نصير الشيخ
كاتب عراقي
ــــ روح المغامرة واكتشاف عوالم الأهوار،بيئة وانسانا وطبيعة وكائنات،،دفعت محمدارهيف ومهند السوداني طوعيا لاكتشاف هذه العوالم والعودة بصيد وفير،،صور بالغة الدهشة،اغتنت بدقة عالية حد التفاصيل..
الصور الأربع والعشرون التي بين أيدينا،هي حصيلة جولات قاما بها،لأهوار(السناف،الحويزة،)المحيطة بمحافظة ميسان…..عالم الأهوار ،هذا العمق البعيد والمستديم في الجغرافيا والتاريخ لبلاد وادي الرافدين،شكل هاجسا واصبح تحديا وارادة لهذين المصورين،حيث حمل كل منهم كاميرته {الديجتال} ،ليقتنص كل منهم ومن زاويته الخاصة،الممزوجة بوعي حاد، ماشاء لهما من صور هي حيوات وامكنة وارواح ناطقة وصامته على حد سواء تبوح بحيرتها وسؤالها المزمن…هل سيظل الماء/وهل سيمنحنا الحياة التي نريد….؟؟
رحلة المشاحيف المحملة بالقصب والبردي والحشائش،بط الماء يضرب صفحة الماء،اندماج الأفق في ساعات خارج الزمن،شباك الصيادين بحلم وفير،نساء الهورالساكنات في تلك البقعة ودورها في انتاج الحياة عملا وصبرا،وسط تحديات كبيرة،مسجلة امتداد دورها(الأمومي) تاريخيا في الحياة السومرية منذ آلاف السنين،يديها وهي تصنع خلطة ((الخريط)) المستخرج من نبات البردي،وجهها المثقل بالأسئلة والأمل وهي تعد ((الطابك))وجبة رئيسة لسكان الهور،اصابعها المزدانة بالصبر والحيرة وهي تحوك ((الحصران والصرائف)) مادتها الأولية القصب،شجر الآلهة السومري، وهناك صَبيْة تسوق الجاموس الى حياض المستنقعات المشكلة عالم الأهوار،الجاموس الأسود الذي رافق الفرد العراقي منذ اقدم الأزمنة.
زوايا التصوير،واختيار اللقطة المناسبة،والصمود بوجه المتغيرات المناخية وتحولاتها(حر شديد ،ضباب،شروق الشمس وانتظار مغيبها،معايشة الظروف اكسبتهم انوجاد السكينة والهدوء التام في تلك العوالم.
من هذه المعطيات تاتى الخطاب الجمالي للصورة الفوتوغرافية،اعتمادا على مهاراتهم،وقدرتهم على التنفيذ كما في الظل والضوء(قارب مقلوب/مهند السوداني)..السطوع والخفوت..واستخدام صيغة (raw) لنظام الكاميرا والذي يمنح الصورة تعديلا اوسع.
الفوتوغراف هذا الفن الواسع،والذي تأكد فيه قدرة المصْورين لأكتشاف عالم الأهوار،وما يختزنه من موروثات وبيئات طبيعية،مسجلين من خلال كاميرتهما الحركة اليومية للأنسان العراقي في تلك البقعة الحاضرة والمنسية في نفس الوقت.والتي هي جزء من الريف العراقي في التقاطات جسدت قدرة انسان تلك المنطقة وهو بمواجهة صعوبات الحياة،وهو يواجهها بروح متحدية..آملا في عالم مستمر اسمه،الماء.
اكتشاف متجدد لتلك العوالم،ولمس الطبيعة البكر التي لايمكن إيجادها في حياة المدن الصاخبة، السماء الزرقاء المتلونة والتي تتمرأى على صفحات الماء…انها صور منبثقة من عالم وبيئة ومكان واناس، لايمكن ان يسكننا تصورما،،،ان هذه العوالم ستندثر يوما ما بسبب شحة المياه…؟؟؟
الوعي المسبق بتنفيذ الفكرة،مع هاجس اللحظة بالتقاط الصورة،اوجدت لنا سلسلة صور فوتوغرافية حملت شحنتها التعبيرية كمشاهد مؤثرة ومكتنزة بدلالاتها، مع رؤية جمالية حاولت إيصال خطابها الثقافي والإنساني بنفس الوقت بضرورة الاهتمام بهذا العالم.