المستقل / متابعة
ايام تفصلنا عن الانتخابات الأمريكية ، وسيتحدد من خلالها اسم رئيس الولايات المتحدة القادم ، ترامب أم هاريس ، استطلاعات الرأي تشي بتقدم طفيف لـ ترامب على منافسته كاملا هاريس ، ألا ان الأمر لم يحسم بعد ، فهناك ولايات تعتبر كلمتها كلمة الفصل في تحديد الرئيس القادم هذه الولايات التي تحتوي على تنوع كبير من الأعراق والقوميات .
وتعتبر ولاية بنسلفانيا والتي تحضى بأهمية كبيرة في الانتخابات واحدة من هذه الولايات ذات التأثير الكبير ، اذ يتواجد فيها عدد كبير للأمريكيين اليهود.
وفي انتخابات تتقارب فيها نتائج استطلاعات الرأي بدرجة نادرة فإن أصوات الأمريكيين اليهود قد تحسمبنسلفانيا لصالح ترامب أو هاريس وقد يؤدي ذلك إلى حسم النتيجة في كل أمريكا. فمن الصعب تصورفوز أحدهما في الانتخابات في عموم أمريكا من غير الفوز في بنسلفانيا.
ومثلما تمثل قضية حرب غزة والوضع في الشرق الأوسط أولوية لدى الناخبين العرب والمسلمين فهيتعد أيضا قضية أساسية عند اليهود الأمريكيين من زاوية اهتمام كثير منهم بأمن إسرائيل.
بنسلفانيا هي اكبر الولايات السبعة التي ستعتمد عليها نتيجة الانتخابات الأمريكية. وهذه الولايات هينيفادا وأريزونا وجورجيا وكارولينا الشمالية ووسكونسن وميشيغان بالإضافة إلى بنسلفانيا طبعا.
تسمى هذه الولايات بالولايات المتأرجحة لأن نسب تأييد حزب ترامب الجمهوري وحزب هاريسالديمقراطي تتقارب فيها بصورة كبيرة. يؤدي ذلك إلى أن تأتي النتائج في العادة بفارق ضئيل جدا للفائزالذي قد يأتي مرة من الجمهوريين ومرة من الديمقراطيين.
عودة لتاريخ الانتخابات
وقد فاز ترامب في بنسلفانيا عام 2016 بفارق يقل عن الواحد في المائة عندما أصبح رئيسا لأمريكا لكنهعاد ليخسرها بعد أربع سنوات ويخسر الانتخابات الرئاسية كلها. وكان الفارق في بنسلفانيا لصالح بايدنقريبا من الواحد في المائة من مجموع أصوات الناخبين بالولاية.
يزايد المرشحون في هذه الولاية على دعم اسرائيل وعلى مواقف المرشحين في هذه الجانب
يقول عضو في الحزب الجمهوري وهو أمريكي يهودي وناشط سياسي هو جيف بارتوس إن ” هاريسستخسر في بنسلفانيا وأنها عندما تجلس لتراجع نفسها وأسباب خسارتها ستكتشف تلك الأسباب“.
يتهم بارتوس هاريس بأنها تأرجحت في خطابها فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل لمحاولة إرضاءالأمريكيين المنتقدين لإسرائيل والمؤيدين لعلاقة قوية معها في وقت واحد، بينما كان ترامب حاسماوتوجهاته واضحة.
ويرى أن ترامب هو الأقوى في دعم إسرائيل والضغط على إيران التي يراها سبب الحروب وعدم الاستقرارفي الشرق الأوسط. وعلى هذا الأساس يتوقع بارتوس أن مرشح حزبه ترامب سيفوز في بنسلفانيا بالإضافةطبعا إلى سجله في القضايا الداخلية الأمريكية وأبرزها الاقتصاد والهجرة.
وتقول احدى السيدات وهي حاخام يهودي اسمها جانس ان حزب نائبة الرئيس كامالا هاريس يبقىالحزب الذي يحظى بتأييد النسبة الأكبر من اليهود الأمريكيين.
وتضيف إن ترامب نجح في تفريق الأمريكيين ومن بينهم اليهود وزرع الشقاق بينهم من خلال تشجيعالاستقطاب والاختلاف في الآراء والدفع لتأييد سياسات متشددة من خلال أسلوبه و تأجيجه وإثارتهلقضايا حساسة مثل الهجرة وتشجيع اتباع سياسات تعتبرها غير إنسانية في معالجتها.
فهي ترى أن التصويت لترامب أمر خاطئ سواء جاء من يهودي أو غير يهودي فهي ترى أن ترامبوسلوكياته وسياساته تتناقض مع القيم اليهودية والقيم الإنسانية.
وتعلق جانس الآمال مع ذلك على فوز هاريس وتأمل أن يكون اليهود الأمريكيون في بنسلفانيا جزءا منذلك الفوز بأصواتهم. فهي لا ترى أن كثيرا من اليهود قد تحولوا نحو تأييد ترامب بل تعتقد أن غالبيتهمسيصوتون للحزب الديمقراطي ولهاريس خصوصا أن هناك قضايا ترجح كفة المرشحة الديمقراطية مثلحق الإجهاض الذي تؤيد هاريس توسيعه وتحتج بشدة على تقييده.
وهذه القضية تحديدا تمثل نقطة قوة كبيرة لصالح هاريس على حساب ترامب خصوصا في أوساط نسبةكبيرة من النساء من مختلف الأعراق والتوجهات.
ووصف ترامب بالأناني الذي لا يخدم سوى مصالحه الشخصية حتى عندما يتعلق الأمر بإسرائيل فهويدعمها عندما يخدمه ذلك وليس انطلاقا من مبدأ والتزام ثابت.
يبرز أيضا بين اليهود المؤيدين للحزب الديمقراطي ومرشحته كامالا هاريس في بنسلفانيا، بيرت سيغل،وهو إعلامي ولديه برنامج إذاعي في بنسلفانيا يركز على رؤية اليهود الأمريكيين للسياسة والقضاياالمعاصرة.
ويعتقد سيغل بأن ترامب كاذب وبأن سياساته وخطابه المعادي للهجرة والمهاجرين جعل من هذهالقضية مشكلة كبيرة. ويصف سيغل نفسه بأنه صهيوني بمعنى تأييده لقيام ودوام وجود دولة يهوديةهي إسرائيل.
ويقول إنه يشعر بالإهانة عندما يعتقد أي أحد أن في ذلك عنصرية. فهو يرى مشتركات كثيرة بين الأديانالإبراهيمية الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام. ويدعو ويأمل في أن تكون العلاقات بين معتنقي هذهالأديان وغيرها علاقات قائمة على أساس انساني.
ويبدي اطمئنانه بأن هاريس سوف تؤيد إسرائيل وبأنه ليس هناك أي مؤشر على العكس. ومن اللافتللنظر أنه يعتقد أن إسرائيل ليست بالضرورة الأولوية الأولى عند الناخبين الأمريكيين اليهود رغم أهميتهاعند كثير منهم. فهناك قضايا أخرى داخلية تحدد آرائهم بالإضافة إلى شخصية المرشحين.
رغم كل ذلك فان حزب ترامب الجمهوري وحملته الانتخابية ترى أن هناك فرصة كبيرة لإقناع جزء منالناخبين الأمريكيين اليهود في بنسلفانيا في تغيير موقفهم السابق المؤيد للديمقراطيين نحو تأييدترامب.
ومن اللافت للنظر أن استراتيجية حملة ترامب تقوم على التركيز على اليهود الأمريكيين في بنسلفانياوعلى العرب والمسلمين في ميشيغان وهما مجموعتان تبدوان متناقضتان ومختلفتان خصوصا عندمايأتي الأمر لحرب غزة وعلاقات أمريكا مع إسرائيل.
لكن المؤشرات المرصودة قبيل الانتخابات تظهر أن ترامب يحقق تقدما مع كلا المجموعتين لأن غضبجزء منهما من سياسات إدارة الرئيس بايدن ونائبته هاريس كبير وواضح. كل ذلك يبقى في إطارالمؤشرات والتوقعات و لن تحسم الأمور وتتضح إلا بعد ظهور النتائج الكاملة للانتخابات