ترامب منقوص السيادة

ترامب منقوص السيادة

لأن السياسة تخصص متحرك غامض يتوهم الغالب من الناس
قدرتهم على خوضها وأهليتهم للعمل والحديث فيها دون تكلفة
أو مقدمات!.
فالسياسة لاتعني أن تقود انقلابا أو تشتري مجموعة بالمال أو
تخدعهم بالكلام او تخيفهم بقوة الساح ، بل هي ادراكٌ معقّدٌ
للدولة والقانون الذي هو سيدها حسب أرسطو ، وان الحكومات
خادمة لهذا السيد – القانون- بما يمكنّها من ممارسة سلطتها
على كائنات بشرية حرة – المجتمع – كيف تعيش وكيف تأمن وكيف
تنظّمُ اختلافاتها وترتقي بأحوالها مع الزمن. لكن رؤية العم أرسطو
هذه في كتابه التاسيسي ) في السياسة ( لعبت بها الاقدار، وأدمتْها
سيوفُ الأباطرة ومؤامرات العسكر وحِيَل الدجّالين ورؤوس الأموال.
حتى استقرت هنا وظلت فوضى هناك.حيث لم يعد القانون سيدَ
الدولة في ثلاثة أرباع العالم.
لكنّ الديمقراطيات العريقةَ الرصينةَ التي مازالتْ من ذلك الربع
المتقدّم في أسسِ الحكمِ والتبادلِ السلمي للسلطة وعِلويةِ الدستور
ورصانةِ المؤسسات، طالما تُخترق أو تمرض او تُستغلُ ثغراتٌ فيها
ليصعَد الى صدارة المسؤولية موهومون بأن السياسة سهلة
ومَرْكَبَةٌ للإيجار تستطيعُ قيادتَها بما تملك من قوة المال والساح ..
عمالقة الاقتصاد في العالم وأولُهم الولايات المتحدة كانوا دائما
خلف أي متغيّر سياسي يدعمون مرشحين للبرلمان أو لرئاسة الدولة
ويحشدون جماعات ضغط ويدفعون مايدفعون من أجل ضمان
مصالح شركاتهم وسياسات مرجعياتهم لاحقا. لكنهم هذه المرّة
ارتكبوا الخطأ الفادح.
تقدّمَ أحدُهم ليختصر الطريق ويقطع مراحل دعم السياسيين
التقليديين ويرشح هو بنفسه لرئاسة الدولة ، في موقفٍ احتفاليٍ
صاخب ، ليُصبحَ الملياردير دونالد ترامب رئيساً لأعظم دولة في
العصر الحديث اقتصاداً وقوة وتاثيراً.
رجلٌ قادمٌ من دنيا الثراء والنساء ومضاربات المصارعة ومواخير
وصالات القمار الكبرى التي يملكُها. من عالمِ المافيات ونجومِ الليل
والنصّابينَ والمحامين المزوّرين.
اعتادَ الحصولَ على أيّ أيّ شيء بأيّ أيّ ثمن. ولذلك كانَ صعباً
وقاسيا وغريباً ان يُهزَم ولو مرة واحدةً في حياته ويخسر ولاية
ثانية لاكمال ولايته الأولى التي شهدت أسوأ أداء سياسي من
نقض الاتفاقيات تسفيه البروتوكول بالصفاقة وقلة الذوق والسخرية
من الثقافة والإعام والشعوبِ والأديان والكفاءات حتى في باده.
ومثلما زلّت قدَمُ أميركا بانتخابه المريب زلّت قدمُهُ هو في اعتقاده
بجدوى تهديدها، وإطاقِ أتباعهِ من الحرافيش لتقتحِمَ محرابَها
الذي تُطبَخ فيه ديمقراطيتُها )المقدسة(. فظهر كما هو بشعاً
وخفيفاً وغير ذي قيمة، متمرداً على دولة هو رئيسُها في سابقةٍ
طريفةٍ في التاريخ.
ورغم أنّ الصلاحيات المتاحة له مازالت بيديه من تعيينِ أواقالةِ
من لايعجبُه حتى إعانِ الحرب. لكنّه لم ينجح في تهديد وثني
التقاليدِ المتوارثةِ الرصينةِ وسلطةِ القانونْ..
فبدا منعزلاً حتى من طاقمة الإداري والحزبي ، يتذوق طعم الخسارة
الذي لم يعرفه سابقاً،منقوصَ السيادة ، لايستطيعُ ليَّ ذراع القانون
حين يكونُ سيداً للدولة.

(Visited 5 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *