مستقبل البلاد في ظل الاقتصاد وعلاقته بالمشاعر المحلية

مستقبل البلاد في ظل الاقتصاد وعلاقته بالمشاعر المحلية

يمكن تعريف المشاعر المحلية انها تلك العواطف
التي ينساق لها الانسان نحو الاعتزاز بموقعه
المحلي وجغرافيته المميزة له، كان يكون قرية
او محافظة وهكذا، ان تنامي هذه المشاعر ليست
بالامر السيء على الاطاق حيث تساهم هذه
المشاعر في احياء تلك الوحدة الادارية او الرقعة
الجغرافية كما تزيد هذه المشاعر من الرغبة
في الدفاع عنها بل والاستماتة من اجلها اذا ما
لزم الامر، كما يمكن توجيه هذه الصفة في
اعمار واعادة اعمار هذه الرقع الجغرافية الزاخرة
بمواطنيها المميزين بالمشاعر المحلية.
هناك عدة امور وحيثيات تساهم في تعزيز
وتنامي المشاعر المحلية والتي من الممكن ان
نذكر اهمها :
اولا:ً الجغرافية المميزة لتلك الرقعة و التي
تنعكس بالضرورة على طبيعة العيش والكثير
من السلوكيات المجتمعية.
ثانياً: الانتماء المجتمعي للمواطنين في تلك
الرقعة ونقصد به القومية ، الدين والمدارس
الفقهية ، الامتداد العشائري .
ثالثاً: طبيعة تواجد الموارد الطبيعية والامكانية
الاقتصادية للرقعة الجغرافية .
رابعاً: المخاوف و المصالح المشتركة .
كل هذا النقاط اعاه او غالبيتها تساهم في نمو
المشاعر المحلية وتؤدي في كثير من الاحيان
الى اختناقات مجتمعية ومناكفات مدنية تظهر
على السطح مع اي ضعف او اخفاق في قمة
الهرم لاي دولة ذلك ان المشاعر المحلية وتحديد
الحدود الملموسة موجودة ضمن كينونة الانسان
فلايمكن الغاءها او تجاهلها، عليه تعمل الدول
التي لا تريد لهكذا مشاعر ان تطغى على اولويات
ادارة الدولة و ديمومة وحدتها تعمل على تأطير
هذه المشاعر وتقنين افرازاتها الجانبية من
خال اجراءات ادارية متمثلة باعطاء صلاحيات
للحكومات المحلية في الدول ذات المستويات
الادارية المتعددة والمحتوية على انتماءات محلية
متعددة )ويبدو جلياً ان المشرع العراقي كان واعياً
لهذا الموضوع الحيوي وعليه تم العمل في
الدستور العراقي على الادارة المتعددة المستويات
من الفدرالية واللامركزية بشكل رئيسي، حيث ان
اللامركزية الادارية في المحافظات تساهم في
ادامة وحدة الباد وفي نفس الوقت تساهم
في نماء المشاعر المحلية وتسخير هذه المشاعر
في المحافظة على وحدة الباد وتقديم افضل
الجهود في محافظاتهم كرقع جغرافية مميزة (،
وتنحى الدول المركزية الى تأطير هذه المشاعر
من خال تشجيع الممارسات المجتمعية كانشاء
الفرق الرياضية المحلية في كل وحدة ادارية
مما يساهم في عملية )تنفيس( للمشاعر المحلية
من خال تشجيع كل مجموعة مجتمعية لفرقهم
الرياضية، كذلك تشجيع الاعياد والمناسبات
المحلية والتي تساهم ايضا في اطاق تلك
المشاعر كنوع اخر من التأطير للحيلولة دون تغير
نظام ادارة الدولة وعدم ضياع مركزيتها.
طغيان المشاعر.ان طغيان المشاعر المحلية
سوف تؤثر على غالبية مسارات الدولة ومفاصل
الحياة ذلك ان هذه المشاعر سوف تدخل نفق
المساومة والمنافسة وبكلتا الحالتين سيكون
هناك خسائر غير محسوبة وذات نهايات مفتوحة
غير قابلة للتخمين، فلو اخذنا المساومة فهذه
تعني خضوع اصحاب المشاعر الى عملية ربح
وخسارة لمشاعرهم امام ما يعتقد بانه قيادات
عليا، ولو اخذنا المنافسة فهذه تعني طغيان
طرف على طرف اخر والاستئثار بالمغانم في
صالح التنافس ليكون هناك اختناق مجتمعي
مخيف.
اسباب طغيان المشاعر.ان استمرار الاحباطات
والتعثرات في دولة ما بصورة عامة وايضاً
عدم بلورة اسلوب الادارة فيها ، مع عدم تمييز
الخصوصية المحلية لكل ادارة من جانب، ومن
جانب اخر نمو حالة الاحساس بعدم المساوات
المجتمعية وتأشير حالات غير متساوية للتوزيع
المادي واختال المستوى الاقتصادي، فكل ما
ذكر انفاً سوف يساهم في طغيان المشاعر
المحلية والتي سوف تؤثر بالضرورة على اغلب
مفاصل تلك الدولة والسياقات الحكومية لها
لتكون النتيجة الحتمية انهيار منظومة الدولة
ذات التوجه المركزي وتوجيه دفة الدولة نحو
اساليب ادارية اخرى كرد فعل قد يكون ادناه
الفدرالية في كل زاوية من زوايا الدولة وصولاً
الى بعثرة الدولة كأعلى احتمال في حالة الاخفاق
في الحفاظ على رؤية ادارية معينة.
علاقة الاقتصاد بالمشاعر المحلية.ان العامل
الاقتصادي يؤثر على كل جزئيات الحياة بل
ويتعدى ذلك الى تأثيراته في المشاعر الانسانية
بصورة مباشرة او غير مباشرة فنجد ان التقلبات
الاقتصادية لاي بلد سوف تنعكس مباشرة على
التخندقات المحلية و المقاطعات الجغرافية )العراق
كدولة غير مستثنى عن ذلك(، حيث ان الاقتصاد
يؤشَّر بالرفاهية الاجتماعية والسلوكيات البشرية
في التبادلات المادية والانتاج والاستهلاك وعلى
هذا الاساس فان وجود الخلل الاقتصادي في
المنظور الافقي للدولة العراقية سوف يساهم
بصورة لا تقبل الشك في نمو المشاعر المحلية
وطغيانها على المد الوطني، كمثال لا على الحصر
هي تلك الاختالات الاقتصادية الموجودة في
الباد والممثلة بمديونية الاقليم والمحافظات مع
حكومة المركز، كذلك وجود مؤشرات لدى بعض
القيادات المحلية ) حسب وجهة نظرهم( بعدم
الانصاف في الانتاج النفطي وعائدات هذا الانتاج،
وكمثال اخر على مستوى مجتمعي هي منظومة
الرواتب الحكومية والتي اي تأخير فيها تؤشَّر
كخلل تنعكس على جميع مؤشرات الحياة اليومية
في الباد مما يزيد الحنق بالضد من الدولة
كمركز اداري وتشجع تنامي المشاعر المحلية .
طبعا ان الجدلية الاقتصادية في الباد مستمرة
منذ سنوات لكن ما يميز هذه الفترة هي ما
مرت وتمر به الباد من التحديات الدولية
والاقليمية والاختناقات الداخلية والتظاهرات
المطلبية ومشروع الموازنة لهذه السنة وقرب
الانتخابات النيابية، جميع هذه المتغيرات تصب
في المعادلة الاقتصادية الحالية والتي سوف تؤثر
بصورة مباشرة على نمو المشاعر المحلية وعملقة
هذه المشاعر مما يوجب على القائمين على
الامر العمل المستمر في تهدئة الاجواء وتكريس
اللامركزية والنمو الاقتصاد المحلي، فالباد امام
هكذا نمو للمشاعر المحلية )مع زيادة الحنق على
المركز ( وفي هذه الاجواء المضطربة فانها سوف
تنسدل رويداً رويدا نحو نظم ادارية اخرى قد
تكون الفدرالية العمومية احدى حلولها المخمنة،
بغير ذلك فاننا سوف نشاهد في قادم الاشهر
ان الباد امام خطوة استباقية في فلسفة ادارته
في احتمالين احلاهما مر فالدولة من حيث لا
تدري قد تميل نحو التمركز للسلطة في هدف
ادامة الاستقرار وليس الاستئثار بالسلطة وسوف
تتجه المشاعر المحلية بعكس تلك و تنحو باتجاه
شعارات الفدرالية بل والكونفدرالية ليكون البلاد
امام مفترق الطريق في ظل منظومة )ادارية
سياسية( جديدة .

(Visited 4 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *