في زخم الحياه وسرعتها اصبح النسيان شيئا دارجا بين الناس فالكل يشكو من عدم تذكره لاشياء مهمه،والكل ينعت نفسه بالمصاب بالزهايمر ولا يكاد يمر يوما دون ان ياتيني احدهم الى العياده ليشكوا من النسيان فهذا يشكو نسيانه المكان الذي اوقف فيه سيارته واضطراره الى اللف والدوران لوقت طويل ليجد اخيرا سيارته في مكان استغرب اصلا انه وضعها فيه، وهذه تشكو من نسيانها مهاما عديده في عملها مما سبب لها مشاكل مع مديرها والاخر يشكو لي نسيانه رقم هاتفه عندما طلب منه في اجتماع فاصابه الاحراج وهو يحاول عصر ذاكرته لتخرج له الارقام وكانها تتذكر رقم غريب عنها و يقولون بأن ذاكرتهم أصبحت “ذاكرة السمكة” و هو وصف يوصف به كل من لديه ذاكرة ضعيفة جدا حيث
ذكرت بعض الدراسات
بأن ذاكرة بعض أنواع السمك لا تتجاوز بضع ثوان فتجدها تأكل الطعم وبعد بضع ثوان فقط تنسى فتعود إلى نفس الطعم من جديد وهذه حكمة الله في خلقه فلو كانت السمكة تتذكر مثلنا ، لما استطعنا صيدها و لما كان لنا في أكلها نصيب و لو كنا نحن بني البشر لدينا ذاكرة السمكة لما استطعنا ان نعيش حياتنا براحة و لاصبحت أمورنا كلها مبعثرة و مشتتة فالحمد لله على نعمة التذكر و لكن، في رقعة ما من عالمنا العربي الجميل، قرر البعض أن يعيش بذاكرة السمكة طوعا و ليس كراها، كيف لا وقد قرر أبناء العرب أن يتناسو ما حدث وما يحدث في غزه وكأن الذي حدث لم يكن حقيقة أوجعتنا وأبكتنا جميعا و أرقتنا ليالي وأدمعت اعيننا وعصرت قلوبنا ألما على مشاهد هي الأبشع على الإطلاق في تاريخ جرائم البشرية.. العالم العربي عاد لإحتفالاته وتظاهراته ومهرجاناته وحفلاته ورقصاته وضحكاته وأسدل ستارة ذاكرته عن مسيراته وإحتجاجاته وتنديداته بل إن هناك من صار يطلق المهرجانات الواحد تلو الاخر ليدعو فيها الخائن والمطبع فعلا لا يوجد اضعف ولا اقصر من ذاكره عالمنا العربي والتي تفوقت في ضعفها ونسيانها على ذاكرة السمكه و إبتلعت طعم الغرب في خنوع يندى له الجبين و في موقف يتكرر. وحتى لا نضع الجميع في نهر واحد نهر النسيان مع السمك الغافل والمطبع والبائع لذمته والملمع لصورة المحتل وشرذمته ورغم مرارة الخذلان، ما زال هناك في القلوب العربيه عروق تنبض بالنخوه وسواعد تغلفها القوه وقلوب عامرة بالقضيه، لا تبيع الهويه، وتصدح دائما بأصوات حرة لا يحكمها الخوف بأن ما يحدث هو أكبر جريمة في تاريخ البشرية، و لكن هل يكفي الكلام؟ أم لابد من موقف لحكام أصبحنا نشك اصلا أن البعض لديه دم في عروقه أو قلبا ينبض و يشعر … عاش من مازال يتذكر أن القضية الفلسطينية قضيتنا كلنا، عاشت فلسطين، النصر لغزة و لتسقط ذاكرة السمكة.
العرب وذاكرة السمكة / دارين السماوي
(Visited 26 times, 1 visits today)