عرب كامب ديفيد  *عارف العضيلة

عرب كامب ديفيد *عارف العضيلة

**شمال شرق

عارف العضيلة

أرتبط تاريخ العرب السياسي الحديث بمنتجع الرئاسة الأمريكية في ولاية ماريلاند .. المعروف بأسم (كامب ديفيد) ..

وبالمناسبة فهذا المنتجع هو جزء من ثكنة عسكرية في غاية التطور ومكتملة الخدماتوالمرافق تملكه وتديره (مشاة البحرية الأمريكية) .. وخصص كامب ديفيد بالأصل ليكونمقراً رئاسياً لرئيس الجمهورية. بصفته القائد الأعلى للقوات العسكرية الأمريكية ..

ويستخدم رؤساء أمريكا هذا المنتجع لقضاء فترات الإجازة أو لإستقبال الضيوف ورؤساءالدول وكبار الساسة وعقد المؤتمرات واللقاءات والإجتماعات السياسية والعسكرية.

عقد في هذا المنتجع ثلاث إجتماعات هامة للغاية تخص العرب وتكون الولايات المتحدةالأمريكية طرفاً بها أو راعية لها .. هذه الإجتماعات كانت مصيرية وفي غاية الأهميةوالحساسية والسرية.

فكامب ديفيد صار جزءاً مهماً من التاريخ العربي في عصره الحديث ..

بل وكان للعرب الفضل الأهم لبروز نجم (كامب ديفيد) وشهرته العالمية ومكانته التاريخية .. حيث كان أهم الإجتماعات التي عقدت في المنتجع بين مصر والإسرائيليين وكانت إتفاقيةالسلام العربية الإسرائيلية الشهيرة جداً في أواخر سبعينات القرن العشريين. وتحديداًفي خريف 1978م برعاية مباشرة وخاصة من الرئيس جيمي كارتر .. وأستمرت المباحثاتقرابة الأسبوعين .. فكان نتيجة مباحثات هذه الأيام معاهدة السلام وإقرار الحقالفلسطيني في الحكم الذاتي في الضفة والقطاع.

عرفت هذه الإتفاقية بإتفاقية كامب ديفيد. وكذلك سميت جولة المباحثات بذات الإسم ..

هذا الاجتماع هو الأشهر ضمن منظومة الإجتماعات العربية الثلاث المنعقدة في كامبديفيد. ويتميز أيضاً بأنه أكثر هذه الإجتماعات إنكشافاً على الإعلام .. ودرجات السريةبالإجتماع ونتائجه ومراحله قليلة جداً .. بل ونشر وكتب وتحدث الكثيرون عن هذاالاجتماع .. وكان لهذا الاجتماع نتائج على أرض الواقع.

وأدى إلى عدة متغيرات سياسية وجغرافية .. وظلت تبعاته ماثلة للعيان إلى اليوم .. خلافما لحقه من إجتماعات عقدت بذات المكان.

وثاني إجتماعات العرب في كامب ديفيد كان في أول صيف في الألفية الجديدة. في أواخرأيام الرئيس بيل كلنتون الرئاسية الذي أراد أن يكون أحد صناع السلام فدعى إلى قمةأسماه كامب ديفيد -2

كان الإجتماع العربي الأول قد تم بدون غطاء عربي بينما تم الاجتماع الثاني بغطاء ودعمعربي كبير للمفاوض الفلسطيني الذي يرأسه الرئيس ياسر عرفات .. وكان على الجانبالتفاوضي المقابل رئيس الحكومة الإسرائيلية ..

حرص كلينتون على صنع إتفاقية سلام جديدة. ولذا أختار كامب ديفيد موقعاً للقاءاتالتفاوضية.

وحرص على أدق التفاصيل .. حتى أنه أسكن الوفد الإسرائيلي بذات الأجنحة التي سكنهاالإسرائيليون عام 1978م .. وكذلك أسكن الفريق الفلسطيني بذات الأجنحة والمرافق التيخصصت للمصريين في كامب ديفيد الأولى ..

وأيضاً أستمرت الإجتماعات على مدى أسبوعين .. الاجتماع الأول كان سرياً لم يعرف أحدعنه إلا بعد نهايته وإعلان نتائجه بينما الإجتماع الثاني أريد له أن يكون سرياً .. لكنه ظلتحت متابعة ونظر وسائل الإعلام العالمية رغم إتخاذ إجراءات صارمة عزلت الفرقالتفاوضية عن التواصل مع العالم الخارجي وعزلت وسائل الإعلام عن مكان هذه القمة ..

وكما سخر كلينتون فريق إدارته من أجل تحقيق مكاسب ونتائج إيجابية في كامب ديفيد – 2 كذلك فعل العرب حيث تم تعميد السفيرين السعودي والمصري في واشنطن ليكونا فيحالة إجتماع مستمر لتقديم الدعم والمساندة للمفاوض الفلسطيني ..

تمسك الجانب الإسرائيلي بمطلبه بضم القدس الشرقية لإسرائيل وتمسك صانع القرارالفلسطيني برفضه لهذا بشكل قاطع.

وأنتهى الاجتماع إلى لا شيء .. وأعلن ذلك كلينتون في مؤتمره الصحفي وفض الاجتماعإلى فشل تام لكامب ديفيد – 2. لتشتعل بعد ذلك منطقة الشرق الأوسط بلهيب قاسيوحارق من الأحداث السياسية والعسكرية بدءاً من إنتفاضة الأقصى ثم تداعيات أحداثالحادي عشر من سبتمبر والعنف الشديد الذي شهدته الأراضي العربية المحتلة بقيادةالرئيس الإسرائيلي أريل شارون.

وبالتأكيد ما تزال العديد من ملفات هذا الاجتماع لم تكشف بعد والكثير من الأحداثواللقاءات ما تزال سرية ..

فما كشف وما علم عنه في هذا الإجتماع ليس مساوي أبداً لما كشف عنه في كامب ديفيد – 1.

أخر هذه الإجتماعات العربية برعاية من الرئيس باراك أوباما أيضاً في أخر أيامه الرئاسيةوتحديداً في ربيع 2015م .. كامب ديفيد – 3  تمت بين قيادات دول المجلس التعاونالخليجي والرئيس الأمريكي دون وجود طرف ثالث .. عقد الإجتماع بسبب الإتفاق النوويالأمريكيالإيراني .. وبسبب التغيرات التي شهدتها المنطقة العربية بسبب تداعياتأحداث الربيع العربي ومحور هذا الإجتماع كان أمن منطقة الخليج العربي.

هذا الإجتماع كان سرياً للغاية .. ونادرة جداً الأحداث التي تم تسريبها من داخله ..

لكن وفقاً لخبراء ومتابعون سياسيون يرون إن هذا الاجتماع لم يقدم الشيء المرضي لقادةدول الخليج العربي ..

مما جعل السعودية تضع كافة ثقلها السياسي لعقد عدة قمم إسلاميةعربيةخليجيةفي الرياض بحضور الرئيس الأمريكي ترامب من أجل أمن منطقة الخليج العربي لتعطيهذه القمم نتائج إيجابية ومهمة .. وتقدم ما فشلت عن تقديمه قمة كامب ديفيد – 3.

كاتب سعوديالرئيس التنفيذي لدار مصادر للدراسات والأبحاث الإعلامية.

للتواصل تويتر / @msader16

(Visited 34 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *