علاء الخطيب
اقذر انواع التجارة، واخس مهنة تمارسها عندما تتاجر بمعاناة أهلك وتمتهن الضحكعلى ذقون البسطاء ، ربما يُغفر لك وانت لا تعلم ذلك ولكن عندما تقوم بالجريمة مع سبقالاصرار والترصد ، فهذا يعني انك منزوع الضمير ، وتاجر رخيص ، لايبالي الا بالربحوالخسارة الشخصية للوصول الى الهدف ولو كلفه ذلك سحق الجميع .
القضايا العادلة والخيَّرة لا تحتاج مراوغة ، كما لا تحتاج الى شعارات واعلاناتوبيانات طويلة عريضة .
فليس من حقك ان تتنازل او تمنح الاخرين ما لا تملك، وليس من حقك ان تساوم علىالحقوق .
فهناك ثوابت لا يجوز تجاوزها ، وليس مباحٌ لك ان تضحي بالاخرين من اجل الوصولالى الهدف .
صحيح ان الغاية تبرر الوسيلة في عالم السياسة، ولكن الغاية لا تبرر الوسيلة فيحقوق الناس واملاكهم ومعاناتهم.
البعض بعد ان افلس من قواعده الشعبية في المحافظات الغربية ، وبعد ان جرت الرياح بما لا تشتهي سفنه ، وأدخل في تحالفه اسماء ظنَ انهم سيبنون له مجداً سياسياً ، دونان يعلم ان اغلب من التحق به هم النطيحة والمتردية و الموقوذة وما اكل السبع ، ومنهم منغاص الى الاذقان بالفساد ، والبعض الاخر بقايا الكتل المهشمة، وما لفظته الاحزاب .
بعد كل هذا وجد ضالته في جرف الصخر، ليدخلها من باب معاناة اهلها الذين هُجروا تتقاذفهم المخيمات ، بعد ان كان قسم منهم ضحايا الارهاب والارهابيين.
حينما تناهى الى سمعي ان سياسياً سنياً يرفع شعار مظلومية اهالي جرف الصخرأحسست انه يلعب لعبة انتخابية ومكسب سياسي لفريقه ليزيد من شعبيته المتهاوية ،وان الصراع بينه وبين خصومه الاقوياء هو من دفعه للمتاجرة بهذا الملف الشائك ، وهويعلم علم اليقين ان التعقيدات في هذه الملف كبيرة ، كون المنطقة مهمة ستراتيجياً ، كماانها الحلقة الواصلة بين المنطقة الغربية والوسطى، وان القوى المسيطرة لا تسمحبالعودة الى ما كانت عليه .
جازف هو وتحالفه المتهالك و يجازف في الدخول الى هذا الملف ، باعتقاده ان ورقة ” الجرف ” اقوى الاوراق التي يعلب بها بعد ان احترقت الكثير من اوراقه ، فقد كان خصمهفي المناطق الغربية قوياً ومهيمناً ، ويمتلك من الادوات ما لا يمتلكه عزمه وقوته ، وقدسيطر خصمه على الشارع هناك ، واثر في حركته الجماهيرية وامتلك زمام المبادرة ، كماامتلك القوة بين الناس .
الاعلان الاخير له وهو يتحدث عما اعتبره منجزاً للسنة في جرف الصخر ، هو بمثابةبالون اعلامي سينفجر لحظة كشف الحقيقة.
فالعودة بعد التدقيق الامني شئ طبيعي، لكن الغير طبيعي هو الموافقة على تعويضالبعض من اهالي المدينة باراضٍ
باماكن اخرى .
الموافقة على مثل هذا الشرط دون الرجوع الى اهل المدينة واعيانها، وعدم مشاورةالاخرين من ابناء المكون السني ، خطيئة وذنب يقترف بحق التاريخ ، لذا اعتبر بعضاهالي المنطقة ان هذا تنازل عن الارض دون وجه حق وان اي سياسي لا يحق له الحديثنيابة عن اهل المدينة ، كما اعتبر اخرون ان ما قام به هذا ” السياسي “خطيئة قد تفضيالى تغيير ديموغرافي .
لكن المشهد الذي شاهدناه هو تجارةٌ بالمأساة ، من اجل مكاسب انتخابية ، لم يدخل فيهاالبعد الانساني ، وهذا ما سيعقد المشهد اكثر واكثر ، فالحل يكمن بالنظرة الانسانيةالوطنية للملف ، بعيداً عن السياسية والاعيبها، وان المعاناة هي انسانية بالدرجة الاولىوليست سياسية .
ورحم الله المتنبي العظيم حينما قال : من يهن بسهل الهوان عليه
ما لجرحٍ بميتٍ إيلام .
هان الوطن عليهم فاصبحنا نلجأ الى الغرباء لحل مشاكلنا .
ومات الضمير الوطني فلم يعد هناك ألم لجرحٍ ينزُ معاناة .