لم يعد يمر يومٌ ، بل ساعة، إلا ونسمع عن فاجعة جديدة بحادث
سير هنا أو هناك ، طرق الموت في العراق كثيرة وموزعة بعدالة على
المحافظات كافة وأقضيتها ، فليس هناك محافظة أو قضاء في العراق
إلا وفيه طريق موت واحد على الأقل ، إحصاءات ضحايا هذه الطرق
أكثر من ضحايا الإرهاب والجريمة وفايروس كورونا ، عوائل بكاملها
ذهبت ضحية طرق الموت ، هذه المصيبة ليست وليدة اليوم، بل هي
مشكلة مستعصية لم تلقَ أي اهتمام من لدن الحكومات المتعاقبة
على حكم العراق ، رغم المناشدات ورغم الإحصاءات المفجعة فليس
هنالك من يسمع ، بل توجد شبهات فساد باستغلال هذه المشكلة
الكبيرة من قبل الفاسدين كما، هي الحال في المشاريع الأخرى.
في موازنة 2020 خصص مبلغ 20 مليار دينار لصيانة بعض من طرق
الموت وهي ) ديوانية – سماوة ، عمارة – الفجر ، كوت – شوملي ،
ناصرية – سيد دخيل ، الاصاح – ناصرية ، بطحاء – سماوة ، الخالص –
حمرين ، ديالى – كلار ، المشخاب – السماوة )شارع ابو نجم( ، الديوانية
- مفرق غماس حتى الكفل ال بدير – الديوانية ، موصل – بغداد ،
فلوجة – كرباء )الانبار( ، النخيب – كرباء ، ولا أحد يعرف الى الآن أين
ذهبت هذه الأموال ، وزيادة على ذلك فإن المبالغ المستحصلة من
المواطنين في معامات المرور بلغت فقط في العامين 2018 و 2019
أكثر من سبعة مليارات دينار والمقررة في الموازنة لصيانة الطرق
والجسور حسب المادة ) 2 ( من قانون فرض رسوم على المركبات
رقم ) 40 ( لسنة 2015 ، والتي نصت على استيفاء هذه الرسوم من
المواطنين وتوزيعها على وزارة الإسكان لصيانة الطرق ، وبحسب كتاب
دائرة المحاسبة في وزارة المالية العدد ) 4464 ( بتاريخ 2019 / 7/ 1 فإن
المبالغ المستحصلة بلغ ثلاثة مليارات وسبعة وتسعين مليوناً وخمسين
الف دينار لسنة 2018 ، أما سنة 2019 فقد بلغ المبلغ اربعة مليارات
وتسعمائة مليون دينار ، وايضاً لا أحد يعرف اين ذهبت هذه الأموال
، بالتأكيد ان هناك اسباباً اخرى غير رداءة الطرق وازدحامها ،وهي
ايضاً تقع على عاتق الحكومة ، منها عدم مراقبة الطرق من حيث
نصب الكامرات او الدوريات الراجلة لمراقبة ومحاسبة اصحاب المركبات
الذين يقودون مركباتهم بسرع جنونية، وكذلك قيادة المركبات ممن
لايمتلكون رخص القيادة ، اسباب عديدة، أدت ومازالت، الى خسائر
فادحة بأرواح المواطنين بسبب عدم اهتمام الحكومة المركزية
والحكومات المحلية بهذا الأمر ، فقط جدول 2019 يبين ان هناك
خسائر فضيعة بسبب حوادث السيارات على طرق الموت هذه ) بلغ
عدد الحوادث 10753 حادثاً ، منها 2629 حادثاً مميتاً ، مقابل 9852
في سنة 2018 ، عدد الوفيات لسنة 2019 فقط ، 2636 وفاة ، 1429
متزوجاً ، 754 أعزب ، 298 طفاً ، 37 أرمل ، 28 مطلقاً ( ، هذه الأعداد
الكبيرة وهذه الفواجع لم تلقَ أي أهتمام يذكر ولم تكن حتى ضمن
عمل وبرامج البرلمان ولا الحكومة ولا حتى منظمات المجتمع المدني
أو المنظمات الدولية ولم يتحدث عن آثارها الكارثية المستمرة أحد ،
لافتات الموت المنتشرة على حيطان الشوارع في المدن وحدها تتحدث
عن هذه الكوارث.