قال تعالى ( ياأيها الذين آمنوا ، كُتِبّ عليكم الصيام ، كما كتب على الذين من قبلكم ، لعلكم تتقون )( س-البقرة 183)
ان الله سبحانه وتعالى أمر المؤمنين بالصيام و خاطبهم بان هناك أُممٌ اخرى قبلكم قد سبقتكم بالصيام . و لان الاقوام بعد النبي ابراهيم ( عليه السلام ) مأمورين باتباع ابراهيم و حمل امانته ، وهناك بعض الآراء تشير الى ان ممارسة الصيام منذ عهد النبي نوح ( عليه السلام ).
ولان الصيام ماخوذ من الاقوام والامم السابقة ، فقد كانت الاقوام في الجزيرة العربية قبل الاسلام يصومون ثلاثة ايام كل شهر ( 13-14-15) واحيانا يصومون نفس هذي الايام الثلاثه التي يسمونها الايام البيض .ثم تم نسخه تعديله وفرض في عهد الاسلام بصوم شهر رمضان كله ( ايام معدودات 30 يوما ).
كانت الامم السابقة تعرف الصيام وخاصة عند الديانات السماوية التوحيدية ، و تذكر بعض المصادر ؛ ان اول من صام هو ( النبي نوح بعد ان انجاه الله من غرق الفيضان ).
كما يذكر ان سيدنا ابراهيم ع كان يصوم عن الطعام والشراب في يوم وليله كل شهر ،وكان الصابئة اتباع النبي ادريس و يحيى يصومون من الفجر حتى غروب الشمس لمده 3 ايام و بعضهم يقولون 5 ايام . وان نبي الله داود كان يصوم يوما و يفطر يوماً.
اما ما يذكر عن صيام النبي موسى كان يصوم في البداية ايام متفرقة من كل شهر ، ثم صام اربعين يوماً شكرا لعفو الله بعد حادثة العجل ( يقول الله تعالى – واذ وعدنا موسى اربعين ليلة ، ثم اتخذتم من العجل من بعده ، وانتم ظالمون ) .
وقد فرض الصيام على اليهود في اليوم العاشر من شهر السابع واليوم التاسع من شهر الثامن ، ولكنهم ( اليهود )يعتقدون بصيام يوم العاشر ( عاشوراء) ذكرى يوم نجاة نبيهم موسى من غضب الملك فرعون .
المسيح ؛ ورد ان نبي الله عيسى ، صام اربعين يوماً متتابعة ، ثم تعدل الى ثلاثين يوما ، و بعد غياب المسيح زيدت الى خمسين يوما ، بعد ان اختاروا فصلا للصيام معتدلا بين الشتاء و الصيف ( اضافوا عشرين يوما – كفاره-)
المصدر ( كتاب الريان في مفهوم الصيام بين الاديان – تاليف حمد بن عليَّ الصغبان)
وكان الصيام معروفا عند الحضارات والاقوام القديمه وعرفوا فكرة الامساك عن الاكل والشراب لينالوا بركات الآلهة و رضاها عنهم ، واعتبروها وسيلة لتطهير الذات الانسانية .
يذكر بعض الباحثين ؛ ان الصيام عند الكهنة المتدينون الفراعنة المصريين 6 ستة اسابيع في النهار و ذكر انه ثلاثين يوما يختلف كل عشرة عن الاخرى مثلا الصوم عن اللحوم وما شابهها بالعشرة الاولى و غيرها من الاعتقادات
الاغريق ؛ كان صيام الاغريق متميزا وقد وردت بعض الملاحظات في ادبيات كبار الفلاسفة انهم صوامين ( منهم سقراط -ابو قراط -هيرودوتس) كانوا ينصحون الناس بالصيام كعلاج بدل الدواء .؟
اما اتباع كونفوشيوس في الصين واليابان وكوريا كانوا يمتنعون عن الطعام والشراب خاصة في المناسبات الحزينة ومواسم العواصف و قد ذكر صيام الصينيين 27 سبعة و عشرين يوما لشكر الآلهة .
ومن البوذيين يصوم اربعة ايام كل شهر في اول يوم ظهور الهلال و يتقدمون بالاعتراف بخطاياهم للاله اطلب المغفرة ، اما كهنة البوذيين يقتدون في ( بوذا ) للوصول الى السكينة و التقشف فيصومون يوما كل اسبوع .
و يذكر عن ( الفينيقيين ) بانهم يصومون كل يوم خامس او سابع من كل شهر .
اما الهندوس اتباع الاله ( شيفا) يصومون يوم الاثنين من كل اسبوع .! ويصوم اتباع الاله ( فيشنو ) يوم الخميس من كل اسبوع .
اما السبئيين في اليمن القديم يتشابه صيامهم مع الصيام الاسلامي خاصة ( الحرّانيين ) صيامهم شهرا كاملا في السنة للتقرب الاله ( سين – اله القمر ) ويختمون الصيام بالاحتفال و الذبائح والصدقات .
السيخ في كتبهم لا يشجعون على الصيام لانهم يعتقدون بانه تعذيبا للجسم بالجوع والعطش ولا يجلب لهم الفائدة ، ويمارس السيخ الصيام احيانا لاغراض طبيه فقط .وفي حالة الاعياد للتقرب للاله .
اما الطاويه فانهم يرحبون بالصيام ويسمونه ( بيغو ) الامتناع عن الماكولات يرافقه الدعاء و الحمية و طرق خاصة للتنفس ( رياضة ترويض النفس ) و يعتبرون هذه الممارسات الرياضية من شانه الصحه و اطالة العمر ؟
صادق الصافي
كاتب عراقي مقيم في النرويج