يتسم الاقتصاد العراقي بمقاربة غريبة فهذا البلد الغني بثرواته، فقير في
خدماته وتنميته، وهذه صورة مشوهة عن حقيقته بما لايتخيلها العالم
اجمالاً ولا عراقيوا المهجر على وجه الخصوص على اعتبار هذا الخطاب
موجه للعالم وليس للاستهلاك المحلي.
هذا البلد الذي يتمتع بالثروات الطبيعة المتنوعة وهي محط انظار العالم
فكيف وصل به الحال الى ماهو عليه الان ؟.. لذلك تعالوا معي لنسلسل
الاحداث التي مربها والتي قادت الى تشويه صورته الحقيقية ووصوله
الى ما هو عليه بهذه الصورة التي لا يحسد عليها.
قبل مرحلة التغيير في العام ) 2003 ( كان العراق خاضع لعقوبات دولية
متعاقبة تحت البند السابع من القرارات الاممية الصادرة عن مجلس
الامن الدولي جراء الاحداث والحروب العبثية التي شهدها العراق بغض
النظر عن السبب والمسبب لاختاف وجهات النظر في هذا المجال اولاً
وثانياً نحن لسنا بصدد تقليب المواجع ثانياً انما الهدف من هذا العرض
هو للبحث عن حلول ناجحة تخرج العراق من هذا المازق السيئ.
لقد حدد الحصار الذي فرض على العراق انذاك قدراته على مواصلة
النمو والتنمية الاقتصادية وقيد قدراته على مواصلة التنمية الانفجارية
التي شهدها ابان تأميم النفط في سبعينات القرن الماضي.
وهذا المشهد هو الاول والذي يعد احد صور التشوهات التي القت
بظلالها على الاقتصاد العراقي.
ما الجديد بعد الحصار ؟ الجواب ببساطة سيشكل لنا المشهد الثاني
الذي اجهز على الاقتصاد العراقي ليرفع درجة الضبابية والتشوهات التي
الحقت به.
لقد مر ما يقارب على 17 عام على مرحلة التغيير والتي جاءت بدستور
للباد اقر بتحويل المنهج الاقتصادي للبلد من اقتصاد شمولي الى منهج
الاقتصاد الحر.
ما الذي جرى خال العقد ونصف العقد من الزمن التي عاش فيها
الاقتصاد العراقي بمرحلة انتقالية لم تنتهي بعد وهنا تكمن صورة
التشوهات التي انتابت الاقتصاد العراقي كيف؟
ظلت القوانين ذات المنهج الاشتراكي نافذة وفاعلة واضيف لها قوانين
اقتصادية جديدة ذات المنهج الاقتصادي الحر وبداءت التقاطعات تتضح
يوماً بعد اخر دونما حل لهذه الاشكالية.
ماذا نتج عن هذه التداخلات ؟
اولى النتائج التي برزت بسبب هذه التناقضات بروز ظاهرة الفساد بقوة
مع تهيأة ظروف انتشاره لاسباب اخرى مرتبطة به، ومنها اختيار القيادات
الادارية غير الكفوءة لتتصدر المشهد مع استبعاد التكنوقراط من اي ادارة
ولهذا اسبابه المعروفة.
رب من يسال وما علاقة تقاطع القوانين بالفساد ؟
سؤال رائع، العلاقة تكمن في مساحة حرية القيادات الادارية حديثة
العهد ) الغير كفوءة ( في اختيار اي القوانين التي تتناسب ومصالحها
فتسخدمها بغض النظر عن فائدتها وبذلك ظهرت طبقات طفيلية في
الوسط الاداري سرعان ما سال لعابها على المليارات التي كانت تطلق
للعقود والمناقصات الخاصة بمشاريع فلكية اعلن عنها في وقتها مع
غياب دور الرقابة المالية واستبعادها من اي مسؤولية ودور رقابي.
وبذلك اتسعت ظاهرة الفساد بين كبار الادارات والتي امتدت الى الطبقة
الوسطى من الادارات ومن ثم الى صغار الادارات وباتت ظاهرة الفساد
المدمر شائعة دون رقيب.
من هنا برزت ابشع الصور التي رسمت مسار الاقتصاد العراقي مع
بداية مرحلة التغيير.. ولازلت افة الفساد التي تغلغلت وعشعت في كافة
المناحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتي لايمكن السيطرة عليها
وباتت النزاهة نشازاً وسبه يعاب بها على النزيه للاسف.
هذا المشهد الاول كان البداية الاساسية في رسم صورة مظاهر التشوهات
التي اصابت الاقتصاد العراقي وقيدت اي جهد اومحاولة لاصلاحه وقد
تجذر الفساد الى الحد الذي يستحيل اقتلاعه بدون تضحيات وخسائر.
لذلك فان كل محاولات الاصلاح الاقتصادي والاداري والسياسي والاجتماعي
باءت بالفشل لانها كانت تصطدم بجدار الفساد الذي لايسمح باي حل
للفوضى الخلاقة التي احدثتها القوانين المتقاطعة.
اما المشهد الثاني الذي شوهه الاقتصاد واحدث الخلل البنيوي فيتعلق
بالاجراءات الترقيعية و الفوضوية لحل المشاكل المستعصية التي يعاني
منها البلد وغياب التخطيط، وسناتي على تناولها في الجزء الثاني من
المقال وذلك لان للحديث شجون وبقايا.
الاقتصاد العراقي مقاربة غريبة..؟!)1(
(Visited 3 times, 1 visits today)