في زمن كورونا « عدوى التبلد »

في زمن كورونا « عدوى التبلد »

… إلى الذين نحبهم جداً ..
لا تصابوا بعدوى التبلد ..
هل تشعر مثلي .. بأنك تتجمد ؟!
لقد قصدتُ أن أقول بأن مشاعرنا تتبلد
أي تتجمد عن الحركة والسيولة والجريان
و تتوقف
كما يتجمد النهر الجاري
يموت فيتحول إلى مستنقع
كما تفقد الزرعة أملها في النمو
فتضمر حتى تدفن رأسها في التراب
كما لو أن المطر ليس كافياً ليُثقل غيمة
فتسقط على أفواهٍ عطشى
وكما أن يموت الهم في جوف عازف فلا ينفخ في الناي أنيناً
هكذا تتبلد الأشياء .
التبلد أحياناً هو تخثر الدم
تجلطه
محاولته في منع النزيف المستمر
ولكنه ينحبس أحياناً في مكانٍ و زمانٍ خاطئ
وحينها يشكل خطراً على حياتنا بدلاً من إنقاذها
وكأن الدم يبقى مرعوباً داخلنا يظن أن الجرح لم يلتئم
فيواصل تخثره
يواصل شعوره بالرعب وخوفه من عدوه المجهول .
حقيقةً .. أنا لا يهمني أن تتبلد
لكن ماأخشاه أن أصاب بعدوى التبلد
لا أريد أن أتبلد
أريد أن يبقى الدم سكراناً يترنحُ بين أناملي
فتكتب وتعزف وتحيي المارة .. ..
أريد أن تبقى رئتاي تحرق السجائر
مصابةٌ بقلق المدخن
فالقلق اختبار رغبتنا الجشعة بالحياة ..
أريد أن أستمر في العد
لكي تستمر لعبة «الاستغماية »
ونبقى في محاولة طفولية نضيع عن بعض لنجد بعض ..
أريد أن يبقى الرغيف ثميناً
وتبقى الحريةُ وطناً
لكي أبقى أنا مواطن ثائر في سبيل الخبز والوطن
أريد أن تستمر الكلمات
تدور في قلمي
كما تدور البيادق على رقعة الشطرنج
حتى يصبحوا في المكان الصحيح فيحرزوا نصراً
لا أريد أن أتبلد
فأسّلم بالأمر الواقع
وأرى جبالاً جليدية في الصحراء الحارقة
وأرى أشجاراً تموت وهي شامخة
وأرى دماء تتخثر دون جرح
ولا أريد أن تبلد
لكي أصبح أنا عدوى أخرى
لمن حولي
تعالوا لا نتبلد
تعالوا نقاوم العدوى
ونؤمن بأقزام سبعة
أعادوا بيضاء الثلج إلى الحياة
بعد أن كان السم سيتبلد في دمها
تعالوا نحتال على التبلد كما احتال الإغريق مع حصان طراودة على
عشر سنوات من الحصار ونهزم جيشه شر هزيمة
تعالوا نحرّك أرواحنا الغاطسة في الماء المتجمد
في حركات عشوائية ترفض الموت
وتصارع بلا توقف لكي لا تتصلب الحياة
تعال نقاوم العدوى
فأنا لاأخشى فيروس كورونا
بقدر ما أخشى عدوى التبلد

(Visited 12 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *