ايُ حديثٍ عن الاصاح الاقتصادي منقوص وغير مكتمل مالم يسبقه الاصلاح
الاداري هذا ما لمسناه على مدى 17 عاماً على مرحلة التغيير في العراق مرت
كسحابة. غير ان هذه المتلازمة متفق عليها بين معظم خبراء الاقتصاد وفي
اغلب النظريات الاقتصادية المعروفة.
كيف اذن نستطيع تحقيق هذه المتلازمة ؟ لايجاد الحل علينا مراجعة التجارب
العالمية التي استطاعت الدول من خلالها تحقيق الاصلاحات المطلوبة،
ولناخذ الصين مثال ابرز للتوضيح.
تشير الدراسات الى ان الصين كانت الى حد العام 1978 من الدول النامية
والتي تحصل على العملة الصعبة من خال تصدير الفحم والقطن واشياء
بسيطة قياساً بالثروات الطبيعية الى ان جائها رئيس وزراء حازم على احداث
قفزة نوعية لتحويلها الى دولة متطورة. ما الذي فعله رئيس الوزراء الجديد
لينقلها الى مصافِ الدول المتقدمة؟
اول شيئ انه كان مؤمناً بالعلم وسيلة ابرز في تحقيق التطور ما دعاه الى
استقدام خبير دولي من جامعة اكسفورد البريطانية متخصص بالتنمية
الادارية والاقتصادية وهذه الجامعة كانت ولازالت من اكفئ جامعات العالم
في هذا التخصص.
وقصة استقدام هذا الخبير طويلة اصطدمت في بدايتها بمعارضة شديدة
من الحزب الحاكم في الصين لامجال لشرحها هنا لكنه استطاع ان يقنعهم
اخيراً بعد اصراره لاكثر من 7 طلبات تقدم بها لهم فحصل على الموافقة.
كيف سيتصرف لجذب هذه الخبرة ؟
لكي يجتذب هذه الخبرة افرد امتيازات كبيرة للذي يقبل ان يغادر نعيم
اوربا المتطورة ويقدم الى دولة نامية كالصين للعمل فيها، اول الامتيازات
اعطائه خمسة اضعاف راتبه الشهري في الجامعة ويبدو الرقم مغري ومن
ثم بطاقات سفر مجانية ذهاباً واياباً وسكن مجاني مع اجازة مفتوحة لمدة
شهرين سنوياً براتب كامل اضافة الى دفع رواتب اساتذة جامعة اكسفورد
لمدة سنة كشرط لموافقتها على قبول ترشيح احد اساتذتها للعمل في
الصين.
مالذي قدمه هذا الخبير التنموي عند قدومه الى الصين كخبير استشاري
اول للحكومة؟ اشترط على رئيس الوزراء اختيار فريق وزاري نزيه وامين
ومتخصص، ادخال الوزراء في دورات تدريبية في مجال اعداد القادة، تعلم
اللغة الانكليزية اجبارياً، قيام الوزراء بنقل خبراتهم الى العاملين بمعيتهم،
تحرير العملة تدريجياً لتفعيل الانتاج واخيراً تقليل الفجوة بين المدن الصينية
وتبادل الخبرات فيما بينها. وما كان من رئيس الوزراء الا القبول بشروط
خبيرالتنمية هذه.
ما النتائج المتحققة من كل ذلك ؟ خال 3 سنوات استطاع هذا الخبير نقل
الصين من دولة فقيرة نامية الى نموذج دولة اشتراكية مرتبطة بنظام
اقتصادي عالمي متطور. واستطاع ان يضع الاسس الصحيحة من خال
الاصاح الاداري ليتمكن من تحقيق الاصاح الاقتصادي.
لاحظ اليوم لقد اصبحت الصين دولة عظمى فاقت بتطورها اغلب دول
العالم واوربا وتنافس امريكا بتجارتها ومرشحة لتسيد العالم باقتصادها
المتين وتفوقها حتى على اميركا كل ذلك بفعل العلم فالقوة بالعلم وليست
بالحروب.
هذا هو فعل التنمية الادارية والاقتصادية والتي جاءت على يد خبير
بريطاني الجنسية لكن المفاجئة الاهم انه عراقي الاصل اسمه البرفسور
الياس سيركيس الاختصاص الاول في العالم في مجال التنمية الادارية.
تجربة الصين لم تكتشف حقيقة ومعدن العقل العراقي والعربي في
المهجروانما هي حقيقة قائمة يعرفها القاصي والداني بان العراقيين قدرات
لاتعوض وهم كثرُ.
اذن بنا حاجة حقيقية لتنفيذ برنامج الحوكمة ) الادارة الرشيدة ( في العراق
ابتداءً من خال استقدام خبرات في التنمية الادارية والاقتصادية والمتوزعة
في دول العالم المتقدم وها هم الكفاءات العراقية يصنعون امجاد الدول
التي يقطنوها وهم قادرون على اعادة بناء العراق ولكن للاسف لا احد من
الحكومات التي تعاقبت يحرك ساكن باستمار هذه الطاقات الخلاقة.
هذاالحدث واقصد الخبير كان قبل ثلاثة عقود فتعال الان وانظر فقد تحولت
تجربته تلك الى شركات متخصصة في الاستشارات التدريبية والتنموية
والمسالة تحولت الى مؤسسات عريقة انتشرت في دول العالم تضم خبراء
عرب ومن ضمنهم عراقيين ومنها على سبيل المثال لا الحصر مؤسسة
صناع الجودة العرب في السويد متخصصة بتدريب القادة في مجال الادارة
الرشيدةولها تجارب عديدة وتقودها عقول عربية مشهود لها في دول العالم .
من اجل ذلك قلت في مقدمة المقال ان اي حديث عن الاصاح الاقتصادي
لابد ان يسبقه الاصاح الاداري. ولنا في تجارب عالمية معروفة كسنغافورة
واندنوسياوالكوريتين و الدول العربية والخليجية كمصر والسعودية والامارات
وغيرها خير مثال.
السؤال هل سيستفيد العراق من هذه التجارب واقصد من خبرات العراقيين
والعرب في المهجر كي يخرج من مازقه الاقتصادي؟ متى وكيف واين..
نراقب لنرى…
هل يتخطى العراق مأزقه الاقتصادي؟!
(Visited 4 times, 1 visits today)