مشاريع الوحدة العربية الإندماجية  *عارف العضيلة

مشاريع الوحدة العربية الإندماجية *عارف العضيلة

**شمال شرق

عارف العضيلة

ظل حلم الوحدة العربية هاجساً كبيراً وخاصة للقوميين العرب وللمتحمسين لفكرة الوحدةالعربية من المحيط إلى الخليج والعكس ..

قويت هذه الأفكار والأراء في أواخر الحكم العثماني .. لتبلغ ذروتها مع إنطلاقة الثورةالعربية الكبرى والتي أعلنت وأنطلقت بمدينة الطائف عام 1916م .. وتقوم فكرتهاالأساسية على إقامة دولة عربية مستقلة وموحدة تجمع كافة أقاليم المشرق العربي ..

فكرة الوحدة العربية لم تكن جديدة بل كانت حاضرة حتى قبل ظهور الإسلام. فرغم عدموجود كيان سياسي قوي للعرب قبل الإسلام. إلا إن الإنتماء كان حاضراً بقوة. بدعم منالنخوة والشهامة العربية .. ويشهد التاريخ على عدة أحداث هامة جسدت الوحدة العربيةالحسية. أبرزها معركة (ذي قار) .. والتي شهدت تجمع وإتحاد عربي تحت قيادة عربيةموحدة لمواجهة تهديدات الفرس مطلع القرن الميلادي السابع .. وحقق العرب نصراً مؤزراًكبيراً ..

ومع ظهور الإسلام .. تحول مشروع الوحدة العربية إلى واقع ملموس فأسس العرب ثلاثدول .. تصنف بأنها دول عظمى في عصورها وهي دولة الخلافة الراشدةالدولة الأمويةالدولة العباسية.

فكانت هذه المعطيات حاضرة وبقوة لدى المناديين بالوحدة العربية يزيد عليها ويساندهاالموقع الجغرافي المتصل في الأقاليم العربية والأرث التاريخي والثقافي العربي والإنتماءالعروبي لدى الشعوب العربية ..

لم ينجح مشروع الوحدة العربية في المشرق العربي .. بسبب إتفاق الدول العظمىوخاصة بريطانيا وفرنسا على تجزئة وتقسيم منطقة المشرق العربي لعدة دول تكون تحتالإنتداب ثم تعطى الإستقلال بشكل متتالي  .. وفي العصر العربي الحديث والذي يبدأ منالعام 1922م حيث كان إستقلال أول دولة عربية وهي مصر .. أعيدت فكرة الوحدة العربيةمن قبل جمعيات وجامعات أبرزها القوميين العرب وسبقها كتاتب الفداء العربي .. وهذهالحركات تدعوا إلى وحدة عربية كاملة.

وعزز ظهور الناصرية في خمسينات القرن الماضي الشعور الوحدوي العربي.

وإن كانت الناصرية ترفض أو تتحفظ على الوحدة الإندماجية. وتطرح فكرة الوحدةالحسية أو الشعورية والتعاون العربي بشكل كبير ومنسجم .. وأهم ركائز الناصرية تقويةدور الجامعة العربية في دعم مجالات العمل العربي المشترك ..

فكانت هذه المدرستين التي قامت عليها مشاريع الوحدات العربية المتلاحقة .. فهناكمشاريع وحدوية عربية حققت النجاحات وأخرى فشلت والبعض لم ترى النور أبداً وظلتحبراً على ورق.

لعل الوحدة بين شطري اليمن عام 1990م. كانت أحد مشاريع الوحدة العربية الناجحةرغم ما تواجهه من صعاب .. وشهد العام 1971م مشروع وحدوي عروبي مميز وناجح وهوإتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة ..

وفي ظل هذين النموذجيين الناجحين. كان هناك مشروع وحدة عربية قامت ولم يكتب لهالإستمرار وهو مشروع الوحدة العربية بين مصر وسوريا عام 1958م والذي يصنف أنهأهم وأشهر مشاريع الوحدة العربي على الإطلاق وقد أدى هذا المشروع إلى إعلان دولة(الجمهورية العربية المتحدة) بقطريها الشمالي (سوريا) والجنوبي (مصر).

فرغم إن الرئيس جمال عبدالناصر لم يكن متحمساً لهذا المشروع الوحدوي بهذا الشكلالمطلق. إلا إنه وبحسب المصادر التاريخية أضطر للموافقة عليها وسط إصرار العديد منالقيادات السياسية والثقافية والإعلامية العربية.

وتحققت مخاوف عبدالناصر وظهر بالدولة الوليدة عدة إشكاليات كبرى أعاقت نجاح هذاالإتحاد حتى أنتهى بشكل فعلي عام 1961م ..

أما المشاريع الوحدوية التي ظلت كما أسلفنا حبراً على ورق ولم تنفذ مطلقاً بسبب عدةمعطيات سياسية فأبرزها:

مشروع الهلال الخصيبالمشروع العربيوالذي تبناه وتحمس له نوري السعيدعام 1943م فرغم موافقة الإنجليز على هذا المشروع والدعم العربي الذي قابله إلا أنه فشل.

مشروع سوريا الكبرى والذي يكشف أرشيفه، أنه فكرة لجمع عدة مناطق عربية تبدأمن جزيرة قبرص في الغرب حتى الكويت في الشرق. بما في ذلك الأردنفلسطينلبنانالعراقسوريا. هذا المشروع لم يجد الحماس ومات في المهد.

مشروع الجمهوريات العربية أعلن عنه رسمياً عام 1971م بمبادرة رؤساء مصرسورياليبيا. وأعلن ميثاق الإتحاد والذي نص:  (هذا الإتحاد يتشكل أولاً من الأقطارالعربية الثلاث والمجال مفتوح لبقية الأقطار العربية لدخول في هذا المشروع الوحدوي) .. تقدم هذا المشروع خطوات إيجابية كبيرة فتم إجراء إستفتاءات شعبية .. لمشروع الإتحادفي الدول الثلاث المكونة له. وحاز على موافقة شعبية مطلقة .. لكن المشروع تعطل وتوقفبسبب المعارضة المصرية التي رأت أن هذا المشروع سيفقد مصر ثقلها ومكانتها القيادية.

الطريف في الموضوع هنا إن كيان الجمهوريات العربية السياسي ما زال قائماً من الناحيةالدستورية. حيث نص ميثاق الجمهوريات والذي أقر بالإستفتاءات الشعبية. إنه لا يتمإلغاء الإتحاد إلا بنفس طريقة إقراره وهو الإستفتاء الشعبي وهذا لم يتم إلى اليوم. ولكنهمنتهي بحكم الأمر الواقع.

مشروع المملكة العربية المتحدة أعلن عام 1970م ليضم الأردنفلسطين لكنه رفضومات في مهده.

الإتحاد العربي الهاشمي. وهو مشروع وحدوي بين المملكتين الهاشمية في العراقالأردن تزامن مع الوحدة العربية بين مصر وسوريا. ورغم درجات التفاؤل العالية بنجاحهذا المشروع. لكنه تعطل وفشل مع نهاية الحكم الملكي في العراق. وميلاد الجمهورية.

ومع فشل مشروع الجمهوريات العربية. لم ييأس الزعيم الليبي معمر القذافي بصفته أكثرالعرب المتحمسين للوحدة الإندماجية فتبنى عدة مشاريع وحدوية وجدت القبول فيالبداية لكنها تعطلت أهمها:

مشروع الجمهورية العربية الإسلامية المعلن بين ليبيا وتونس عام 1974م.

مشروع الوحدة الإندماجية بين مصر وليبيا عام 1972م.

المشروع الوحدوي بين الجزائرليبيا عام 1975م.

مشروع الوحدة الإندماجية بين ليبيا وسوريا عام 1982م.

مشروع الإتحاد العربي الأفريقي بين ليبيا والمغرب عام 1984م.

وبعد .. فيتبين هنا إن مشاريع الوحدة العربية الإندماجية مشروع صعب المنال والتحقق. والأفضل للعرب إنتهاج منهج المدرسة الثانية وهو المنهج الناصري والتي ترى تفعيلالعمل العربي المشترك في مختلف المؤسسات وإحياء التضامن العروبي .. وتوحيدالمواقف السياسية. مع إحداث منظمات ومؤسسات قوية تتولى هذه الجوانب وتحققهاكجامعة الدول العربية وفروعها .

(Visited 35 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *