الكاظمي والحشد و حرف البوصلة

الكاظمي والحشد و حرف البوصلة

وسام رشيد

محاولة اختزال وقلب الصورة فيما حدث ويحدث في الصراع الدائر بين قوى الدولة واللا دولة بأنه صراع يدور بين الحشد والكاظمي هي محاولة بائسة وغير منصفة، فقوة الكاظمي تكمن في القانون وتطبيقاته وفرضه وتأثيراته، وفرصة نجاح أي حكومة تبدأ من تنفيذ إرادة السلطة وفق القانون على كل المساحات السياسية والأمنية والعسكرية، ومن هذا المنطلق الضروري لبناء الدولة ينبغي ان لا نحددها في شخص الكاظمي أو أي مسؤول آخر يتحرك لبناء سلطة الدولة وصهر كل مراكز القوى في شرعية واحدة وقرار أمني واحد.
وهنا لابد من الاشارة الى حرف بوصلة الصراع بين الكاظمي والحشد هو تفتيت الدولة ، فرئيس الوزراء مهمته الرئيسية ، الحفاظ على الامن و رسم السياسة الداخلية والخارجية ، فالصراع بين قوى النظام واللانظام ، وهو بعيد عنا يتصوره البعض، أو يخطط له .
الإستحقاق الأمني في الدولة هو ركيزة أساسية نحو الإستقرار وتفعيل النظم القانونية والدستورية في ادارة البلاد، والابتعاد عن مكاشفة الواقع الفعلي هو خلل في الادارة، وترحيل الأزمات الى المستقبل جريمة ترتكبها أي سلطة تحكم البلاد، لا بد من وضع اليد على مسببات الصراع والحديث الصريح عن ضرورات بناء الدولة والابتعاد عن تجميل الواقع الذي يشهد تخرصات مستمرة يفرضها الواقع وتكون معطلاً لاستكمال مستلزمات اقامة الدولة وأدواتها.
ونستطيع القول إن تفجير الازمات بهذا الوقت وقبيل الانتخابات اذ تتكشف الحقائق وتتوضح صورة الحاكم وأدواته تصب في مصلحة مستقبل العراق، فمناقشة وضع السلاح خارج الدولة والتزامات التشكيلات العسكرية بكل مسمياتها، وإخضاعها للسياق القانوني والاطار الذي لابد ان تكون فيه.
سياسة المحاور التي تحاول بعض الجهات جَر العراق اليها هي لعبة خطرة قد تودي بمستقبل البلاد، لانها قد تصلح في دول ذات استقرار سياسي وأمني، والهدف منها تكامل إقتصادي يعزز مسيرة البناء والاعمار، وعادة ما تعبّر عن إجماع وطني يصب في صالح الجميع، وإبعاد العراق هو استحقاق سياسي يجب على الحكومة ان تلتزم به من خلال ادراك ما يدور في المنطقة من مشكلات وتجاذبات تخدم دول المحيط لكنها تؤذي واقع العراق وتزيد من معاناة شعبه.

الدولة هي الجهة الوحيدة المخولة باحتكار العنف واستخدامه لفرض القانون واحلال الامن والاستقرار، ومن يتعارض مع هذا المبدأ سيكون مساهماً في تقويض الاستقرار، وفرض ارادة فردية تعبر عن سياسة او توجه واحد يخل بالقانون.
وكما لا يمكن اختزال صراع الدولة واللادولة بالسلاح فقط ،،بل هو اكبر من ذلك بكثير ، و يشمل جميع الانتهاكات التي يتعرض لها العراق ، بدءً باللجان الاقتصادية للاحزاب والحركات الطفيلية التي تمتص طاقة وثروات البلاد لصالحها الشخصي والفئوي والحزبي، مروراً ببيع المناصب والدرجات الخاصة و صولاً الى بناء الكيانات الموازية وسوء الادارة والتخطيط وحرف مسارات العدل وتشضية عناصر الوحدة الوطنية وضرب مقومات الامن وسلاح العشائر المنفلت في الوسط والجنوب، كل هذه تضعف من هيبة الدولة وتضرب مقومات احلال ادواتها، ومن هنا لا بد من تفعيل عمل مؤسسات الدولة المختصة في مكافحة الفساد وضرب المتجاوزين على المال العام، بالتزامن مع دعم وتثبيت قواعد الامن وحصر السلاح بيد الدولة وأياديها الامينة.
تدعيم التجارب المدنية خصوصاً في المناطق التي شهدت اعماراً للبنى التحتية والخدمات بفترة قياسية هو عامل مشجع للامن والاستقرار والسلم المجتمعي، ويدعوا الى الثقة أيضاً بافرازات العملية السياسية، فليس من المنطق ان يتم تجريف كل مساحات العمل العام والسياسي وتعريضها للتسقيط والنقد السياسي لاغراض انتخابية وبدوافع منافسة وملىء لفراغات تسببت بها الجهات التي ترفع اصواتها الان لخلط الاوراق وتشتيت اذهان الناس بما يخدم توجهاتهم وضمن خطة استدراج الناخب في مرحلة عصيبة من تاريخ العراق.

 

(Visited 103 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *