عبد الحميد الصائح
قاعدتان يستندُ اليهما المتنازعون على إتمام جلسة برلمانية يمرر فيها رئيس الجمهورية لينطلق قطار تشكيل الحكومة المتوقف من ستة اشهر ..
الاولى هو الاحتكام لنتائج الانتخابات ولغة الارقام ومخرجات الصناديق مع الاعتبار لاحقا لاستحقاق الأطياف الوطنية التي تشكل الحكومة . أي ان الأغلبية هنا (سياسية) وفق التقاليد الأصولية للديمقراطية المعتادة . بمعنى أنّ التمايز هنا سياسيًٌ، وأن الكبار هم أصحاب الأرقام الكبيرة …
أما القاعدة الثانية فتستند الى أن الاتفاقات والتحالفات ونظام الحكم انما هو في حقيقته يقوم على مبدأ ان الطوائف والقوميات التي تعيش داخل البلد تحكمه جميعها وأنّ السياسة في العراق انما هي مجرد ( عملية سياسية ) لتنظيم هذا العقد الطوائفي الذي بني عليه نظام مابعد التاسع من نيسان عام 2003. وعليه فان تحديد الكتلة الاكبر مبدئيا محسوم وفق خارطة المكونات اولا ثم بعد ذلك الاحزاب التي هي حراك داخلي لايخرج عن حدود المكون واستحقاقه في الحكم .
فالشيعة وفق هذا المنظور هم المكون الاكبر وعليه فهم الكتلة الاكبر .. الشيعة وليس تيارا او حزبا منهم .. وكذلك الكرد والسنة العرب الخ ….
هذه هي الأرضية القلقة التي تتحرك تحت قبة البرلمان وسبب الازمة البرلمانية الحالية .. لايمكن ان يمرر رئيس الجمهورية دون موافقة الشيعة ( كل الشيعة ) ولايمكن ان يتحقق اجماع على شكل الحكومة او رئيسها او اي منصب اساسي فيها اذا لم يتم التوافق ( طوائفياً) وليس ( سياسيا ) وعليه بدا الحراك العام حتى هذه اللحظة يقاوم مبدا الاغلبية السياسية لان الحالة العراقية لم تعتده ولم تجربه ، وهو يخرج للمرة الاولى من دائرة الطائفة الى فضاء الحوار بين الاحزاب الفائزة بمعزل عن ذلك .
وينشيء في مقابل الحكم معارضة بالفاعلية ذاتها.. وهو أمر اذا ما تحقق يمثل انقلابًا واصلاحاً وتصحيحاً وتجديداً لم تبلغ العملية السياسية الرشد لتصل اليه .. أو بعبارة أوضح لم تتوفر الضمانات الكافية للمكونات التي لاتثق ببعضها لتعمل معا وفق هذا التحول.
.هذا هو جوهر العقدة التي تديرها مراكز ضامنة ابرزها المحكمة الاتحادية التي تتكفل بانشاء الخرائط وسكك ومسارات التفاهمات واختيار الشخصيات وتأويل المتحرك دستوريا بما يضمن عدم اختطاف القرار العراقي برمته من جهة دون الاخريات، وهيَ تُوازِن بدقة فريدة بين التفوق السياسي والاجماع المكوناتي كي لاتفقد الحالة العراقية سمة العمل السياسي والديمقراطي المصنوع خصيصا لها ، وفي الوقت نفسه لا يتقوض مبدأ التوافق العام لادارة البلد الذي بنيت عليه العملية السياسية موفِّرة ضمانة القوة والتأثير للطرفين سواء كانوا ثلثاً أو ثلثين.