مظفريات  44  أمكنة النواب   / محمد السيد محسن

مظفريات 44 أمكنة النواب / محمد السيد محسن

يكتبها : محمد السيد محسن

تكاد لا تخلو قصيدة لمظفر النواب دون ذكر مكان يستعين به مظفر شعريا لرواية حدث مااو قصة ما , وتختلف الامكنة التي ترد في قصائد النواب بين واقعية وافتراضية , حيثاكتضت قصيدةوتريات ليليةبأمكنة متعددة  بدأت من الكوفة الى الشام وثم البصرةالى الاهواز لتنتهي بالقدس مرورا باماكن تأريخية كاليرموك وانطاكية وغيرها .

وفي قصيدةعروس السفائنايضا يدون مظفر عدة أمكنة يستعرض من خلالها اجواءالقصيدة , بدات بطيبةثم مصر فالجزيرة , والخليج لتنتهي في العراق .

واستخدم النواب امكنة افتراضية في بعض قصائده مثل : البحر , السجن , بساتين اللوز.

والمثير ان وفرة الامكنة في قصائد مظفر لم تقتل الغربة في داخله , وازعم انه لفرط رغبتهبالانتماء للمكان , واحساسه بأنه مطارد ومنفي ومجبر على ان يتواجد في أمكنة بعينهاتراه يركز على توظيف المكان في القصيدة.

وكانت الامكنة في شعر النواب تأخذ منحى الألم والحزن , وربما الذاكرة , والتحفيزوالتمرد .

حين يتساءل باستفهام استنكاري ويقول :

القدس عروس عروبتكم ؟؟؟

يا ويلاه

فلماذا ادخلتم كل زناة الليل الى حجرتها

ووقفتم تسترقون السمع لصرخات بكارتها

وسحبتم كل خناجركم

وتنافختم شرفا

وصرختم فيها ان تصمت صونا للعرض

فأي قرود أنتم

أولاد قراد الخيل كفاكم صخبا

خلوها دامية في الشمس بلا قابلة

ستشد ظفائرها وتقيء الحمل عليكم

——–

وحين يذكر بيروت بخرابها بعد الاحتلال الصهيوني عام 1982 , يوظف هذا الذكر لمزيد منالتمرد واستجلاب الثورة والاستعانة بالغيرة فيقول في قصيدةمن بيروت“:

استيقظوا

أيها الناس استيقظوا فهم راكبون عليكم

وإلا فكونوا صحيحا

كل هذا الخراب على النقرس الطيفي

أعوذ بكل العرافة

إن الرياح تنبئني أن طوفان نوح هناك

فابنوا السفينة مكانه

أوقدوا جيدا يا شباب

فأني قد وهن العظم مني

واشتعل الرأس شيبا

ومازلت ألقم نارك يارب من خشبي وزيتونتي

وأعرف كيف أحب ترابي

فمن لا تراب له لا سماء له

والقناديل قد رجفت

وتوسلت بالزيت أن يستمر

فإن الرياح الكريهة قادمة

والرياح العظيمة قادمة

——-

لكنه حين يذكر العراق يستعير الذاكرة من خلال توظيفه في القصيدة كما ذكر العراق فيقصيدةثلاث امنيات على بوابة السنة الجديدة” :

حينما ترتفع القامات لحنا امميا

ثم لا يأتي العراق

كان قلبي يضطرب

كنت ابكي

كنت استفهم عمن وضع اللحن ومن غنى

كنت استفهم حتى عن مذاق الحاضرين

يا الهي

ان لي امنية

ان يرجع اللحن عراقيا وان كان حزين

—–

  وبقيت حالة عدم الاستقرار المكاني تحاصر مظفر لأنه ابتعد عن وطنه , وفشل في انيجعل من الامكنة الجديدة وطنا له , تلك جذور الانتماء العراقية البغدادية الاصيلة , وذاكرةالنهر واللوز والأبواب , لم تستطع كل أمكنة الدنيا ان تشغله عنها , رغم تشبثه بها كيتنسيه ولو للحظة انه عراقي وبغدادي , وكان النهر قريب منه , انها فعلا محنة المغترب وانحل بدار الوطن. لذا تراه يشبه نفسه بترحلات المتنبي , وعقدة التعامل التي حاقت بحياةالمتنبي مع الولاة , فيقول :

أيا وطني قد ضاقَ بيَّ الإناءُ

كأن الجمال بليل الجزيرة

سوف يطولُ عليها الحداء

كأن الذي قتل المتنبي بشعر إبتداءُ

لأمرٍ يهاجر هذا الذي أسمه المتنبي

وتعشقهُ بالعذاب النساء

وما قدرٌ أنه في الجزيرة يوماً

.. وفي مصر يوماً.. وفي الشام يوماً..

فأرضٌ مجزأةٌ.. والتجزؤ فيها جزاءُ

——

هنا تطفح امكنة العراق , وتطفح الذاكرة العراقية , ولا يمكن ان ينسى الشاعر المهاجروالمترحل انه يمتلك ذاكرة غضة اسمها العراق.

في قصيدةالمسلخ الدوليكان موضوع القصيدة عن فلسطين , وأرض مغتصبة , لكنهيعكف بين حين وأخر نحو الذاكرة , فيستمد حبه لفلسطين من كونه عراقي الهوى , وميزةالهوى العراقي انه جنونفيقول :

تعَلٌل فالهوى علَلُ

وصادَفَ إنٌهُ ثَمِلُ

وكادَ لطيب منبعه يَشِف

فمانَعَ الخجَلُ

وأسرَفَ في الهوى ولها

فاسرَفَ شيبُهُ العجَلُ

وفيما كانَ في حلم ٍ تقاطَرَ حولهُ الحجل

وفاخَر صحبِهِ في رحلة الدنيا وما وصَلوا

وأمسكه هوى لبلاده ما بعده غزل

عراقي هواه وميزة فينا الهوى خبَلُ

يدب العشق فينا في المهود وتبدأ الرسُلُ

ورغم تشردي

لا يعتريني بنخلة خجَلُ

بلادي ما بها وسط

وأهلي ما بهم بخل

لقد أرضعت حب القدس

وأئتلقت منائرها بقلبي

قبل ان تبكي التي قد أرضعتني

وهي تحكي كيف ينتزع التراب الرب

من شعب ٍ ويحتَمِلُ

وتغتصب الذوائب ثم تُلوى

كمعصم طفلةٍ يرتادها مُستعمر ٍ عجِلُ

——

مظفر النواب تحاصره الامكنة ويتعشق استخدامها في قصائده لأنه يسعى لأن ينتميللمكان الذي حتمت عليه ظروفه السياسية ان يتواجد فيه , ولم يكن له ود مع ولاة الامكنةالامر الذي جعله يتعشق امكنة افتراضية  ويفترض الكون بمجمله مكانا له يتفاخر بهوينتمي اليه , ثم يعود الى مكة حيث يقول في قصيدةنهنهني الليل“:

نهنهني الليل

على كتفي بستان اللوز

وكان الصمت نبي

طرب بالكون ومن لا يطرب بالكون غبي

ايتها اللغة المرضع بين كرام النخل

مذ الشمس فتاة والبدر صبي

عربي يلهث بالشهب

إن كان نفاني من يتجر بالعبث العربي

فأيائل مكة في نسبي

—–

(Visited 14 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *