وجهت مجموعة من فناني شرق اوربا، دعوة مفتوحة الى جميع الفنانين بما اسمته بالعصيان الفني، جاء ذلك في بيان اطلق من قبل فنانين و مثقفين في جمهورية سلوفينيا بالاتفاق مع فنانين و مثقفين من جمهورية الجبل الاسود.
هذا العصيان يدعوا الى اقامة اعمال فنيه من رسم و تماثيل و اعمال فنية بصريه، توضع بشكل مباشر من قبل الفنانين في الشوارع العامة و الساحات في كل مدن اوربا، ليس فقط اوربا الشرقية، بل جاء التركيز و التوصيه على اوربا الغربية، صاحبة المال و الامكانات المتاحة.
من توصيات البيان، ان على الفنان ان يجيب على الاسئلة ادناه بشكل مباشر و ان يضع عمله او عملها في الشوارع دون اخذ الاذن من اي سلطة او اي جهة رسميه.
ماذا يحدث لهوية الإنسان بعد نزوحه من وطنه؟
– إلى أي مدى يعتمد الفنان على المنطقة المعروفة باسم الوطن؟
– ماذا لو تحولت أرض الوطن إلى منفى؟
– كيف تحدد العلاقات بين الهوية السياسية لدولة ما والوضع المعيشي للأفراد؟
كتب ألكسندر هيمون ، وهو كاتب أمريكي من أصل بوسني ، في مقال عن تجربته الخاصة في المنفى: “إن اختزال المهاجرين إلى كتلة مجهولة ، وحرمانهم من قصصهم هو جريمة ضد الإنسانية والتاريخ”. كذلك يشكل الفضاء البيني ، الذي ينشأ المهاجر بعد الهروب أو الخروج من وطنه الام ، جسراً غريباً بعيد المنال – فضاءات و انتقالات وإدراك جديد تخفي ورائها طبقات كثيرة و معاني تبقى مجهوله في الحياة والتجارب التي تلي الانسان في المنفى. إما ان يكون ضمن مشهد شخصي بدون جمهور ، أو اختزال واقع المرء إلى رسوم بيانية وإحصاءات.
في عصرنا الذي يتميز بفرص يسهل الوصول إليها في الخارج ، والشراكة عبر الحدود ونزوح الشباب ، وكذلك الاضطرابات السياسية في المنطقة الأوروبية ، وإضعاف الديمقراطيات الوطنية والهجرة ، أصبحت قضية الهجرة و من ثم الحياة في المنفى ملحة على كل فرد بشكل متزايد. في نهاية عام 2021 ، اندلعت أزمة لاجئين جديدة على الحدود البيلاروسية البولندية. تم استغلال هذه الازمة في حياة الأفراد طالبي اللجوء كجزء من التكتيكات الهجينة في منطقة الحدود العسكرية. ردت الحكومة البولندية على الأزمة بإرسال قوات وبناء سياج من الأسلاك الشائكة عبر الحدود. و كذلك تواصل السلطات البولوني منع منظمات المساعدة الإنسانية والطبية من دخول المنطقة التي تعيش فيها مجموعات المهاجرين في الشتاء القارس ، ولا تجد ملاذاً في أي منطقة: ولا حتى في أوروبا “المفتوحة” المزعومة والمرحبة.
تسلط الأزمة التي أطلقها ألكسندر لوكاشينكو الضوء على الهشاشة الحادة للسكان الذين تحولوا إلى “حياة جرداء” تحت قوة الصراعات الجيوسياسية (الحياة المجردة هذا المصطلح قدمه جيورجي أغامبين والذي يشير إلى عملية تقليص حياة المرء إلى المادة البيولوجية من خلال إهمال أبعاد نوعية الحياة وحقوق الفرد). لا تقتصر هذه الممارسة على المناطق النزاعات و المناطق الحدودية ولكنها تتميز أيضًا بالعنف الهيكلي في أرض المنفى (على سبيل المثال ، قمع السكان الفلسطينيين في ظل نظام الفصل العنصري الإسرائيلي).
في هذه الجو المفتوح ، تبحث مجموعة من الفنانين بموضوع المنفى من خلال اعمالهم الشخصية او من خلال اقامة فعاليته فنية في جو مفتوح كرد فعل على ما يقوم به بعض السياسيين. و الذي يطلق عليه – الصراع – المقدس”. توجية دعوة مفتوحة لتقديم اعمال في الشوارع و الساحات العامه دون سابق انذار او توجيه او طلب اجازه من جهة، فهذا العمل سيكون بمثابة اشعار الى كل من تسول له نفسه بالاعتداء على الاخرين في خلق الحروب المفتعله و المدعومة من جهات معلومة لاستمرار القلق بين البشر و استمرار الهجره و تزايد اعداد النفيين في هذا العالم الواسع.
موضوعات الاختلاف والهوية هي التي ستسود في هذا العالم، و تتفاقم الاسئلة و تتعاظم لسبب نعرفه جميعا، لكن لا نستطيع الجهر به، ان اقامة اي فعاليه او نشاط انساني فني في عموم شوارع المدن في العالم هذا دون سابق اعلان، ستعلن صفارة انذار و تطلق صيحات مدويه في الشوارع و الساحات العامه، حتى للذين هم في الضد من قضايا المهاجرين او مع المهاجرين.
نحن لا نستغرب من أي شخص من “الهروب” من بلد إلى آخر. بل نتوقع هجوم مليوني سيكون من بلدان النزاعات، و علينا النظر بشكل مستمر الى ما يدور في الاروقة السياسية و متابعة تشعبات حالة المنفى ومعالجتها في الفن. فالفضاء المفتوح، سيثير لكل رواد الشوارع اسئلة كثيره و كبيره، خصوصا اذا كانت المواضيع عن الهجرة و الحروب و فقدان الهوية. يجب الاهتمام بالفنانين الذين عاشوا أو يعيشون حاليًا في بلدان ذات مبادئ ديمقراطية وحريات مدنية معرضة للخطر.