جرأة الاحتجاج في اعادة التشغيل  قراءة في معرض الفنان وسام اللامي

جرأة الاحتجاج في اعادة التشغيل قراءة في معرض الفنان وسام اللامي

د. حسن السوداني
يذهب الكثير من الفنانين التشكيليين الى البحث عن اساليب تعبيرية مغايرة ويبذلون في مسعاهم ذاك الكثير من الجهد لصعوبة المنافسة وسط عدد غير محدود من  اقرانهم مما يؤدي ذلك الى التضحية بالمضامين الهادفة احيانا على حساب الاشكال المنتجة!! غير ان الفنان وسام اللامي بمعرضه المقام في غاليري ننار بمدينة مالمو السويدية يختار مضموما مهما متمثلا بفكرة النهايات المفاجئة..الفكرة التي تخيف الناس ولا يستسيغونها ويحاولون كثيرا  وبواسائل تعبيرية متعددة ان يستعيدوا عالم قبل الانتهاء.. هذه الفكرة  تبدا من اسطورة كلكامش  الذي لم يالف فكرة فقدان صديقه انكيدو ولا تنتهي بوسام اللامي وهو يرفض موت كلبته الوفية (تيا) ! ويحاول اعادة التصنيع او التشغيل من جديد برسمه في مراحل زمنية متعددة .
المزاوجة بين النحت واللوحة
يتضمن المعرض اكثر من خمسين عملا توزعت بين الاعمال النحتية  واللوحات التشكيلية..
في اعماله النحتية يستعيد وسام اللامي  التشكيلات الطينية ليكورها على شكل بورتريهات  تبتعد عن العالم الحقيقي لكنها تجبرك كمتلقي على الاعجاب بها, فهو يعمد الى التلاعب بالتفاصيل المحددة لاجزاء المنحوتة محولا اياها الى مشروع تداولي فاتحا الباب اما تاويلات متعددة لا يمكن حصرها في اتجاه واحد, ففي عمله (كوفيد 19) يقدم ثلاثية نحتية ترمز الى ادانة الوباء من خلال تجمع العائلة التي فرقتها الحياة واساليبها التكنولوجية فيضفي نوعا من الحميمية على تلك العائلات التي وجدت من (الخوف)  فرصة للتجمع واستعادة الامان. كما يذهب وسام اللامي الى مناطق السكون ليحيلها الى مناطق صاخبة تلفت الانتباه تاركا المشاهد في دائرة التساؤلات وهو ما يمكن للفن ان يحدثه في عالم غير ملفت للانتباه, فيعمد الى عرض اعمال غير مكتملة او حتى مكسورة او مهشمة لشخصيات تركت ندوبا حزينة في ذاكرته.. ندوب عنصرية لاشخاص بغيضين يرميهم في سلة المهملات عن عمد ولا يحاول ان يعيد لهم فكرة التشغيل مجددا فليس الكل يستحق ان يحيا بذاكرته!
 ان اهتمام وسام اللامي بالانسان كمركز لاشتغالاته يعبر من جانب اخر عن رؤيته للحياة عبر الذات المحركة للكون , فما يصدر من مشكلات كونية تهدد وجود هذا العالم مصدرها الانسان ذاته فيذهب وسام اللامي الى مده باستطالات او انحناءات او مبالغات في مناطق محددة تشعرك كمتلقي بما يمكن ان تثيره تلك الاستطالات الغريبة, ففي عمله (حرب متتهية) تظهر ملامح الحزن والغضب في راس مقطوع كتعبير احتحاجي عن مسببي الحروب ومشعلوها.
الاعمال التشكيلية
في اعمال المعرض التشكيلية تسيدت الموضوعات الانسانية في مضامين اللوحات  لكنها تشكل بمجموعها خيطا واضح الترابط والعقد.. في اربعة لوحات حملت عنوان (علاقة)  يظهر وسام اللامي مفهومه العلاقة بين اثنين.. لكنه يعطي عنوانات فرعية تحتها(ربع علاقة.. نصف علاقة.. ثلاثة ارباع علاقة.. علاقة مكتملة) في اللوحة الأخيرة نجد ان الشخصيات فيها قد شاخت!!
ثم يقدم عدد من اللوحات عن مدن عاش فيها بمملكة السويد برغم ما تحمله من عمران الا ان الكآبة تغلف المشهد ‘ كما يفرد  مساحة كبيرة من لوحانه لكلبته  تيا التي فقدها
بسبب المرض ومراحل عيشها معه. في هذا المعرض
يوظف الفنان خبراته الفنية في معالجة ظاهرة  تتداخلفي فيها الازمنة وتتلاشى الأحلام  بالواقع ويصبح البعيد قريبا والقريب بعيدا.. انها استعادة  ايهامية جمالية تسد فجوات في الروح  من المفقودات وترمي في ذات الوقت الكثير من الذكريات المؤذية  الى سلة المهملات التي ترك لها لوحة غير مكتملة في وسط المعرض!
خطاب اللامي في معرضه هذا يحمل سمات الاعتراض  ولا يركن للموجودات  باعتبارها حقائق  ثابتة بل على العكس من ذلك يعلن على الاشهاد ان الفن قادر على اعادة المصنع حسب قوانين الفن  وليس غير ذلك.
ان عالم الفوضى الداخلية في اعمال اللامي تبرز حجم ما يعتمل في داخله من تساؤلات احتجاجية رافضة لما يدور في العالم من تناقضات وظلم وتحكم عشوائي بمصير الانسان من قبل
الانسان ذاته
وسام اللامي
 نحات  ولد في بغداد بالعراق عام 1970. منذ الطفولة كان لديه اهتمام كبير بالنحت على الطين .
ودرس  في أكاديمية الفنون الجميلة / جامعة بغداد وتخرج منها عام 1994. وأشرف عليه نحاتون مشاهير من بينهم النحات العراقي إسماعيل فتاح الترك حيث عمل  معه في عدة مشاريع نحتية ابرزها نصب الشهيد في العراق وهو من المعالم الفنية البارزة في العاصمة العراقية بغداد
انتقل للعمل في الجامعات الليبية  حيث عمل  مدرسًا لفن النحت في جامعة درنة الليبية .
اقام معرض مشترك مع الفنانة السويدية ماريغريتا هيورتسبيري في مدينة فاربرغ ، هالاند
كما أقام  في السويد العديد من المعارض الفنية وعمل مع الأطفال والشباب في عدة مدارس في مدينة فاربرغ ، هالاند السويدية للمبتدئين والمحترفين وشملت تلك النشاطات مدينة مالمو السويدية.
 يركز وسام كثيرا  على  الوجوه والأجساد في اعماله النحتية
يعيش اليوم مع زوجته وأطفاله الأربعة في فاربرغ ، هالاند
(Visited 133 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *