رقيق عبدالله / كاتب جزائري
إن ظاهرة العزوف الانتخابي هی ظاهرة عامة فی كل النظم السیاسیة مع اختلاف حدتهاو درجت تفاوتها، فالدیمقراطیة و فهم المواطنة بمفاهيم الوعي الخاص لا العام، كذا عدمثقة المواطن في النظام الانتخابی و ايمانه الغير راسخ بأن التغيير لا يكون بالضرورةعبر الوسائل الديمقراطية و الانتخاب أساسها فكل هذا اثر في استفحال ظاهرة العزوفالانتخابي، كما ان غياب الأحزاب في ترسيخ الوعي و مدركات العمل السياسي الفاعلالبعيد عن المكتسبات و رهانات الارقام و عدد المقاعد افقد دور هاته الاحزاب في مجملالتأثير الاجتماعي لظاهرة العزوف.
و هنا يبرز دور السلطة في مجتمعاتنا العربية و التي تراقب و لا تتفاعل مع المجتمعالمدني الذي يعي حقيقة استفادة الاحزاب بتياراتها المختلفة و حساباتها الضيقةالمعتمدة على ثبات وعائها الانتخابي سواء من التيار الإسلامي و محاولته الدائمةاللعب على زرع الخلاف الغير معلن و الإيحاء الدائم بضعف الديمقراطية، بل حتى انهيعتبرها وسيلة انية ستتغير يوم تمكينه و تمكنه من الدولة و مؤسساتها، و كذلكتصديرهم لخطاب المظلومية و التزوير، و هذا لفرض وعي عام و هو ان لا جدوى منالتصويت في حد ذاته، و هنا ينطلق العزوف الخام في وعي المواطن المستقر.
كما ان التيار الديمقراطي وقع في الحيرة المولدة للعجز فالديمقراطية و الانتخابات فينظره ليست آلية سليمة ان أفرز الصندوق غيره و مع تجاربه السابقة رضى هذا التياربالعزوف الانتخابي للحفاظ على كيانه، ففي اعتقاده ان خروج الناخب بوعي عام قديغير مجرى سير الديمقراطية و وجودها في حد ذاتها و هنا يكمن الخطر في نظره.
كما ان جملة و تنوع الدوافع و الاسباب الاقتصادیة و الاجتماعیة و الثقافیة، و دورالسلطة فی الحد من ظاهرة العزوف أو تفاقمها لا يمكن ان يهمل بل هو أساس الاشكال. فقوة الدیمقراطیة الممارسة في اي نظام سياسي يضفي شرعیة على النظام الحاکم،فالجماهير حين تفقد ثقتها بالديمقراطية هي في الحقيقة تفقد ثقتها بمن يمارسها.
كما أن زخم المشارکة الجماهیریة يتسع كلما كانت الممارسة فاعلة.
ان الاشكالية ليست في نسب المشاركة او معدلاتها مرتفعة او منخفضة، كما ان الاشكاليةليست كما يطرحها المشتغلون في الحقل السياسي بسؤال كيف ترفع النسبة و يقلالعزوف.
ان الاشكالية اعمق من ذلك بكثير و هو هل ان المجتمع انتقل من حالة الرعية الى المواطنةبارادته و تعاقده؟ وهل يعتبر ذاته مندمجا مع هذا الانتماء و الكينونة؟ ام ان الحكاية هيمجرد تحول الديمقراطية عنده الى مسمى و الانتخاب الى واجب، بيعة و امانة.
هذا هو الاشكال الذي لابد من طرحه و مناقشته، سلطة و مجتمعا لان عدم طرحه بصفتهالموجودة له تأثير على كينونة الدولة و تطلعاتها تقدمها و إرساء قواعدها.
ان الكل شريك في ظاهرة العزوف الانتخابي اذا طرحت كأرقام، معدلات و نسب و قد نهتمبها اليوم و تتبخر غدا، لكن ظاهرة العزوف الانتخابي في مجتمعاتنا العربية يجب أنتطرح بعيدا عن تلك المواعيد و أرقامها سواء رئاسية أو برلمانية او حتى بلدية يجب أنتخضع لنقاش المفهوم، الإدراك و الوعي، الامة و دولة السلطة و المواطن و منه نخلقتعاقدا كليا للمواطن المتفاعل لا المستقر مع الديمقراطية اجتماعا و سياسة ثقافة واقتصاد، او ان نخلق تعاقدا اخر لديمقراطية تشاركية تراعي المرحلة و تحدد الأولويات.
ان صناديق الانتخاب في مجتمعاتنا العربية لا تنتج الوعي الجمعي بالديمقراطية وانما تحدد و ترتب المناصب في الدولة