إيران و تداعيات الحرب في أوكرانيا … زيد نجم الدين

زيد نجم الدين

مع تصاعد نيران الحرب في أوكرانيا ، تعقد في العاصمة النمساويو

فيينّا جلسات حاميةمن مفاوضات إحياء إتفاق تموز ٢٠١٥ المتعلق ببرنامج إيران النووي، و لأن الاحداثمترابطة و متأثرة ببعضها البعض؛ يهتم المراقبون و المحللون السياسيون في دراسة مدىتأثير الإجتياح الروسي لأوكرانيا على وضع ايران بالمجمل لكون الاخيرة متأثرة بهذاالصراع بطريقة غير مباشرة، فروسيا هي حليف إستراتيجي لإيران و هي عضو فيمجموعة (٥+١) المفاوضة، لذلك ما يصدر عنها (روسيا) على مستوى العلاقات الخارجيةو السياسة الدولية يؤثر بشكل كبير على سير المفاوضات في فيينا من خلال نوعيةالانطباع الذي سيتولد عند دول (٥+١) الاخرى و اقصد الولايات المتحدة، بريطانيا،فرنسا، الصين و ألمانيا.

في هذا المقال سنتحدث بشكل تفصيلي و في عدة مستويات عن سيناريوهات و مواقفمحتملة تخص ايران و مصالحها في ظل الازمة الروسيةالاوكرانية؛

اولا ؛ الملف النووي الايراني

ان الولايات المتحدة قد تتراجع قليلا عن شروطها إتجاه إيران في موضوعة الملف النوويبغية الدفع بإتجاه تعجيل احياء اتفاق تموز ٢٠١٥ لكن شريطة ان تتعهد ايران بترك روسيافريدة في عزلتها الدولية، و ان لا تكون إيران ممرا لإلتفاف روسيا حول العقوبات الغربية. من جهة اخرى، هنالك ثلاثة محفزات قد تحفز إدارة الرئيس بايدن نحو حسم الملف النوويالايراني مبكراً، وهي ؛

الحرب في أوكرانيا قد تجعل إدارة الرئيس بايدن بحاجة لتحقيق نجاح على مستوىالنشاط الخارجي يغطي على ما يحصل في أوكرانيا ، لا سيما ان الرئيس ترامب اطلقتصريحات ساخرة عن سياسة الرئيس بايدن إتجاه أوكرانيا ،  و قد إعتبر إن إجتياحروسيا لأوكرانيا هو بسبب ضعف اداء خلفة الرئيس بايدن، هكذا تصريحات و ما تحدثهمن تفاعلات لاحقة على مستوى الصحافة و الرأي العام في الداخل الامريكي تضع إدارةالرئيس بايدن امام حرج كبير.

السيطرة المبكرة على طموح ايران المتنامي نحو النووية، لاسيما ان ايران باتت قريبة عنان تكون قوة نووية في منطقة حرجة و حساسة جدا بالنسبة للولايات المتحدة و الغرب، وهذا ما أكده خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الشئ الذي قد يدفع الولايات المتحدة الىابرام اتفاق يحد من طموح إيران النووي.

بعد ان تراجعت الولايات المتحدة (و دون اعلان رسمي) عن تفعيل العمل في سلسلة ومنالاستثناءات التي عُلِق العمل بها ضمن حزمة عقوبات قصوى فُرِضت على إيران في وقتسابق ، الشئ الذي إعتُبر اعتراف ضمني بفشل سياسة العقوبات القصوى في ثني إيراناو إمتثالها لإرادة الولايات المتحدة.

ثانيا؛ العلاقات الاقتصادية

ان العقوبات الاقتصادية على روسيا فضلا عن القطيعة الاوربية لروسيا كلاهما قد ينجزانعلى أمل روسيا في الاتحاق بالمشروع الصيني الاقتصادي الواعد (مشروع الطريق والحزام) ، اذ ان روسيا تمثل احدى اهم الممرات لمرور طريق الحرير من الصين عبركازاخستان مرورا بروسيا وصولاً لأوربا، و هذا ما يعزز من فرص ايران التنموية ، اذ انهاستكون المنفذ الوحيد لمرور طريق الحرير نحو أوربا.

في ما يخص الطاقة، فإن امام إيران فرصة عظيمة لتعويض الحاجة الاوربية للطاقة كبديلعن روسيا المحاصرة اقتصاديا، يذكر ان الرئيس روحاني كشف في زيارة سابقة لأنقرة عنامكانية بلادة سد حاجة تركيا من الغاز، و تعتبر تركيا ثاني اكبر مستورد للغاز بعد المانيا. و هذا ما قد يكون من المصالح المشتركة التي تدعم امكانية الوصول الى اتفاق استراتيجيمع الولايات المتحدة الساعية لايجاد مصدر بديل للغاز الروسي في أوربا.

اما روسيا فمن جهتها مدركة لحجم تلك الفرص المتاحة لإيران و إنعكاساتها السلبية علىروسيا ، لذلك فهي تعمل من خلال عضويتها في مجموعة ٥+١ على بذل ما يمكن بذله فيتعطيل المضي نحو اتفاق استراتيجي نووي يحرر إيران من قيود كثيرة. ما يؤكد ذلك هوما ورد على لسان وزير خارجية طهران السابق جواد ظريف من خلال ما يعرف بتسريباتظريف و التي تحدث فيها عن الدور السلبي لروسيا في عرقلة التوصل الى اتفاق نوويحاسم في مفاوضات عام ٢٠١٥.

ثالثاً؛ العلاقات الخارجية

على مستوى العلاقات الخارجية ، فان موقف ايران اتجاه الحرب في اوكرانيا بدى حيادياًالى حد ما ، فما صدر عن المرشد الاعلى علي خامنئي تضمن موقفين الاول مناهض للحربفي اوكرانيا، و هذا يعتبره الغرب إيجابيا ً ، اما الثاني فهو مناهض لدور الولايات المتحدةفي أوكرانيا، اذا ان المرشد اتهم سياسة الولايات المتحدة بالوقوف وراء هذه الازمة و اناوكرانيا هي ضحية لهذه السياسة. اما موقف ايران في الجمعية العامة فعبر عن الحياديةبوضوحٍ أكثر من خلال امتناع ايران عن التصويت على مشروع قرار أممي حول أوكرانيا. موقف ايران المحايد هذا يأتي بناءاً على عدة اعتبرات و أولويات تحددها طهران في رسمسياستها الخارجية و منها؛ ان طهران لن تنسى لأوكرانيا تصويتها في مجلس الامن علىفرض حزمة عقوبات ضد ايران، ايضا ، ان العلاقة بين طهران و كييف مرت بأطوار  مضطربة عقب إسقاط طائرة مدنية أوكرانية قرب طهران، تبع ذلك تصريحات متوترة بينالطرفين منها اتهامات كييف لطهران بالتباطؤ و الامتناع عن التعاون في استكمالالتحقيقات المتعلقة بإسقاط الطائرة الأوكرانية.

رابعاً؛ المصالح الإيرانية في المنطقة

اما على مستوى المصالح الإيرانية في المنطقة فتسعى ايران الى استثمار التوترالإسرائيلي الروسي الذي افتعلتهُ تصريحات وزير خارجية إسرائيل يائير لابيد و التيأدانت  الاجتياح الروسي لأوكرانيا، و التي قوبلت برد روسي على لسان ممثل موسكو فيالامم المتحدة و الذي عبر فيه عن قلق بلادة من خطط تل ابيب المعلنة لتوسيع النشاطالاستيطاني، و اكمل ان بلاده لا تعترف بسيادة اسرائيل على الجولان السوري. هذه الازمةقد تسعى ايران لتوظيفها بإتجاه تغيير موقف الرئيس بوتن بالسماح للطيران الاسرائيليمن تنفيذ عمليات ضد حلفاء ايران في سوريا.

 

 

(Visited 22 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *