كتب رياض الفرطوسي
ماذا لو انقلبت الامور بشكل مفاجىء وتحولنا الى مجتمع يحترم القانون والمؤسساتوالحرية الشخصية والعدالة وننبذ الكراهية والعداوة والوحشية مع الاخرين ونحولبيوتنا الى مساكن للطمأنينة والهدوء والاستقرار والحوار بدل ان تصبح معتقلات نفسيةمعقدة للعقاب والقسوة والوحشية. ماذا لو فهمنا التربية الحقة للاطفال ( نباتُ المستقبل ) وادركنا براءتهم وعفويتهم وانهم لا يحملون اثما او خطيئة ‘ وان نمارس اللعب معهموننتزع كل طاقة الغضب والعنف من دواخلهم وتحريرهم من الحبس الداخلي الذي قدينشأ نتيجة الخوف والزجر والترهيب والضرب. ونحاول ان لا نبتر نموهم الطبيعي ولانزرع في شخصياتهم اوهام مركبة ولا نحرف قناعاتهم البريئة بالحياة والناس. مهمانصنع لهم من اقنعة مشوهة فسرعان ما تصطدم بحقيقة الواقع. ماذا لو انقذنا المرأة منالمناخ العصابي ومن الفحولة الناقصة ومن التشوه النفسي والنكوص العقلي والعلميلدى البعض الذي يجعلهم عاجزين عن رؤية اي شي حقيقي من اجل جعلها جاريةومطيعة وخانعة ومستسلمة. البعض لا يرى خارج محيطه ولا يعرف ماذا يحصل فيالعالم من تغيير وتطور وثقافة ولغة وعلوم. ويتغذون من ذات الاوهام الراكدة التي تعودواعليها.
ماذا لو تخلى الكتاب وارباب الثقافة عن التنظير والتفكير وسخروا مناهجهم بشكل عمليللحياة والمجتمع بدل اقاماتهم الدائمة في الصالونات والندوات والفضائيات والمؤتمرات. لأن النصوص والابداع والكتابات لا تتكامل اذا لم يتكامل معها الوطن. ماذا لو توقفنا عنالاستنساخ والتطابق والتكرار والتشابه والتماثل والسير والتفكير بأتجاه واحد وتخلصنامن العبودية والطاعة العمياء والنمطية والاجترار واصبحنا نمتلك قوة نفسية وطاقةجبارة قادرة على التحدي من اجل تشكيل مفهوم الانسان المستقل كما يجب عليه ان يكون. ماذا لو عرفنا من يحرق ومن يسرق ومن ينافق ومن ينعق ومن يقتل ومن يقبض ومن يهادنومن يبيع ومن يشتري ومن يتاجر ومن يسافر ومن يغامر ومن يحترف ومن يرتجف ومنيعتكف. ماذا لو تغيرت عاداتنا ومفاهيمنا وسلوكياتنا الرثة والتحرر من الاقبية النفسية ( بكل ما فيها من احلام ولغة ومشاعر )وحل محلها واقع جديد بعيد عن الانتفاخات المرضيةوعقد النقص وعقلية الثأر والغريم والجلد والغطرسة. ماذا لو امتلكنا ناصية امرناواصبحنا مجتمع سوي ومتفاهم ‘ ولا نؤمن بشي ونفعل عكسه ‘ بحيث نكون في السر كمانحن في العلن. ماذا لو توقفنا على ثقافة الانغلاق والتعصب والعناد وسرد المروياتالبائسة والاساطير الراكدة . ماذا لو ادركنا قيمة القلوب الطيبة للناس الذين يعيشون معناولا نعتبرهم ( فقراء ) وهو معنى يشير للضعف والهشاشة والرقة في بيئة نمجد القوةوالغلظة. ماذا لو استبدلنا امن الجماعة والعشيرة والقبيلة والحزب والتيار والقوميةوالعرق بأمن الوطن بحيث ان الوطن هو من يوفر الامان والكرامة والقانون والعدالة. ماذالو تحولنا من متفرجي مسرح ( نصفق ونضحك ونبكي ) الى صانعي تاريخ جديد وقصةجديدة ( انطوان تشيخوف يقول المهم في الحياة ان لا تقف متفرجا). ماذا لو تحولت ( الجماعات الفرعية ) والزعماء والرؤساء والامراء واصحاب الشركات والمصارف والمنظماتوالجماعات الى كيان وطني واحد . كيف سيكون وضع الانسان في هكذا مجتمع . مجتمعينتفض على كل ما هو قديم ومشوه وتصبح السلطة هي المجتمع والمجتمع هو السلطة.