*شمال شرق
بقلم : عارف العضيلة / كاتب سعودي
برزت في مطلع التسعينات في
عالم السياسية والدبلوماسية العالمية ما يمكن أن نسميه هنا بـ (دول المحور العربي). وهي السعودية – مصر – سوريا هذه الدول التي تحملت الثقل الأكبر في شؤون وشجون السياسية العربية .. وتولت دون غيرها حماية المصالح القومية العليا للأمة العربية والدفاع عن قضايا العرب. وباتت سياج العرب الأول .. ومنطلق تحركاتها السياسية والدبلوماسية.
وباتت هي دون سواها المحرك الأبرز والأهم للسياسية العربية
رؤساء المحور هم من الجانب السعودي الملك فهد بن عبدالعزيز ومن ثم الملك عبدالله بن عبدالعزيز وعلى الجانب المصري الرئيس محمد حسني مبارك وفي سوريا الرئيس حافظ الأسد ثم خليفته في الرئاسة الرئيس بشار حافظ الأسد.
كانت إجتماعات القمة لدول المحور العربي تتم بشكل سريع وعاجل وغالباً لا يعرف عنها ولا يتم الإعلان عنها إلا بعد أن تنتهي هذه الإجتماعات.
وغالبية الإجتماعات كانت تتم في مدينة شرم الشيخ المصرية. وفي الغالب أيضاً لا يصدر أي بيان عن هذه القمم ..
تولت دول المحور العربي مهام جسام وكبيرة .. كان أبرزها حماية وحدة العراق وتماسكه ومنع أي تدخلات في شؤنه بعد حرب العام 1991
وكذلك تولت مهمة الإشراف والدعم المباشر لعملية السلام في منطقة الشرق الأوسط. ودعمت مسيرة السلام والإعمار في لبنان بعد مرحلة الحرب الأهلية اللبنانية. وتولت ملف الحرب في اليمن منتصف التسعينات .. إضافة إلى الجهود في مكافحة الإرهاب والتطرف العالمي. وتصدت دول المحور للتهديدات العسكرية التركية ضد سوريا أواخر التسعينات ..
ودعم إنتفاضة الأقصى سياسياً ومالياً في مطلع الألفية.
والأهم إن دول المحور العربي كانت هي المحرك لكل القمم العربية والإجتماعات الوزارية. التي تمت بعد مرحلة ما بعد حرب 1991م.
في فترة التسعينات سادت أجواء التوتر كل المنطقة العربية وضعفت تماماً أجواء التضامن العربي والعمل العربي المشترك. وفي الغالب أنكفئت كل دولة عربية في محيطها الداخلي الخاص.
ولم يعد أحد يسمع عن المصير العربي المشترك والتضامن العربي.
حتى إن الرئيس الليبي معمر القذافي الذي يصف نفسه بأنه أمين القومية العربية .. وأكثر المتحمسين للوحدة العربية. أبتعد هو الأخر وصار يتبنى الشعارات والقوميات الإفريقية. مبتعداً بشكل تام عن كل ما هو عروبي.
وسط هذه الأجواء المتوتره والمشحونة .. والتي أيضاً أرتفع بها مستوى التطرف والإرهاب في المنطقة وخاصة في مصر والجزائر ..
كانت دول المحور العربي هي عمود الخيمة في العالم العربي وكانت عواصم القرار العربي هي الرياض – القاهرة – دمشق ..
ووسط حقل الألغام السياسي أدت هذه الدول المهام رغم صعوبتها بإقتدار كبير.
لكن كيف تكونت دول المحور العربي؟ وكيف أنتهى هذا التحالف البارز؟!.
بالتأكيد ليست الصدفة هي التي كونت هذا المحور العربي. فكل دولة من دول المحور العربي لها ثقلها السياسي والتاريخي البارز على الصعيدين العربي والعالمي.
فالسعودية ومصر هما أكبر دولتين عربيتين وتتمتعان بثقل سياسي ودبلوماسي بارز وهام جداً.
وسوريا لها مكانتها العالية في المحيط العربي وأهم دولة من دول المواجهة العربية. ولها تأثيرها المهم وخاصة في تعزيز العلاقات العربية – الإيرانية. ودعم إستقرار ووحدة العراق بحكم الجوار.
إضافة إلى تأثيرها الرئيسي والهام في عملية سلام الشرق الأوسط .. لكن حتى ينشأ هذا التحالف الثلاثي .. كان هناك إنسجام وتعاون مشترك بين هذا الثلاثي الكبير ..
فهذه الدول كانت أهم وأكبر الدول العربية المساهمة في حرب تحرير الكويت سياسياً وعسكرياً .. فمن هنا كان الإنسجام الأكبر بين هذه الدول الثلاث .. وتعززت مكانتها عربياً وعالمياً.
وكانت هذه الدول هي أكبر الدول المؤسسة لمنظومة دول إعلان دمشق. المكون من دول المجلس التعاون الخليجي ومصر وسوريا.
والذي أعلن عنه بعد نهاية حرب تحرير الكويت وتحديداً في مارس أذار عام 1991م
لم يستمر عطاء وجهد دول أعلان دمشق ولكن خرج من رحمه دول المحور العربي
بصفتها الدول الاكبر والاهم داخل هذه المنظومة
أستمر هذا المحور بتماسكه وقوته وأنسجامه حتي كان اخر اجتماع قمه لهذا المحور العربي الابرز الذي كان في مارس 2003والذي قبيل الحرب ضد العراق
ولكن بفعل التغيرات السياسية وأرتفاع موجة التطرف توقفت أجتماعات دول المحور وأختفي بشكل تام عن المشهد السياسي
*
كاتب سعودي – الرئيس التنفيذي لدار مصار للدراسات والأبحاث الإعلامية
للتواصل تويتر / @msader16