اجرى الحوار / علاء الخطيب
” فتاة دبي ” هي الشاعرة والكاتبة الامارتية البارزة الدكتورة ” فاطمة الحاج ” ،تتنفس الشعر وتعشق الكلمة ، تكتب بروح العاشقة، يتملكها شغف الشعر ، فتذهب بعيداً بالكلمة الى عوالم اخرى ، وتسبح في فضاءات الروح كفراشة جميلة، تنتقل برشاقة لتثير الدهشة.
« الشعر الشعبي تأتي من كونه الذاكرة الحيوية التي تنطلق منها خصوصية المكان وجمالياته ويحكي عنتفاصيل البيئة المحلية بمكوناتها الثقافية والتاريخية والاجتماعية»
التقتها المستقل وكان سؤالنا الاول :
س١ : هل يمكن تعريف الجمهور بالشعر النبطي و اصوله ومراحل تطوره ؟
ج 1- الشعر النبطي هو الشعر الشعبي وفي بعض البلدان يُعرف بأنه الشعر العامي، الذي يرى الدكتور 
هاني الحسن المتخصص في الشعر النبطي أنه شعر الحضر، بينما يَنسِب الشعر العامي إلى البدو، ومن أسماء الشعر النبطي: الملحون، والحميني، والبدوي ، ومع أن الشعر النبطي ليس شعرًا بالعربية الفصحى مباشرة، فإنه مستنبط منها وليس غريبًا عنها بمفرداته وتعبيراته. هذا رأي في سبب التسمية من آراء متعددة شاع منها رأي ضعفه ظاهر مفاده أن الشعر النبطي منسوب إلى الأنباط ، فالشعر النبطي عربي بمفرداته وأوزانه ، والأنباط لم يكن لديهم شعر ولا شعراء وكانت كتاباتهم بالآرامية، وهناك قول يفيد بأنّ أولمن قال الشعر النبطي رجل يُدعَى “النبطة” من قبيلة “سبيع” العربية التي جاء ذكرها في “كنز الأنساب” كتاب حمد بن إبراهيم الحقيل، وبين الأقوال الكثيرة في سبب التسمية قول لا إثبات له يذهب إلى أن ذلك يعود إلى وادي “نبطا” الواقع على مقربة من المدينة المنوّرة في المملكة العربية السعودية.
والحديث في أصل الشعر النبطي وبداياته طويل ومتشعب، فمن الدارسين من يرى أنه يعود إلى العصرالجاهلي، وهناك من يعيده إلى القرون الثاني والثالث والرابع للهجرة (الثامن والتاسع والعاشر للميلاد).
وبالنسبة إلى الشعر النبطي ومراحل تطوره لاشك في أن الشعر النبطي اتسم بالبساطة وبالتلقائية، وكانيسوده طابع البداوة ما انعكس على أسلوب الشاعر واهتماماته ‘ وحين دخل الشعر النبطي مرحلةالحضارة عبر المدينة ، ظهر ذلك في اختلاف أسلوب الشاعر وموضوعاته ولغته الشعرية.
٢-: كيف ترين واقع الشعر النبطي في الخليج بشكل عام وفي الامارات بشكل خاص؟
ج 2- الشعر النبطي في الإمارات وفي دول الخليج عامة يحمل الذاكرة الجمعية، ويعد نافذة تطل على التاريخ ، ففضلًا عن الصور والخيال والمعاني التي يريد الشاعر توصيلها، كثيرًا ما يكون الشعر مدونة تحفظ تاريخ المنطقة وسِيَرَ رجالها، وقد رأى الشاعر الراحل الدكتور أحمد أمين المدني أن “أبرز ملامح الشعر الشعبي في الإمارات هي سبعة أولها تقليد الشعر الفصيح في معانيه وأغراضه، والثاني: الوصفية والإغراق في ذكر الجزئيات، والثالث: الجبرية و الوعظية وتصوير ما هو سائد من معتقدات وأفكار، والرابع البعد عن التقيد بالإعراب واللغة والتزام العفوية في التعبير، والملمح الخامس هو عدم الاعتناء بالأوزان الخليلية والاعتماد على الذائقة الفنية، والسادس: الاهتمام بتصوير المآسي والأفراح المجتمعية والمناسبات المختلفة ، أما الملمح السابع فيتجلى في ختم القصيدة بالصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليهوسلم“.
وما يقال عن الشعر النبطي في الإمارات ينسحب عليه في دول الخليج، مع ملاحظة سمة التطور والتأثربالمتغيرات الحضارية و التقنية.
هناك اهتمام واضح بهذا النوع من الشعر والذي يعتبر حافظا ً للتراث وملتصقاً بالناس ، وفي الاماراتوبالتحديد في الشارقة هناك تجمع للشعراء النبطيين باسم ” مجلس الحيرة الادبي “ حبذا لو تتحدثينعنه وعن اصل التسمية وعدد الشعراء المنتمين لهذا المجلس. ومتى تأسس ؟
ج 3- الشعر النبطي بالتأكيد معنيٌّ بالتاريخ ، وهو كما أسلفت ذاكرة المجتمع ويحفظ التراث الشعبي. أما“مجلس الحيرة الأدبي” في الشارقة فيتطلب الحديث عنه العودة أولًا إلى دلالة التسمية، فالحيرة التييحمل المجلس اسمها بلدة في الشارقة، و“شعراء الحيرة” مدرسة شعرية ضمت ثلاثة من أبناء البلدة هم : الشاعر سلطان بن علي العويس (1925 – 2000)، والشاعر الشيخ صقر بن سلطان القاسمي (1924– 1994)، والشاعر خلفان بن مصبح (1923 – 1946).
وقد افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي مجلس الحيرة الأدبي بتاريخ 21 يناير2019 ومديره الشاعر الإماراتي بطي المظلوم ومعه فريق عمل متميز فيع الشاعرة والمحامية والناشطة علياء العامري بمهارتها في تنشيط فعاليات المجلس الذي ينشط المجلس منذ تأسيسه باحتضان شعراء الشعرالنبطي لإثراء الحركة الشعرية في الإمارات، ويلمس المتابع مدى الإقبال من جمهور الشعر النبطي على حضور أمسياته التي تقدم شعراء وشاعرات متميزين من دولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي ودول عربية ، وإضافة إلى ذلك ينظم المجلس سنويًا مهرجان الشعر النبطي في إمارة الشارقة.
وقبل هذا المجلس كان هناك “مركز الشارقة للشعر الشعبي” الذي تم تأسيسه بتاريخ 18 فبراير 2009 وكانمديره الشاعر الإماراتي راشد شرار.
كيف ترى الشاعرة الدكتورة فاطمة الحبروش الحركة الشعرية النسائية في الامارات ؟
4- تمكنت المرأة الإماراتية من إثبات وجودها، وتأكيد حضورها في ميادين نهضة الدولة على اختلافها منذانطلاقة العمل النسائي في الإمارات في الثامن من شهر فبراير عام 1973، حيث تأسست جمعية نهضةالمرأة الظبيانية وتوالت بعدها الجمعيات النسائية في مختلف إمارات الدولة، وصولاً إلى تأسيس الاتحادالنسائي العام سنة 1975 برئاسة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات” ، وضمه الجمعياتالنسائية كافة في الدولة.
وعلى الصعيد الثقافي ساهمت المؤسسات الثقافية في الإمارات في منح المرأة الإماراتية هامشًا أكبر للإبداع،ففي مجال الإبداع الشعري، تم تشكيل جماعة الشعر النسائية (الفصيح والنبطي) التي تهدف إلى تطويرالأدوات الكتابية الشعرية لدى مختلف الفئات الشعرية النسائية، وضمت عددًا من الأصوات النسائيةالإماراتية.
وكانت الحركة الشعرية النسوية الحديثة قد ظهرت في أوائل القرن الماضي حيث لمع اسم الشاعرة الراحلة عوشة بنت خليفة السويدي “فتاة العرب“، التي عكست في تجربتها الشعرية عبر قصائدها من الشعر النبطي صورة المرأة الإماراتية.
لك مؤلفات مهمة تتحدث عن تاريخ الامارات ومراحل تطورها الى جانب كونك شاعرة ، هل ممكن تحدثينا عنذلك ؟
عند الحديث عن مؤلفاتي أحمد الله أنه وفقني في إصدار كتابي “التطور التاريخي لإمارات الساحلالعماني“، وهذا الكتاب الذي أعتز بإصداره نتاج رسالة أكاديمية نلت بموجبها درجة الماجستير بدرجة جيدجدًا، وهو كتاب يسلط الضوء على تاريخ ظهور كل إمارة مرورًا بالحوادث المرتبطة بها ، وصولًا إلى قيام دولةالإمارات العربية المتحدة، وجاء في مقدمة في هذا الكتاب: “لقد ظهرت دولة الإمارات العربية المتحدة إلىالوجود نتيجة اتحاد سبع إمارات هي: إمارة أبوظبي وإمارة دبي وإمارة الشارقة وإمارة عجمان وإمارة أمالقيوين وإمارة رأس الخيمة وإمارة الفجيرة.
وهذا الاتحاد لم يخرج إلى الوجود لو لم يكن هنالك ومنذ القدم ، اتحاد عرقي ، وديني، وقبلي، وعائلي بينأبناء الإمارات ، ففضلاً عن تأثير الأوضاع السياسية في عمان على الأوضاع السياسية والاجتماعية داخلالإمارات ، سلبية كانت أم إيجابية، وذلك بحكم الجوار والتاريخ المشترك، حتى إن الاسم الذي كان يطلق علىالمنطقة إمارات ساحل عمان.
وهذا الكتاب يحاول توضيح تاريخ ظهور كل إمارة مروراً عبر الأحداث المرتبطة بها ، ووصولاً إلى قيام دولةالإمارات العربية المتحدة.”
وكتابي الثاني الذي أراه مهمًا وأفخر به هو “الخيار الثقافي إنجازات مشروع الشيخ الدكتور سلطانالقاسمي (1972 – 2009م)، فالحقيقة إن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضوالمجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة عني ببناء الإنسان عبر إثرائه الحراك الثقافي بمعناه الواسعفانعكس ذلك على الشعر والمسرح والتشكيل والفكر وميادين الثقافة على اختلافها.
توضيحًا لفكرة الكتاب حمل غلافه الفقرة التالية :
“جملة القول إن الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي قام بأدوار مشهودة في تأصيل رؤيته وخياراته مغالباً زمن الحاكم وإرهاق التفاصيل العملية اليومية وتحديات البناء المؤسسي الكبير لإمارة الشارقة والدولة ما يضعه في مكانة استثنائية تتأبى على الشوارد والانطباعات . كما تقدم رسالة كبيرة للذاكرةالجمعية العربية التي تعيش حيرة الهزيمة ، وتوهان العالم المعاصر بقوانينه وآلياته الصعبة“.
إن الرؤية الثقافية لسموه تستند إلى حالة من ممازجة الضرورة بالحكمة ..فالضرورة تقتضي مواجهةالحالة الراهنة واستنطاق تحدياتها بحثاً عن الأسباب للخروج من سلبياتها..فيما الحكمة تقتضي النظرلأمر التاريخ بعدسات محدبة تقرأ الشواهد والمآثر، وترى القريب والبعيد عن ذلك المشترك العام الذي سيظلمعياراً للمستقبل.”
ماهي اخر اعمالك الشعرية ؟
على صعيد الشعر لديَّ الكثير من القصائد التي نشرتها وأواصل نشرها في صحف ومجلات الإماراتوخارجها..
كانت لك ندوة شعرية مهمة في لندن كيف كانت تجربتك هناك وكيف وجدت لقاؤك بالشعراء ؟
بالنسبة إلى ندوتي الشعرية في العاصمة البريطانية لندن فقد كانت ناجحة وسعِدَ بها حضورها، ووجدتتكريمًا أثلج صدري حيث استضافني “نادي الكلمة” في لندن و لأعطيه بعض حقه من التعريف به هو تجمععراقي عربي شعاره «الكلمة مسؤولية» يعمل على إتاحة الحوار المفتوح بين أبناء الجالية العراقيةوالعربية من مختصين في شؤون الثقافة والأدب والفكر والمعرفة عمومًا لإيجاد مناطق مشتركة للتقارب،وتشكيل تصورات إزاء التحديات التي تواجه شعوبنا العربية، لذلك تداعى ناشطون مقيمون في أوروبالتأسيس هذا النادي من أجل العمل المشترك لتحقيق أهدافه.
يؤمن “نادي الكلمة” بأن للعراقيين والعرب الذين يعيشون في المجتمع البريطاني والأوروبي دورين، الأولتكوين رؤية مشتركة داخل الجالية بشأن إشاعة ثقافة السلام وحوار الأديان واحترام القانون داخل الدولةالتي يعيشون فيها، والدور الثاني يتمثل في مواجهة التحديات الدولية في بلدانهم بما يخص تهديد السلمالأهلي، وتراجع التنمية والإرهاب والفساد وانتهاك حقوق الطفل والمرأة، والاتجار بالبشر وغيرها.
لقد جعلني “نادي الكلمة” أشعر بمدى الحفاوة والاهتمام، وأسعدني أكثر لقائي هناك بشعراء و شاعراتكنت أعرف بعضهم وتعرفت هناك إلى بعضهم الآخر، حيث تبادلنا الحديث والنقاش حول تجاربنا الشعرية.
قصائدك تتحدث عن واقع وتجربة وهي تكاد تكون كلها انعكاس لقصص واقعية ، هل الشاعر او الشاعرة هونبض الشارع ينقل ما يراه ام فقط يعتمد على الخيال ؟
ج 8- أرى أن الشاعر يفترض أن يكون نبض المجتمع ومرآته، يحس بآماله وآلامه ويعبر عنها، فالشاعرصاحب رسالة يوصلها إلى المتلقي بكلماته، وهو يوظف الخيال في شعره ويقدم صورًا جميلة ، فهو فيشعره يتوجه إلى المتلقي موصلًا رسالته عبر الكلمة الشفافة المعبرة الممتزجة بالخيال والصورة المحببة.
