فلنتاين

فلنتاين

تقول الأم تيريزا : « اكتشفت التناقض بأنك عندما تُحِب حد الألم
وواصلت الحب لن يكون هناك مزيد من الألم وإنما مزيد من الحب »
إن المجتمعات التي تُشيع ثقافة الحب والتسامح دائماً ماتكون مجتمعات
هادئة ومسترخية ومنتجة في الوقت نفسه على عكس المجتمعات التي
تسود فيها التفرقة والحقد والتمييز والتي عادةً ماتتعرّض للصراعات
والفوضى وعدم الاستقرار ، يخطئ بعض الناس عندما يختصر الحب
بحبيبين الرجل والمرأة ، والحقيقة ان الحب أوسع واشمل من ذلك ،
الأيمان بالحب وبثقافة الحب يجعلك تحب من حولك بصورة عامة ،
كل من حولك من بشرٍ وحيواناتٍ وحتى الأماكن ، الحب ثقافة وإيمان
ومشاعر واحاسيس تجعلك تشعر بالراحة والطمئنينة والثقة ومن ثم
الإبداع والإنتاج والتألق.
عيد الحب او مايسمى ب ) فلنتاين ( ليس إلا تحديد يوم لإشاعة ثقافة
الحب بين الناس فمن المفترض ان تكون كل الأيام اعياداً للحب
والسماحة حين تسود بين الناس ، لقد ركزت الكتب والتعاليم الدينية
في جميع الديانات السماوية على اشاعة ثقافة الحب في التعامل
بين الرب وعباده وبين العباد وربهم ، حتى ان الله جلّ جلاله لم
يجد اعظم من لقبٍ يمنحه الى رسوله وخاتم انبياءه غير الحبيب ،
وقد خاطب سبحانه وتعالى عباده في مواضع كثيرة بكلمات الحب
، وحدها سورة البقرة بثمانية عشر مرة ذكر فيها الحب ومشتقاته
واربعة عشر مرة في سورة آل عمران وهكذا في أغلب السور القرآنية
الأخرى ، ) الله يحب المحسنين ، الله يحب المقسطين ، الله لا يحب
المعتدين ، الله لا يحب كل مختالٍ فخور ، الله لا يحب الخائنين ، الله لا
يحب المفسدين ، الله لا يحب الظالمين ( وهكذا في كثير من الآيات ،
وكذلك في الأحاديث النبوية الشريفة ) وَالذي نَفسي بِيدِهِ، لا تَدخلونَ
الجنةَ حتى تُؤمِنُوا، ولا تُؤمِنوا حتى تَحابُّوا ( ومن مثل هذه الأحاديث
النبوية الكثير ، في الديانات السماوية الأخرى لم يكن الأمر يختلف
عن الإسام بالدعوة الى الحب والتسامح ، في التوراة وفي «نشيد
الإنشاد » مثاً قصة الفتاة البدوية وهي تقول ) إذا أعطى الإنسان كل
ما في بيته من ثروة بدلً فإن الحب يحتقر هذه الثروة احتقارًا ( ،
وقول النبي عيسى عليه السام في الإنجيل «بِهَذَا يَعْرِفُ ألْجَمِيعُ أَنَّكُمْ
تَلَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضًا لِبَعْضٍ » )يوحنَّا 13 : 35 ( ، وهكذا
الأمر عند الديانات الأخرى ، ليس للبشرِ خيار آخر إن أرادوا العيش
بسامٍ وطمأنينة إلا ان يتحابوا ويتسامحوا فيما بينهم وينبذوا كل
دواعي ومسببات التفرقة والكراهية والحقد والتي لن تكون نتائجها إلا
الصراعات والحروب والدمار والمزيد من الضحايا من القتلى والأرامل
والأيتام والمشردين وهذا مايحصل الآن للأسف في كثيرٍ من الدول
التي تحتاج الى لغة وثقافة الحب والتسامح لتخرج من هذا الدمار
والفوضى.
بلدنا العراق الحبيب أحوج ما يكون في هذا الوقت الى إشاعة ثقافة
الحب والتسامح ونبذ التفرقة والتمييز التي لم تنتج غير الدمار والفساد
والفوضى ، ليس هنالك خيار غير الحب لمن أراد ان يعيش بسام ، وكما
قال نجيب محفوظ ’’ أما المصائب فلنصمد لها بالحب ، وسنقهرها به،
الحب أشفى عاج ، وفي مطاوي المصائب ، تكمن السعادة كفصوص
الماس في بطون المناجم الصخرية ، فلنلقن أنفسنا حكمة الحب“ .

(Visited 4 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *