بين النص والعقل .. د. عبد الله رقيق

بين النص والعقل .. د. عبد الله رقيق

د. عبد الله رقيق

كاتب جزائري

ان تصالح الذاكرة المركزية للعقل العربي مع اللاعقلانية ورفض الاستدلال المنطقي في قضاياه هو فيالحقيقة نتاج مؤسس لتغييب هذا العقل، ان برتراند راسل حين قال ان هناك دافع يجعل الناس اذا كانولا عقلانيين بدرجة كافية،فقد تستطيع ان تحملهم عن خدمة مصالحك وهم يتوهمون أنهم يخدمونمصالحهم. انه عندما يغيب العقل يغيب الوعي. لقد تم عبر التاريخ وتكوين التراث احداث تصادم بينالنص والعقل عبر مؤسسات السلطة السياسية و ذراعها الديني، فكان للمعتزلة العقل والمأمون ناصرهم،وكان للأشاعرة النص والمتوكل اداتهم .ان فرض عقيدة المعتزلة بالقوة وفهمها للنص وفق المجاز منخلق الافعال الى العدل الالهي ،اسقطها في الرفض المقدس للذاكرة الثقافية العربية عبر التاريخوتحولت من فكرة مدافعة عن العقل الى تهمة للتجريم الاجتماعي والانتماء السياسي ، كما ان ظهورفكرة اهل السنة والجماعة في عهد المتوكل عبر الأشاعرة فوُظفت العقائد سياسيا وانطلقوا من ان النصالقراني وحدة متماسكة يخضع لازلية اللوح المحفوظ، و لم يدركوا انه لا يمكن ان يوجد نص ينتج دلالتةالا في السياق الثقافي الذي نزل فيه، والثقافة هي الوعي الاجتماعي العام وانه لا يمكننا ان نغير الواقعخارج معطياته.ان ايات الجواري والعبيد مثلا يجب ان تكون وفق صياغ راهنها وبناء تصورات عليها فيمستقبل الاحداث ،ان عدم فهم النسق الدلالي للمعنى اوجد الإشكال،كما ان التأويل والتاويل المضاد مننفس النص لم ينتج لنا تفعيل للمنهج العقلي او انتاج احكام، فمثلا قال تعالىوقرن في بيوتكنالاحزابالاية 33 :اعتبر ابن باز ان خروج المرأة للعمل يعتبر زنا لانها تغادر مملكتها و يحدث الاختلاط ،وهذا تأويلوالتاويل المضاد ما طرحه فهمي هويدي حين قال ان هذه الاية خاصة لنساء الرسول صلى الله عليهوسلم. ولكنهم رغم السجال في الخاص والعام فما تأويل ما قامت به امنا السيدة عائشة وخروجها فيمعركة الجمل .اذا هل هو حكم انتهى مع وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ام ان السيدة عائشة رضى اللهعنها خالفت أمرا ديني؟!!كما ان التوسيع الدلالي للمعنى افقد العقل ادركاته ،فمثلا الحكم بينالمتخاصمين تحول الى الحاكمية والسلطة .ان النص القراني نص وخطاب فمحمد اركون حين تحدثعن النسخة النهائية للنص القراني كان يطرح قضية مغيبة و إن اوقفها وهي المعنى الخطابي للقرانالكريم .انه ومما تم طرحه من توظيف سياسي للنص التأويل والتأويل المضاد وعدم مراعاة سياق النزولالثقافي والوعي الاجتماعي العام ،كما ان التوسيع الدلالي للمعنى وتبني القراءة السلطوية للنص خلقصدام مفتعل ،ان الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في رده المعروف على الخوارج حين قالوا: “لاحكم إلا للهفقال: “القرآن بين دفتي المصحف لا ينطق وإنما يتكلم به الرجال”. والدلالة إن عقل الرجالومستوى معرفتهم وفهمهم هو الذي يحدد الدلالة ويصوغ المعنى. وهذا كله ينفي وجود تصادم بينالعقل والنص، وإنما بين العقل وسلطة النصوص؛ وذلك أنه حين تتحول النصوص إلى سلطة مطلقةومرجعية شاملة تتضاءل سلطة العقل. وفي تضاؤل سلطة العقل يفقد فاعليته. والنصوص في هذهالحالة تصبح مملوكة ملكية خاصة لمؤسسة الحكم التي تمارس هيمنتها باسم النصوص. وهكذا تتكرسشمولية تأويلاتهم واجتهاداتهم، فيصبح الخلاف معها كفراً وإلحاداً وزندقة وهي الصفات التي أُلصِقَتبكل اجتهادات التاريخ ومذاهبه. ان سلطة النصوص المطلقة اوقعت العقل والنص ذاته في اشكاليةالتوسيع الدلالي للمعنى و اخذت الايات في غير سياقها وفق متطلبات ولي الامر و ولي عهده، و فقدالعقل فاعليته التى اداتها الحرية وفق حقيقة مدركة.

حقيقة ان و جه الحقيقة ما عليه نقاب …….يتبع

(Visited 6 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *