المستقل / لندن
في أمسية شعرية “فوق العادة ” لبنت الياسمين آلاء ابو الشملات الشاعرة والإعلامية الرقيقة .
وحينما أقول فوق العادة فأنا أعني ما أقول ، لأنها كانت مبهرة وبهية، أمسيةٌ مترفة بالحضور واالموسيقى والإلقاء وبكل اللمسات الجميلة .
حلقت بنا آلاء الى حيث الوجع والغربة ومفردات الوطن والطفولة ، تارة نحو البحر وأخرى إلى شوارع دمشق العتيقة وأزقتها العابقة برائحة التاريخ .
تثاءبت الاغتراب من خلال كلماتها الموجوعة، و المضمخة بالحب والاحتراق ، لوطن سكنها و أبى ان يفارق روحها، فكان البوح عاليا ً ، والحنين صارخاً ، ينقصها غياب دمشق واللاذقية لتكتمل.
” نحو البعيد ” عنوان الأمسية ، لا بل عنوان الاشتياق الذي شغلها منذ زمن ، الاشتياق للوجوه و للحارات، و لرائحة القهوة الدمشقية ولأشجار الزيتون، لحكايا الطفولة البريئة، للشواطئ الغافية ، على ضفاف المدن الحزينة، للصيف الملتهب بحرارة الارواح المتعطشة للحنين .
لم تستطع آلاء أن تكتم حبها أو تخفيه، بل جاهرت به أمام الجميع بكل شجاعة وإيمان ، كانت كلماتها صادقة وساخنة لامست أرواح الحاضرين فصفقوا لمشاعرهم التي نطقت بها آلاء دون تكلف ، كانت لسان حال العاشقين الذين أضناهم الفراق والبعد واللهفة .
لغتها المتمردة وعواطفها الجيَّاشة استفزت فينا نحن المتسمرين على مقاعدنا روح الحب المقموع في دواخلنا.
لقد نفضت عنا غبار سنين الغربة وأزاحت الصدأ المتراكم عن أرواحنا ، منذ أن غادرنا مدننا المزهوة بضحكاتنا وحكايانا .
كان عود باسل صالح العازف المبدع يزيد الأمسية بهجة وجمالاً ، أنامله المتألقة وانتقالاته الموسيقية من نعم الى نغم ومن مقام الى آخر حملتنا على بساط نحو الشرق البعيد ، كان باسل يقرب المسافات ويصهر الحدود ويشعل الأرواح في مقطوعاته المزدانة بمفردات آلاء المترفة .
صورة متكاملة ذات قيمة فنية عالية .
أمسية منذ سنين لم أشهد مثلها ، زحام نخب المجتمع المثقف، ورواد الفن يستمعون بشغف للشعر، حينها آمنت ان الشعر لم يمت بعد، وأن الابداع هو من يفرض نفسه على الزمن، والمبدع هو من يضع بصمته ويصنع زمنه.
أمسيةٌ اكتملت بالتقديم الرائع للشاعرة والإعلامية العراقية دلال جويّد ولوحات الفنان مهدي الشمري التي زينت حيطان القاعة إلى التغطية الإعلامية التي واكبت هذا الحدث الثقافي الاستثنائي في لندن.
