التغيير والاستبدال / علاء الخطيب

التغيير والاستبدال / علاء الخطيب

علاء الخطيب
التغيير سمة الشعوب الحية، المحبة لصناعة الحياة والحضارة ، اما الاستبدال فهو عملية تدوير و استغفال ، وربما يأخذ الاستبدال شكل التغيير ، إلا انه تغييراً سلبياً .
ما ننشده في هذا المقال هو التغيير الايجابي .
كل الشعوب التواقة للتخلص من الدكتاتوريات تقوم بالثورات والانتفاضات وربما تتحالف مع الشياطين من اجل التغيير، لكنها في الوقت ذاته لا تعرف نوع التغيير الذي تريد، هل هو التغيير الإيجابي ام السلبي ، فالتغيير الإيجابي هو مشروع متكامل لمستقبل واضح ضمن خطط مدروسة وهو رفض العقلية الدكتاتورية ورموزها وقواعدها وثقافتها كلياً .
والذي يعني حكم القانون ودولة المؤسسات والتبادل السلمي للسلطة والتنافس على اساس الكفاءة وليس على اساس التغالب ، اما التغيير السلبي هو استبدال الوجوه مع المحافظة على العقلية وطريقة الحكم .
ما حدث ويحدث في العراق هو استبدال وجوه وأزياء فقط ، وهذا المفهوم بعيد عن ادبيات التغيير الإيجابي .
فالشعوب المسكينة تصفق للوجوه الجديدة و للحاكم الجديد بحرارة وتلعن السابق ، لكنهم سرعان ما يكتشفون الخديعة فتنقلب المعادلة فتلعن الجديد وتصفق للاحق .
فالخلل ليس في الحكام بل في الشعوب التي لا تميز بين التغيير والاستبدال ، فالحاكم في البداية حمل وديع يختار كلماته بعناية فيُلهب شعور الجماهير المكتوية بنار السابق ، لكن ما ان تمر الايام حتى يتحول الجديد الى دكتاتور وتبدأ المعركة من جديد . وهكذا دواليك .
بالامس خرج العراقيون ينشدون التغيير ويلعنون التوافق والمحاصصة والتوازن المكوناتي ، فكان البديل تغيير في النسب وعدد المقاعد ، وبقيَّ ” ذاك الطاس و ذاك الحمام ”
نتوسل بالشيطان للتخلص من الاقطاعيات السياسية ، لكننا نعاني من عقدة عقلية الحكم .
معركتنا تدور رحاها بيننا نتقاتل ونتخاصم من اجل الاستبدال وليس التغيير ،
هذا المشهد يذكرني ببيت شعر شعبي عراقي يقول :
مبارك يا حَمد من صرت علامة وابدلت العگال بلبس العمامة
التغيير ليس من اجل التغيير ولكن من اجل الاحسن والأفضل ، هذه المعادلة الصعبة والعصية على الفهم و على العقل السياسي العراقي، لا زالت غير موجودة في قاموسنا .
الدماء والتضحيات وهدر الثروات ليس أمراً هيناً كي نعيده في كل مرة ، ففي كل تغيير نتضرع الى الله ان يكون الحاكم عادلاً و أن ننصف ونحظى بالعدل وان نعيش كبقية شعوب العالم نستمتع بخيرات وثروات وطننا، وفي الوقت ذاته لا نكلف أنفسنا عناء التفكير بان الدعاء وحده لا يكفي لجعل الحاكم عادلا وسوياً وإنما يجب ان يكون وعيُّنا عادلا وسوياً أيضاً ، ولا نسمح بالتصفيق ورسم الخطوط الحمراء الوهمية ، وان التقديس للوطن وحده وما عداه فهو زائل وغير مقدس ، فالاشخاص وكل ما هو على هذه الارض مصيره الزوال وتبقى الارض وحدها هي الخالدة السرمدية ، كما يجب علينا ان نفهم ونتعلم معنى التغيير الإيجابي .

(Visited 11 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *