نوعان تقليديان من الناخبين اعتدنا السماع عنهما في
انتخابات اغلب الدول الديمقراطية ، الاول الناخب الثابت
ويمثل الناخبين المتحزبين او المنتمين او الايدلوجيين
الذين ارتبطوا ارتباطا وثيقا بما ينتموا اليه وتبنوه
ويمنحونه اصواتهم في كل انتخابات وبشتى الاحوال
ويساندون مرشحيهم بالفشل اوالنجاح مثل الجمهوريين
والديمقراطيين في الولايات المتحدة الامريكية او اليسار
واليميين في العديد من الدول الاوربية.
اما النوع الثاني من الناخبين هو الناخب المتغير
او المتارجح والذي اسميه الناخب المصلحي والذي
يمنح صوته بما تشتهي مصلحته لان صوته يذهب
للمرشح الذي يصب برنامجه الانتخابي او خطاب حملته
الانتخابية بمصلحة ذلك الناخب كان يكون الامر
متعلق بالسياسة الضريبية او ساعات العمل او غيرها
من الامور.
في العراق الوضع مختلف وفيه مجموعة انواع من
الناخبين وليس نوعين كما هي الحال في بلدان العالم
الديمقراطية خصوصا في ظل التطورات التي شهدها
العراق منذ تشرين 2019 والتغييرات الكبيرة التي
طالت مزاج المجتمع ما قد يؤدي الى تعقيد المشهد
الانتخابي كما نتوقع تعقيد مخرجاته ايضا وذلك واضح
من خال تعدد انواع الناخبين والتقاطع الحاد بينهم
وتفاوت نسب تاثيرهم على حسم نتائج الانتخابات كما
لا تنطبق على انواع الناخبين العراقيين الاوصاف التي
تطلق على الناخبين في دول اخرى تشهد انتخابات
حتى وان كانت انتخابات مشوهة كالتي تحصل بالعراق
اذ ليس لدينا ناخب ثابت ومتغير بقدر ما لدينا من
خصوم ومتقاطعين واخرين اختاروا الوقوف على التل .
اول انواع الناخبين العراقيين هم الناخبون التقليديون او
ما يمكن وصفهم بخصوم تشرين واغلبهم من انصار
الاحزاب الحاكمة حيث تتنقل اصواتهم بين مرشحي
تلك الاحزاب رغم اتفاقهم على مشروع واحد وهم
الناخبون الرافضون لاحداث اي تغيير في نظام الحكم
الحالي رغم كل ما يغرق به من فساد وخيبات سياسية
وامنية واقتصادية وخدمية ويعتقدون ان تشرين
مؤامرة تستهدف الباد وليست حركة احتجاج ضد
واقع دفع العراقيون ثمنه غاليا والناخبون التقليديون
لهم فلك انتخابي خاص يدورون فيه ويتوزعون
داخله بين ناخب ثابت وناخب متغير وناخب مصلحي
لكن داخل دائرة محددة تقف مجتمعة بالضد من
تشرين كرمزية للتغيير.
النوع الثاني هم التشرينيون دعاة التغيير ومحاسبة
طبقة سياسية يرون انها اوصلت البلد الى ما هو
عليه الان وان الحل لكل ازمات ومشكلات الوطن
والمجتمع بالتغيير وهذا الناخب فقد الامل بالتغيير
مالم يكن تغييرا ثوريا وان كان بالمشاركة بالانتخابات
كوسيلة لتحقيق ذلك لانه يدعو الى تغيير جذري
شامل بالوجوه والقوانين ويختلف عن خصومه بان
اغلبه من الشباب الذين نشأوا فكريا بعيدا عن
تاثيرات ما قبل 2003 لذلك ناخبهم ناخب ثابت انيا
اي انه يصوت لمن يراه قادر على احداث ذلك التغيير
الجذري الذي يطمحون اليه.
النوع الثالث هو الناخب النفعي بمعناه السلبي والذي
هو ناخب تقليدي ضد التغيير متى ما كان الوضع
السياسي يحافظ له على امتيازاته الاقتصادية ومكانته
الاجتماعية وفي حال العكس فهو في مقدمة ثوار
التغيير الجذري.
النوع الرابع وهو النوع الاكثر تاثيرا حسب وجهة نظري
وانا اميل الى وصفهم بالجمهور اكثر ما اصفهم
بالناخبين لانه جمهور متلقي ومتفرج ولا يتدخل
بعمل او يعطله الا نادرا والنادرا هذه هي لحظة
الانتخابات عندما يذهب ليتحول الى ناخب ويصوت
وفقا لرغبات وامال بسيطة محصورة باستمرار الحياة
ببساطة ولا يهمه ان كانت هذه الحياة تحت سلطة
نظام دكتاتوري او ديمقراطي ديني او علماني المهم
ان روتين حياته اليومي المحصور بين الذهاب الى
العمل والعودة بانسيابية ومشاركة العائلة او الاصدقاء
اوقات الفراغ ومشاهدة برامج الترفيه بالتلفزيون ومن
ثم الذهاب الى فراش النوم ليستيقظ في صباح يوم
اخر يعيشه بذات النمط الذي عاشه في اليوم السابق
فهو لا يعرف عدنان الطائي ولا يهمه ماذا حل باحمد
الما طال وهذا )الجمهور الرابع( او النوع الرابع من
الناخبين يتميز عن باقي الانواع بانه يشكل الاغلبية
في المجتمع ومنتشر على طول خريطة الباد باختلاف
تضاريسها وجغرافيتها وعادة يكون هذا الجمهور ميال
للمرشح للقوي الذي يفرغ الشارع ممن يغلقونه بدوافع
سياسية او دينية وهم بنظره مطبات بشرية تعرقل
ايقاع حياته الروتيني اليومي وشعاراتهم ومطالبهم
ليس لها مكان في قاموسه اللغوي او الفكري.
الانتخابات والجمهور الرابع
(Visited 3 times, 1 visits today)