ومن بين لعبة الكراسي.. زلزال يضرب أصحاب الكراسي

ومن بين لعبة الكراسي.. زلزال يضرب أصحاب الكراسي

كثيرٌ ما يظهر السياسيون وعبر الفضائيات
ليتحدثوا عن العمليةِ السياسيةِ القائمةِ منذ
2003 ، وهم يجتهدون بتشخصِ إخفاقاتها
والأسباب، واصفون إياها بالفاشلةِ تارةً،
وبالعقيمةِ والعاجزةِ تارةً أخرى، ولا يستثني
من ذلكَ أطرافٍ أمتلكوا باعاً طوياً فيها،
بل تحكوا بها بتفردٍ مسكوتٍ عنه، ومازالَ
بعضُهم يملكُُ التأثيرَ الفاعل، وأن توراى
شكلياً بعض الشيء.
وكثيراً مانرى السياسيين، ينأون بأنفسِهم
بشكلٍ فردي عن الأسباب، ويلقون اللومَ
يميناً ويساراً. ولايذكرَ أيٌ منهم فشلهِ إلا
ضمنَ الفشلِ العام. وهم ما فتأوا يدافعون
عن نواياهِم، وكأنها النوايا الوحيدةُ التي
لو فُتحَ المجال الازمِ لها، لفعلتْ مالا
يفعلهُ الآخرون. ولم يفوتهم توجيهُ اللومَ
حصصاً حصصا، تارةً، لمن ليس في
خندقهِم الطائفي أو العرقي. وتارةً أخرى،
لمن يزاحمهم في المغانمِ. وتارةً ثالثةً،
لهذا الجانبِ الخارجي أو ذاك، متناسين أنهم
بالأساسِ صنيعةُ الخارج، ولولا الأطرافُ
الخارجيةِ، ماكانَ لهم أن يطأوا المنطقةَ
الخضراء أبداً.
كل يوم، تُقحمُنَا الفضائياتُ بهذهِ المشاهدِ
التي لا تداوي جرحاً ولاتُحسنَ حالا.ً فَهمُ
الجميع، هو تحسينُ صورتَهُ المتهالكة ليس
إلا. حتى أبتعدَ الباحثون بالشؤون السياسية،
وقبلهم المواطنون، عن الشاشاتِ. اللهم إلا
اؤلئك الذين مازلوا لهم في الجرةِ سمناً.
ومن هذا الواقع المؤلم، لم يدر بخلدِنا
أن نرى أيً منهم يُعري العملية السياسية
العوجاء النشاز ألفاشلة ورموزها الفاسدة
وآلياتها الهجينة العقيمة، يُعريها جميعَها من
ألفِها إلى يائِها. وإذ إقتربَ بعض السياسيين
لشيءٍ من ذلك، ولأي سببٍ كان. إلا أن
يُعريها بصورةٍٍ شاملةٍ، واضعاً الحقائق أمامَ
القائمين على العمليةِ السياسية، والمنتفعين
منها، وأمام المنكويبن بنارِها. لم يدر
بخلدِنا ذلكَ، ليس لقصرِ لسان المتحدثين،
بل لأن فتحُ بابَ الحق، يجعلُ الحقَ على
الجميع. خصوصاً على الذين جاءوا مع
المحتلِ، وأنتعشوا بطائفيةِ عمليتهِ السياسية،
أو التحقوا بها، وتورطوا بشيءٍ ما. أو كان
لهم مقدرةً على فعلٍ ما، ولم ينجزوه، نزولاً
لضوابطها، أومحاباةٍ لطرفٍ ما.
ولكن الذي أدلى به الشيخ جمال الضاري
رئيس المشروع الوطني العراقي، عبر برنامج
لعبة الكراسي/ قناة الشرقية نيوز، يوم 20
كانون ثاني الجاري، كان مغايراً تماماً لما
أعتدنا سماعُهُ من السياسيين. نعم نقولُ كان
مغايراً، ليس للدعاية له، بل لأن قولَهُ لامسَ
مانريدُ كشعبٍ. وما سنوردهُ ماهو إلا تقيماً
لما قاله، وليس لشيءٍ آخر، فقد قال موقفاً،
ولم يقل قولا.ً ونتمنى أن يحذوا الآخرين
حذوه، لنرفعُ القبعةَ لهم. حتى لو جاءَ قولُهم
كالذي سمعناه، حديث يسير، بلهجةٍ شعبيةٍ
متداولة، ك «مواجله » و «إحنا أخيوه ».. وخا
من المصطلحاتِ السياسيةِ الأكاديميةِ.
كان حديثُ السيد جمال الضاري، موقفاً
جريءً، قلبَ الكراسي على رؤوسِ عابديها.
قالَ حقائقاً – صحيحٌ نعرفُ بعضَها – ولكن
قولَها تعزيزٌ لموقفِ الشعب، ومطارقٌ على
رؤوس الذين أساءوا للعراقِ وأهله.
قالَ مشكلتُنا بالأساسِ، هي مع الأمريكان،
فهم من غزى العراق واحتله. وهم من
صنعَ العمليةَ السياسيةِ، ووضعَ دستورَها
كاستحقاقٍ سياسي للإحتال. وامريكا هي
من نصبَتْ الأحزابَ السياسيةِ الطائفية على
سدةِ الحكم ومكنتهم، وبسبب هذه الأحزاب،
وبسبب بدع كثيرةٍ كالمحاصصة، والولاءِ
لغير العراق، و »الديمقراطية التوافقية » والاخ
الأكبر وسواها، دُمرَ العراق ونُهب. وبسببِ
المعممين فيها أصبحَ شعبُنا على شفى
الكفر. وقولٌ كهذا لهو هدمٌ لمشروعيةِ
العمليةِ السياسيةِ.
والقول بأنَ أمريكا هي من تسعى لتقسيم
العراقِ والمنطقةِ. وهي من لم تُقننَ عمداً
النفوذَ الإيراني في العراق. فهذا تشخيصٌ
واقعي لوضعِنا كدولة، وأستبيانٌ لطبيعةِ
الفعل الممكن، وتفنيدٌ لمن يدعي أن العراق
في مسارٍ سليم .
وقولٌ من بين الكراسي، يؤكد أن سياسيي
العراق لايعرفوا ماذا يريدون، وأن القرارَ
العراقي ليس بيدِهم، بل بيدِ أمريكا وإيران.
وبعض السياسين أصبحوا أمريكان أكثر من
الأمريكيين، والساح المنفلت. لهو تعريةٌ لكذبةِ
السيادةِ التي يدعون، وللوطنية التي يزعمون.
وقولُ حق لثورةُ تشرين كان عالياً صريحاً،
حين بينَ، أن الثورة إقتربت من سحلِ
السياسيين. وأن تخوفَ الكتل السياسية
الفاسدة المتنفذة، من الثورةِ وغضبِ
أبطالها، دفع لتغييرِ حكومةَ عبد المهدي.
وقولُ ذلكَ دونَ إمتطاءٍ مزيف، أو تسويقٍ
للذات، لهو دعمٌ للثورةِ وثوارها. خصوصاً
وأنه أكد عدم المشاركةِ بها إلا بتحقيقِ
شروط نجاحها التي نادا الثوار بها.
والدعوة للحوار الوطني، والإستعانة بالجهد
الدولي، والإستفادة من مبادراتٍ لإطرافٍ
دولية فاعلة. لم تشاركَ بالغزو والإحتال
كفرنسا مثا أو روسيا ، لهو سبيل ناجع إذا
أحُسنَ الفهم والتعامل معه، وفقَ العرفِ
والقانونِ الدوليين. وهذا يؤكد وجود رؤية.
تصريحاتٍ كهذه، تؤكدُ فشل العمليةَ
السياسيةَ الطائفيةِ الأمريكية الصنع، وحقيقة
تشبث المتصدرين لها رغم ضياعهم.
وحقيقة لا سيادة العراق وتبعيته. من هذا
كلهُ نقول؛ أن ماقاله الشيخ جمال الضاري،
لم يكن مجردَ قولٍ، بل كانَ زلزالٌ يضربُ
أصحابَ الكراسي.

(Visited 7 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *