كتب المحرر الرياضي للمستقل
تعيش الكرة العراقية حالة من الاحتقان العالي والتصدّع الصامت، قبيل انتخابات اتحاد الكرة. كل شيء يوحي أن ما يجري ليس مجرد تنافس على منصب، بل تفكّك تدريجي لمنظومة فقدت السيطرة على أدواتها، وها هي تدخل معركة “كسر العظم” مكشوفة الظهر.
في قلب هذا المشهد، يبدو عدنان درجال محاصراً من جميع الجهات. الرئيس الذي صعد مدعوماً بثقة السلطة والجمهور، لم يعد يملك سوى سبعة أصوات فقط من أصل 57 في الهيئة العامة. دائرة المؤيدين تنكمش، والمكالمات تزداد. ما يقارب خمس ساعات يومياً يقضيها على الهاتف، يتنقّل بين نداءات دعم، ولقاءات إعلامية، وتحركات سياسية لم تعد تفتح له الأبواب.
في واحدة من أكثر لحظاته ارتباكاً، بادر إلى لقاء رئيس اللجنة الأولمبية العراقية عقيل مفتن، في جلسة خاصة امتدت إلى الجادرية، لمحاولة ترميم الشرخ مع الأولمبية. لكن الاجتماع، بدلاً من أن يقرّب المواقف، أكد أن الدعم الأولمبي يتجه بثبات نحو يونس محمود، لا سيما في ظل حضور رقمي وسياسي متصاعد له.
يونس محمود لم يعد مرشحاً ينتظر الإشارات، بل رقماً صاعداً. تشير الوقائع إلى أن نصف الهيئة العامة باتت تسانده، مع تزايد أعداد الداعمين يومياً، وتأييد سياسي متنامٍ، ما يجعله فعلياً الأقرب إلى رئاسة الاتحاد.
أما كوڤند، المستبعد بقرار من لجنة الانضباط، فلا يزال جزءاً من اللعبة. يمتلك “سكرينات” وتسجيلات حسّاسة، قد تُستخدم في لحظة الذروة للإطاحة بمن هم أعلى سلطة. وفي الكواليس، يُتداول سيناريو رفع العقوبة عنه في صفقة مرتقبة، تُوظّف كورقة ضغط لحسم مواقف متأرجحة.
في هذا الجو، يسعى درجال يائساً لفتح نوافذ دعم سياسي، زار نوري المالكي، حاول الوصول إلى محمد الحلبوسي دون نتيجة، في وقت أصبحت فيه رئاسة الوزراء تشعر بخيبة أمل من أداء الاتحاد، الذي حصل سابقاً على دعم حكومي واسع لم يُثمر نتائج تُذكر.
كلما اقترب موعد الانتخابات، حاول درجال دفع كرة الثلج نحو التأجيل، مراهناً على الوقت لتغيير المعادلة. يريد البقاء حتى الملحق، لكن لا يملك شيئاً يضمن له البقاء بعدها. يلوّح أحياناً بالتصعيد الدولي وباللجوء إلى “الفيفا”، لكن حتى ذلك لم يعد يُرعب أحداً.
في المقابل، يتحرك إياد بنيان بثقة، بدعم صامت من داخل الاتحاد، وعدد من الأندية التي سبق أن تعاملت معه حين ترأس الهيئة التطبيعية. اسمه يعود إلى الواجهة من دون ضجيج، لكنه يُسجّل حضوراً مقبولاً في ميزان التوافقات.
وسط هذا التوتر، يحاول نقيب الصحفيين العراقيين مؤيد اللامي التدخّل لتهدئة الأمور، في خطوة يقرأها البعض كمحاولة إنقاذ للمشهد العام قبل أن ينفجر إعلامياً.
وفي النهاية، كل المؤشرات تدل على أن درجال يقترب من لحظة الخروج. فشل في تأمين الغطاء السياسي، خسر أوراقه داخل الاتحاد، وتحالفاته تتفكك. إذا خسر، فربما يغادر إلى قطر، أو يكتب مذكراته في كندا أو أمريكا.
لكن ما هو واضح الآن:
الكرة العراقية تستعد لمرحلة جديدة… من دون عدنان درجال.
