علاء الخطيب
اجواء استثنائية تلك التي عشتها في النجف ، مجالسها العامرة، وشخصياتها النيرة ، ووجوه ابناؤها التي تطفح بالبشر والزهو ، ومكتباتها الزاخرة بأنواع الكتب المتضادة ، رغم الروحانية المنتشرة في ندواتها المختلفة ، إلا انك تجد التنوع وقبول الاخر يطغي على سلوك اهلها ونخبها.
ألق المدينة الذي يعود ، يأخذك حيث الادب والفكر والسياسة والفن ، تنوع لا مثيل له ، قلما تجده في بيئةٍ أخرى.
عادت بي اجواء النجف إلى ما كنت اسمعه من اجيالنا التي سبقتنا او ما قرأته في الكتب عن تلك المدينة الغافية على حافة الصحراء .
ربما تأثر أهلها بمثالهم الذي تحتضنه ارضهم ، سيد البلغاء الامام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ، سلطة الحق وصوت العدالة الانسانية .
فصرت أتنقل بين مجالسها الأدبية الرمضانية ، تملؤني نشوة الشوق والحنين إلى تلك الأجواء او الخيال الذي تجسد حقيقة .
حفاوة الناس وحبهم غمرني ، حتى كادت روحي متعلقة بالارض التي غادرتها، منذ حين .
كانت أولى الفعاليات ، أصبوحة في رواق الثقافة والفن، الذي يديره الفنان الجميل ” سعد الجد ” ويرعاه الوجيه ذو الاخلاق الدمثة ، الاستاذ حامد الرماحي، الذي رافقني في ايامي الرمضانية ، و توالت مجالس النجف المزدحمة بروح المحبة ، وانا كلي توق لحضورها ، فكان مجلس الاستاذ صائب ابو غنيم ، أول ما شاهدة فيه التنوع الاجتماعي الديني والعشائري الممزوج بالاحترام .
وكان للمكتبة الأدبية التي يرعاها الشاعر الدكتور مهند جمال الدين حصة في زيارتي هذه ، كما شهدت حدثاً فريداً في بيت الشيخ ماجد سميسم إلا وهو تكريم ابن النجف واحد قامتها العراقية والعربية ” الدكتور عبد الحسين شعبان “. ومن ثم سارت عجلة الرحلة إلى حيث مجلس ” آل محي الدين العامر ” الذي يرعاه الشيخ الجليل سليل الأسرة النجفية العريقة “الشيخ نزيه محي الدين” ، وأخوته الكرام ، المجلس الذي يغنيك بكل ما تعني الكلمة من معنى ، حيث الشعر والتاريخ والجغرافيا ، والأنساب والإعلام و الفكر السياسي ، وما يخص الوطن .
وانتقلت حيث الاجواء الروحانية وكلمات الله التامات ،في بيت الاستاذ ” زهير شربة ” ومحاضرات قيمة في التحليل الموضوعي للقرآن المجيد ، ألقاها الرصين الدكتور عباس الفحام .
وعلى الجانب الاخر كان مركز حوار الرافدين يستضيف الشخصيات العربية والأجنبية والعراقية ، في قراءة مستفيضة للأحداث التي تدور
حول بلدنا .
ومجلس ذو نكهة خاصة في ديوان الشيخ هيثم السهلاني نجل الشاعر الشيخ محمد جواد السهلاني .
كما حضرت أمسية في دار الصديق الاستاذ “نجاح سميسم” استضاف فيها الدكتور رائد فهمي للحديث عن مستقبل العراق، والمخاطر المحدقة بالمنطقة، أدارها باقتدار. الصديق الشاعر فارس حرام
وما تكاد تقترب ساعات الرحيل حتى شعرت بالاسى، وقسوة البعد والغربة .
آهٍ كم هي قاسية الغربة والبعد . وكم هو قاسٍ ذلك الزمن الذي يبعد المسافات ، ويجعل الممكن مستحيلا ً.
ايام مرت كحلم يقضة ، وددت لو اني لم أستفيق منه .
وجوه احببت ان أراه دوماً.
رحلتي وتجوالي في بلاد الرافدين أشعرني بالهوية والانتماء .
كان رمضان في النجف مختلفاً
