بقلم: غيداء العلي
نشرت الصحف الالكترونية الاذربيجانية مقال بشكل تقرير تزعم أن حكومة أرمينيا كانت تمارس الاغراء لمقاتلين من الهند من اجل مساعدتها في الحرب ضد أذربيجان، ولا يمكن لمثل هكذا قصة ركيكة إلا ان تكون مستوحاة من الاستخبارات الباكستانية.
ولتحليل المقال الذي جاء فيه أن الهنود من المقاطعات الفقيرة يتم استدراجهم بالمال وإرسالهم إلى أرمينيا وأن يريفان تنشئ مجموعات مرتزقة مسلحة مع أشخاص تم إحضارهم إلى أرمينيا من مختلف البلدان وأن الهند واحدة من أولئك الذين يساعدون في إنشاء جماعات مرتزقة مسلحة.
بالتأكيد أن جهات خارجية تحاول التدخل في جنوب القوقاز لكن ليست الهند، فتركيا وباكستان هما اللاعبان اللذان دعما أذربيجان والاستنتاج الوحيد الذي يمكن أن يستخلص هو أن باكستان تحاول إثبات أن الهند “دولة إرهابية”.
من الواضح أن الإمدادات العسكرية الهندية لأرمينيا تحدث فرقا والجانب الآخر ممتعضاً وهذا هو السبب في أن المقال يدعي أن “هذه التدخلات تتم بشكل لا لبس فيه إلا من خلال أرمينيا”.
الدعاية هي حاجة الساعة وبالتالي يقال إن الجيش الأرمني فقد قدرته على القتال وشكل عصابات صغيرة مع قوات المرتزقة، المنطق المستخدم هنا هو أن الأرمن ليس لديهم الإرادة للقتال ولا الرغبة في التجنيد، هذا بالطبع لا يعني أن الجيش الأرمني غير قادر على القتال والصحيح أن البرلمان الأرمني اعتمد قانوناً لتجنيد النساء بالخدمة العسكرية، فالخدمة العسكرية إلزامية للذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و27 عاما ولمدة عامين، وتخدم النساء في الجيش الأرمني فقط على أساس تعاقدي ويشكلن 9٪ في المائة من أعضاء الخدمة المتعاقدين في عام 2019.
تعهدت أرمينيا بإصلاح جيشها في عام 2020 بعد الهزيمة ضد أذربيجان ولم تنطلق خطة تحديث الدفاع الطموحة التي اقترحها رئيس الوزراء نيكول باشينيان في عام 2021 بسبب المشاحنات السياسية المحلية، ومنذ ذلك الحين تم استبدال كل من وزير الدفاع ورئيس الأركان العامة ثلاث مرات.
كانت اللحظة الأكثر دراماتيكية في شباط 2021 عندما انضم كبار ضباط الجيش بقيادة رئيس الأركان آنذاك أونيك غاسابريان إلى طلب المعارضة باستقالة باشينيان، وتم حل هذا الصراع عن طريق إقالة غاسباريان ثم استقال باشينيان ودعا إلى انتخابات مبكرة فاز بها حزبه.
تم اتخاذ خطوات لإعادة بناء الجيش على النموذج الروسي على الرغم من أن الحماس لذلك قد تضاءل نظراً لأداء روسيا الضعيف في أوكرانيا ورفض روسيا لإرسال مساعدات عسكرية لأرمينيا وسط توغلات أذربيجان في خريف عام 2022 حيث كانت روسيا موردا منتظما للأسلحة إلى أرمينيا، واشتكى رئيس الوزراء في (29 ايلول 2022) من فشل أرمينيا بتلقي أسلحة من الحلفاء حتى بعد دفع ثمنها وكان من الواضح انه يقصد روسيا حيث أن 94 ٪ من الأسلحة بيد أرمينيا من عام 2015 إلى 2019 من انتاج روسيا بحسب (معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام).
كما رأينا تحاول حكومة باشينيان استخدام الخيارات الأكثر تنوعا لحل مشكلة التحديث العسكري، وأحدها هو استيراد الأسلحة من الهند، ومن المهم فهمه هو ما قدمته الهند إلى أرمينيا كجزء من صفقة 249 مليون دولار يشمل ذلك بيناكا MLRS المصنعة محلياً ورادارات سواثي و155 مدفعية مثبتة على شاحنة.
لربما يتساءل المرء كيف تأتي فرنسا إلى الصورة؟ هذا بالضبط ما جاء في المقال دون دليل على أن الهند نقلت الأسلحة “المنتجة بالاشتراك مع الشركات العسكرية الفرنسية” إلى أرمينيا؟
ادعاء ركيك تقوده باكستان بأن الهند ارسلت مرتزقة إلى أرمينيا، وهناك ادعاء آخر بأن الهند وأرمينيا قد وقعتا اتفاقية سرية يتم بموجبها إغراء المواطنين الهنود من “المقاطعات الفقيرة” بالمال إلى أرمينيا، تريد باكستان من خلال صديقتها أذربيجان وصف الهند بأنها راعية للإرهاب، لذلك يقال إن المرتزقة الهنود يتم تدريبهم في الهند ثم إرسالهم إلى أرمينيا.
رسميا، لا يوجد سوى حوالي 3000 هندي في أرمينيا، استقر معظمهم في العاصمة يريفان ولا توجد تقارير عن خضوع المواطنين الهنود للتدريب العسكري في أرمينيا.
الشيء الوحيد المذكور لدعم هذا الادعاء هو أن المرسلين من الهند مسجلون “كقوة عمل” في أرمينيا فأصبح الادعاء بأن أرمينيا “تحاول إخفاء الإرهابيين المرتزقة الذين تم إحضارهم من الهند تحت اسم القوى العاملة”.
كيف يمكن إقناع هؤلاء الكتاب بأن الحقائق تبقى حقائق ولا يمكن حجب القضية عن طريق خلطها؟
ماذا يفعل المرء أيضا من التأكيد على أن الهنود جلبوا “القوى العاملة” للمشاركة في المناورات العسكرية؟ هل الإشارة هنا إلى المدربين؟ هذا غير محتمل ومن المرجح أن “القوى العاملة” قد تواجدت لشرح أداء معدات الدفاع الهندية للجيش الأرمني.
لتوسيع الحجة إلى الأصول التي من المفترض أن الهنود يشاركون في البناء، وتلقي التدريب العسكري ليصبحوا إرهابيين هي قصة خيالية منسوجة من العدم.
وفقا للمقال، لا يريد الأرمن القيام بالخدمة العسكرية، وبالتالي، تقوم الحكومة بتدريب الهنود على العمل كمرتزقة.
في الآونة الأخيرة، أفيد بأن مواطنين هنديين أصيبا بإطلاق النار في المناطق الحدودية، قال البيان الرسمي الذي نشرته وزارة الدفاع الأرمنية إن مواطنين هنديين شاركا في أعمال البناء في مصنع معدني في (يرساخ) بالقرب من الحدود مع منطقة (ناخشيفان) الأذربيجانية.
لذلك، ليس هناك شك في محاولة يريفان التستر على هذه المعلومات. على العكس من ذلك قال رئيس الوزراء الأرمني في وقت سابق إن باكستان لها دور تلعبه في الحرب المستعرة في جميع أنحاء منطقة (ناغورني كاراباخ).
في محادثة حصرية مع قناة إخبارية هندية، قال:
“لدينا معلومات تفيد بأن المقاتلين المسلحين من باكستان يشاركون في الحرب المستعرة في منطقة كاراباخ، وأن تركيا متورطة أيضا في الحرب حيث تجلب أنقرة المرتزقة إلى منطقة النزاع، إنه وضع فوضوي ومربك نراه في كاراباخ.”
في العام الماضي، ادعى باشينيان أيضا أن القوات الخاصة الباكستانية قاتلت إلى جانب الجيش الأذربيجاني في منطقة ناغورني كاراباخ، في مقابلة مع وكالة الأنباء الروسية روسيا سيغودنيا (15 تشرين 2022).
وماذا عن تفاخر رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان في أكتوبر2020 بإرسال قوات إلى (كاراباخ ) للقتال إلى جانب الجيشين التركي والأذربيجاني؟
كل هذه هي أدلة واضحة على قتال القوات الباكستانية والتركية إلى جانب القوات الأذربيجانية.
اخيراً: إذا تمكنت تركيا من بيع طائراتها بدون طيار إلى أذربيجان، فما الذي يمنع الهند من بيع طائراتها بدون طيار روستوم 2 محلية الصنع إلى أرمينيا؟
هذا هو السرد الأساسي الناشئ عن الصراع بين أرمينيا وأذربيجان.