قراءة في معرض (ليس صفراً) في مقر جمعية الفنانين التشكيليين في البصرة.

قيس عيسى البصره

تجربة الفنانين(ناصر سماري ، أسامه حمدي، حسن فالح، حامد سعيد)هي حالة فردية مُتميزة في(مُجتمع الفن)وهي مُؤشرجيد على حيوية المَدينة رغم اندثارها المُخزي في زمننا المُعاصر. ان تجربة(ليس صفراً)ما هي إلا تأكيداً لقوة مُجتمع الفن فيالانِبثاق في أصعب الازمات لديمومة الحياة البشرية ورفدها بحالاتٍ وجدانية تُثير العاطفة باتجاهين الأول تحفيز الوسط الفنيالمُتخصص وتأكيداً للحضور الفني الشخصي(للفنانين الأربعة)من خلال التعبير بمختلف الأنساق الفنية التجريدية أوالتعبيرية أو الرمزية بإكساء نقدي كإنها مُقاربة للواقعية النقدية لكن تحمل في طياتها تشفيرات تؤكد حضور الفن وأهميتهعلى حضور النقد. كي لا يكون العمل الفني مُجرد إعلان عن حالة رفض أو كي لا يتقارب من(المُلصقفن البوستر).

فنلاحظ أن عمل الفنان(ناصر سماري)الذي يتصف بالتجريدية التي لا تخلو من العلامات الظاهرة المؤدية إلى علامات ضامرةتؤسس لمسار نقدي رافض أو مؤيد لفكرة تُهيمن على ذهن الفنان فهذه الاتصالية بين المُعلن و المُتخفي يؤكد هيمنة أيديولوجيةضاغطة تدفع الفنان إلى ترسيخ مبدأ الخراب أو مبدأ الضد من الآخر.

فأختار الفنان النسق التجريدي كونه فضاء مُتسع التأويل رغم إنَّهُ يُمهدُ للسرد من جانب المتلقي، ولأنه غزير بالرموز. مُضيفاًإلى ذلك السمة البارزة للعمل هي تفكيك أوصاله كانه حالات مجزئة تقارب المجموعة القصصية تأخذ كل زاوية من العمل وجهةنظر تربط المتلقي بقصة أخرى. إذن هنا الفنان مارس سلطة المخيلة على سلطة المتلقي فقدرة التشفير أعلى من سلطةالمتلقي، وهذا يؤكد أن(مجتمع الفن) مُغلق عن عموم المتلقين بل عن المجتمعات الأخرى. لكن الفنان هو من شارك العموم كإنَّهإتفاق مصاحب للرأي الآخر وهو الرافض أو المُدين أو الناقد، وهو تغليب سلطة مُهيمنة ثم مجابهتها بالرفض، كما هو شائعباستخدام أدوات الخراب من وسائل السياسة كآلة للقتل إلى النفايات كوسائل للتلوث و القبول بالواقع الخرب. فتأتي الإدانةمن قبل الفنان عن طريق الاشهار مستعيناً بتلك الأدوات من ثم دحضها و الانتقاص منها.

الفنان(أسامة حمدي)زاول النسق التعبيري الذي تواشج مع الواقعية النقدية الرافضة للاقنعة وبالخصوص الأقنعة التي تمثلالضحية والجلاد. تجابهنا أسطورة المُتخفي الذي يوازي حضوره الهامش. فتبدو سلطة الفنان المُخلص للرسم أكثر هيمنة فيإبراز الحدث و تفعيل ذلك الهامش. أيضاً هنا دغدغة لمشاعر المتلقي ليؤازر كلاهما في تأكيد مبدأ الرفض. مع العلم أن الفنانأسامة حمدي تُهيمن عليه السلطة الأكاديمية في الأداء الفني لكن يَنفلتُ منها في بعض الأعمال التي تبدو فيه الأشكالالبشرية أكثر خيالاً واكثر ابداعاً كإِنها مُسوخ من جنس آخر بعد أن تَمكنت منهم سلطة القمع و التهميش.

كذلك الفنان حسن فالح ركز على سمات الصورة الواقعية التي أُحيلت إلى رمز يبرز فيه جانب أيديولوجي الذي حاول الفنانان يضفي عليه سلطة النقد وعلاقة الانسان الأسود بالإنسان الأبيض وصراع الجنس البشري. مكنت هذه المساحة النقديةالفنان من الاقتراب أكثر من تخوم المتلقي أو تقليص الفارق المعرفي بين الطرفين هي ليست مباشرة وانما ابداع لغة تصويريةتنفتح من خلال الصورة كاعلان عن الموقف والولوج إلى تأويل المفهوم و الانفتاح على السرد.

أما الفنان حامد سعيد أنسحب من الأيديولوجيا بوصفها نسق العارفين إلى عبثية الأطفال لكن الفنان يحولها إلى حالة نقديةواعية فيجعل من العفوية فوضى خلاقة تشبه تكسير الطفل للألعاب في حالة غضب. وان رممها عطفاً أو رغبة باللعب مرةأخرى ورغم انها مشوهة وتَظهر للعيان انها معاقة لكن تجعلنا نتعاطف معها ونميل إلى كشف لغة الاعتراض التي بثها الفنانحامد سعيد  من خلال منجزه الإبداعي.

إذن الفنانين الأربعة تُهيمن عليهم ثيمتان ثيمة الاعتراض و ثيمة المؤازرة. الاعتراض على وضع راهن و مؤازرة الجمهور بِهَمٍمُشترك.

قيس عيسى

(Visited 3 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *