الجيل المنتظر / محمد عبد الجبار الشبوط

الجيل المنتظر / محمد عبد الجبار الشبوط

محمد عبد الجبار الشبوط

مرت ٢١ سنة منذ سقوط النظام البعثي المتخلف كانت تكفي لتخريج اول جيل من الشباب الذين تربوا فيكنف النظام الديمقراطي البرلماني الاتحادي الجديد في العراق حسب الدورة الدراسية المعمول بها فيمراحلها الاربع: الابتدائية، المتوسطة، الاعدادية، واخيرا الجامعية: ٦+٣+٣+٤=١٦ سنة.

لكن هذا لم يحصل.

لاسباب كثيرة، اولها واهمها ان الطبقة السياسية التي تولت زمام الامور منذ تشكيل مجلس الحكم فيعام ٢٠٠٣ الى اليوم لم تضع نصب اعينها تربية جيل جديد مفارق لافكار النظام السابق (الدكتاتوري،الشوفيني، القمعي الخ) ومتشبع بافكار النظام الجديد (الديمقراطي الخ). بامكانك ان تضع اسبابا اخرى،لكن السبب الذي ذكرته توا يكفي لتفسير هذا الامر الغريب. ولماذا اصفه بالغريب؟ لاننا نعرف، ومنذحمورابي ، (سادِس مُلوك السُلالة البابلية الأولى وأول مُلوك الإمبراطورية البابلية، والذي حكم قرابة 42 عاماً بين 1792 – 1750 قَبلَ الميلاد)، مرورا بالثورة الفرنسية لعام ١٧٨٩، وليس انتهاء بالنظام الصدامينفسه (١٩٦٨٢٠٠٣)، حيث تولي الانظمة السياسية اهمية خاصة لتنشئة الاطفال تنشئة سياسية تنسجممع متبنياتها الفكرية والسياسية. لم تفعل الطبقة السياسية ذلك، فبقي الجيل الذي نشأ في ظلها تائهاتتقاذفه الامواج التي رأينا بعض نماذجها واثارها في بعض حفلات التخرج.

نبهت على هذه المسألة في وقت مبكر في احدى افتتاحيات صحيفةالصباحالتي كنت رئيس تحريرها،ودعوت الحكومة، بل الحكومات المتعاقبة وصولا الى الحكومة الحالية، الى تبني نظام تربوي حضاريحديث يضمن تخريج جيل جديد من المواطنين الفعالين الذين يؤمنون بالدولة الديمقراطية الحضاريةالحديثة، ويفهمون الدين فهما حضاريا، ويكونون مؤهلين لدخول معترك الحياة بعد التخرج بهذهالصفة. ووضعت الخطوط العريضة لهذا النظام التربوي الحضاري الحديث وارسلتها الى اغلب من تولوامنصب رئاسة مجلس الوزراء، ولكن للاسف كانت الاستجابة معدومة او غير كافية وبقي طلابنا الاعزاءدون اهتمام جدي من لدن الطبقة السياسية الحاكمة، ودون تنشئة سياسية حضارية حديثة. والى ذلكاعزو الكثير من المظاهر السلبية المستجدة في المجتمع العراقي التي لا يمكن علاجها الى بالعودة الىمهد المسألة وهي المدرسة. ففي المدرسة ينشأ الجيل الجديد المحصن من الامراض الاجتماعية .

وفي الافكار التي طرحتها في سياق النظام التربوي الحضاري الحديث قلت ان ذلك يتضمن جانبين: hardware و software . الاول يعني الجوانب المادية من العملية التربوية وفي مقدمتها المبانيالمدرسية وتأثيثها وطباعة الكتب المدرسية وبقية اللوازم، والثاني يعني محتوى المنهج الدراسي فيمختلف الحقول وليس فقط مادة الاخلاق. وانما خصصت مادة الاخلاق بالذكر لأنني سمعت ان وزارةالتربية عازمة على ادخالها في مقررات المدارس الابتدائية والمتوسطة و الثانوية. وهذه خطوة مبتورةوان بدت جميلة، لان النظام التربوي الحضاري الحديث لا يقتصر على مادة الاخلاق.

مرت ٢١ عاما. ومع ذلك لم يفت الوقت بعد. ما زال لدينا الكثير من الوقت. ولذا اجدد الدعوة الى مشروعالنظام التربوي الحضاري الحديث. وكما قلت في مقالات سابقة فان ذلك يتطلب تشكل اللجنة الدائمة اوالمجلس الاعلى للتربية الذي يأخذ على عاتقه قيادة العملية للتربوية في ضوء النظام التربوي الحضاريآلحديث. وكما شرحت في مقالات سابقة فاني افضل ان تكون عضوية هذا المجلس دائمية وتطوعيةبحيث لا يشغل اعضاؤه درجات وظيفية في الدولة ولا يتقاضون رواتب مقابل عضويتهم في المجلس اواللجنة. وان تكون عضوية المجلس خارج نطاق المساومات السياسية والمحاصصات الحزبية والعرقيةوالمذهبية، وخارج التشكيلة الحكومية حتى لا تذهب بذهاب الحكومة.  واذا تبنت الدولة هذه الدعوةفمن الممكن الشروع بتنفيذها اعتبارا من العام الدراسي ٢٠٢٥٢٠٢٦.

(Visited 5 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *