مسرحية الراديو/ كافي لازم

مسرحية الراديو/ كافي لازم

كافي لازم
مسرحية الراديو

تاليف/ كين تسارو – ويوا
اخراج/دكتور محمد حسين حبيب
كلية الفنون الجميلة- بابل

نحن امام نص افريقي جميل وهادئ ، احداث متقاربه مع واقع وهموم شعوب الارض بفكرة موحدة بأن الاضطهاد الحاصل في ارجاء المعمورة هو واحد وان تعددت اشكاله … نعم الانسان دائما بحاجة لسلطة ما لتنظيم الحياة وضمان العدالة الاجتماعية ولكن ان تصل هذه السلطة الى الايغال بالاجراءات التعسفية الى حد منع المواطن من الاستماع الى جهاز الراديو وان تكون برامج محددة (تضعها هذه السلطة) مع انه المتنفس الوحيد للناس اذن هي اشد قساوة في التاريخ الحديث . شعوب كثيرة تمر بتجارب مماثلة من هذا الصراع المرير لذا فالمخرج لم يدخل في متاهات تثير الجمهور فقد ادى دوره في ايصال رسالته الانسانية لكن الجديد هو في ايغال الطغمة الحاكمة انه حتى صاحب رأس المال اصبح فقيرا ومضطهدا مع انه يمتلك عقارات واملاك الا انه لم يحصل شيئا من ساكني هذه العقارات ولا فلسا واحدا لانهم لم يحصلوا على ادنى سبل العيش وهو الغذاء في ابسط حالاته فأصبح هو ايضآ جائعآ مثلهم انها مفارقة ولا شك اجاد المخرج محمد حسين الحبيب تجسيدها وفق اسلوب فني جميل وفيها يؤكد ان الدكتاتورية اخضعت حتى الرأسمالية لطموحاتها ، وخلال الهدوء الذي ساد القاعة لتوصيل ثيمة العمل بأسلوب سلس … فكرة العرض تدور حول احد المواطنين يستدعي صديقه التائه في المدينة والمفلس تماما ولا احد يسد رمقه من الجوع غير ان هذا الصديق الذي يعيش في نزل مكتظ هو الاخر يشعر بالجوع والفاقة وليس له الا بقايا اوراق شاي في (القوري) حينها يأتي صاحب النزل يطالبهم في الايجار ماسكا قنينة البيرة وهو سكران الا انه يخرج خائبا من عدم توفر بدل الايجار وينسى قنينة البيرة … وفي لحظات اخرى يأتي المروج الاعلامي لهذا النوع من البيرة ويطابق المواصفات المطلوبة لهذه القنينة واستبدله بجهاز راديو بطريقة المقايضة وهنا يدخل كرمزآ للاعلام مع المايكات المنتشرة على خشبة المسرح والتي ترمز للكذب والدجل والنفاق في فكر قادة البلد كما انعكست هذه الحالة على السلوك المجتمعي لاسيما الموظفين السائرين على نهج الحكومة الكاذب كل هذا يجري في حوار سلس قريب الى التعامل اليومي للمتلقي واحيانا تدخل مفردات شعبية في مكانها الصحيح .
اما من ناحية الاداء التمثيلي فأني اجد الممثل (احمد عباس) كان بمستوى جيد لفهمه الدور وقريبا لمشاعر الجمهور من حيث ان شخصية (الاي)شخصية اكثر انتشارا في بلدان العالم على حد سواء الفقيرة والغير فقيرة فقد جسد حالة البؤس والعوز والجوع بطريقة محببة وان حالة الاسترخاء والهدوء في ادائه يذكرنا بالراحل يوسف العاني في (عبود يغني) وتناغم معه مخرج العمل وممثل شخصية باسي مع انه شخصية مختلفة من ناحية نظرته للحياة وهذا شيء مهم في ان فعل الاختلاف ينتج لنا حوارا ممتعآ رغم وجود بعض الاطالة في بعض المشاهد واصبح الحوار يسيرُ افقيآ في بعض حالاته وبالتالي تأثر ايقاع العمل .
اما الممثل (مهند بربن) بدور صاحب المنزل كان مجيدا في ادائه وهو ايضا شخصية محببة وممكن ان يشغل مساحة اكبر لو تدخل المخرج في تاليف النص كذلك الممثل (علي عدنان التويجري) بدور موظف حكومي ايضا ادائه مقنعا في تجسيد حالة الكذب ونفاق الحكومة ،واذا عرضنا لشخصية (هاي نيكن) فهي الاخرى قابلة ان تأخذ مساحة اكثر لو تعمق الحوار ليأخذ ابعادا اكثر تركيزا وكان بملابسه التي تشبه شخصية البلياتشو ان يلعب اكثر الى ان يغني حتى . والى الممثل الصابر (علي العميدي) في دور الرجل المستمع في اقصى وسط المسرح فقد تهيأ لي ان الفانوس الذي بين بيديه والراديو بجنبه يؤكد انه لابد ان يكون هناك ضوء في نهاية النفق .
حقق المخرج (محمد حسين الحبيب) مبتغاه بطريقة سلسلة وهادئة وكأننا في قاعة درس ممتع.
وسُئل مخرج المسرحية ماذا يعني لك نهاية العرض ؟ اجاب: ان استمرارية انتظار الرجل المستمع بعمره الطويل للخبر العاجل من الراديو الذي هو رمز الاعلام والذي ممكن ان يقلب الوضع المزري والقذر رأسا على عقب ربما لسنين اخرى طويلة ايضا لكن عبر اللابتوب هذه المرة مع التطور التكنولوجي وبقاء قصدية الفانوس الواضحة رغم التطور العلمي التقني الحديث الا ان الناس هنا في هذه المدينة ما زالت ليست قادرة على الاستغناء عن الفانوس رغم انفها بسبب الفساد والقذارة السياسية الحاكمة .
وفي الاخير حسنآ فعلت دائرة السينما والمسرح لاستضافة كلية الفنون الجميلة – جامعة بابل وكذلك حسنا فعلت بالدخول بنظام البطاقة المرقمة والتي حُدد سعرها بخمسة الاف دينار عراقي لمساعدة تكاليف العرض والدعم اللوجستي

(Visited 36 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *