تفرق دم يوسف وأقصد عقد برنامج ولاية بطيخ بين أربعة اتجاهات أو كيانات ، (قناة العراقية ، مجلس أمناء الإعلام ، شركة سحر الشرق ، وبرنامج ولاية بطيخ) ولكنه تفرق بمبلغ مليون دولار أو يزيد بقليل وهو قيمة العقد الموقع بين الجهة المسوقة للبرنامج وبين شبكة الإعلام العراقي لهذا الموسم وبثلاثين حلقة ، وذلك لا يعني تقاسم المبلغ وإنما أقصد أطراف المشكلة التي انتشرت وتصاعدت حول قيمة العقد وما رافقها من ملابسات
كيف تفرق دم يوسف بين هذه الأطراف ومن الذي خرج مأثوما بتداعيات هذا الحدث وكيف تسربت تفاصيل العقد المبرم بين شبكة الإعلام والبرنامج وهل هناك شبهة فساد وهل يستحق البرنامج هذا المبلغ ؟ هذه هي شرارة الأسئلة التي نثرت وعلا ضجيجها على مساحة شاسعة في وسائل التواصل الاجتماعي وتداولتها كل أوساط المجتمع الفني والإعلامي بل و المجتمع العراقي ككل والتي لم تترك شبهة إلا والقتها في البئر الذي القي فيه العقد وكل يوم تأتي أقواما أو سيارة يريدون أن ينتشلوه من بين تلك التراكمات وتفصح عن مجريات الأحداث
ولنبدأ من آخر تساؤل وهو هل يستحق البرنامج هذا المبلغ ولأنني أعمل مخرجا وفي مجال الإنتاج التلفزيوني سوف أميل قليلا الى فكرة أن كل برنامج أو مسلسل أو أي انتاج تلفزيوني هو من يقيم نفسه وهو يعرف بكل تفصيلات تكاليف الإنتاج الذي يتطلبه العمل وهو الذي يقرر ما إذا كان يستحق أو لا فالإنتاج التلفزيوني هو جزء من آلية عمل السوق والمنتج يعرض بضاعته ولكن يبقى على المشتري أن يعرف ما مقدار استعداده لشراء هذا العمل أو ذاك وبالسعر الذي يطرحه ويتفاوض عليه إذن الطرفان واعيان لما يتعاقدان عليه خاصة عندما يكون هناك تفاوض وجلسات وإشراف وموافقات من ذوي المناصب العليا
المشكلة أنه نحن في مجتمعنا كل شئ نربطه براتب الموظف ونقيس كل أنواع الإنتاج التلفزيوني وفقا لذلك المعيار أو نقيسه وفقا لمعايير البيع والشراء الحكومية التي تعيش دوامة اللجان التي لا حصر لها ، في دول العالم ممكن أن يظهر النجم لمدة ثواني معدودة في إعلان ويحصل على ملايين الدولارات مقابل تلك الثواني و ذلك طبعا جزء من عملية معقدة لها عروة وثقى مرتبطة بمبدأ النجومية وصناعة النجوم التي طالما نؤكد عليها وعلى أهميتها ، بينما هناك من يظهر في مسلسل كامل بمقابل أجر زهيد قد لا يتجاوز الألف دولار حسب وضعه بين الجمهور
وبرنامج ولاية بطيخ يعمل فيه فريق كبير وفيه من أصبح نجما في الشارع العراقي اتفقنا أو اختلفنا معهم أو مع توجهاتهم وكلهم يبحثون عن أجور مرتفعة فضلا عن تكاليف الإنتاج لكن وفقا للسوق العراقية هل البرنامج يتطلب تحصيل مثل هذا المبلغ ؟ علي فاضل صاحب البرنامج يرى أنه يستحق وتلك بضاعته يعرضها كيفما يشاء بينما في الطرف الآخر من الجمهور والنقاد من يرون أنه لا يستحق وتلك وجهة نظرهم ويقرون بصحتها طالما المقياس كان هو الإنتاج الفني المحلي العراقي الذي يقودهم للتساؤل هل يتم إنتاج ولاية بطيخ خارج العراق ؟ حينها يمكن تبرير السعر المرتفع خاصة وأن العراقية لطالما كانت تعزي كل أسباب الفشل الدرامي لديها وضعف النوع الدرامي فيها الى الميزانيات المتواضعة المخصصة للإنتاج الدرامي فكيف اذن استطاعت توفير مبلغ مليون دولار لبرنامج وليس لمسلسل ؟ وكيف اختارت برنامج سياسي اجتماعي ناقد ولاذع لم يتوقف يوما عن نقد كل الحكومات المتعاقبة والسياسات الرسمية العراقية لعرضه على شاشتها اليس في ذلك حيرة للعقول !
إن عرض برنامج ولاية بطيخ في قناة رسمية حكومية حتما لا تكون له قدرة على الاستمرار لسبب بسيط وهو أن البرنامج سوف يخضع للمزاج الحكومي وهو برنامج سياسي ساخر وناقد للعمل الحكومي منذ حلقاته الأولى وعنصر الحيادية في وسائل الإعلام غير متوفر بالمطلق وبهذا المطب قد وضعت العراقية نفسها في موقف محرج فلا يمكن أن اعطيك أموالا لتشتمني هذه كانت أولى الأخطاء التي أودت برمي يوسف أو العقد في غيابت الجب وثانيها هو تسريب العقد للإعلام بسبب الحرب الخفية بين أخوة يوسف والتي سعى كل منهم لتسقيط الآخر
أطراف عدة شكلت هذه الحلبة من الصراع مجلس الأمناء وشبكة الإعلام العراقي والشركة الوسيطة التي أشترت العمل من المخرج علي فاضل وباعته الى العراقية وبين هذا وذاك ضاع دم يوسف بين القبائل وبقي محشورا البرنامج والقائمين عليه بين علة التبرير ودفع التهمة عن عملية بيع وشراء بررها المخرج علي فاضل خلال اتصال بيننا قائلا :
(لقد تم حشرنا بموضوع ليس لنا فيه شأن مباشر فنحن ننتج العمل ونبيعه لشركة بمبلغ معين والشركة هي بدورها تبيعه وتسوقه للعراقية ومن قبلها لقناة دجلة وقناة Utv ، ونتعرض اليوم الى هجمة من بعض الجمهور الذين لا يعلمون بتفاصيل وكواليس القضية كلها ولا يقدرون اساسا طبيعة الانتاج التلفزيوني وتكاليفه)
فسألته يا علي ماذا استفادت العراقية من وجود البرنامج ؟
فأجاب
(الاعلانات ونسبة مشاهدة عالية للعراقية فضلا عن دخول المعلنين الى قناة العراقية وهذا يديم تواصلهم مع القناة فلماذا نحن تحملنا الوزر المظلم من القصة)
طيب يا علي هل كانت الشركة تبيع البرنامج لقناة دجلة و Utv بنفس القيمة ؟
(نعم وان كان بفارق بسيط )
إذن لماذا هذه الضجة يا علي ؟
(لقد تم خلقها وتسريب العقد لغاية في نفس يعقوب)
ويعقوب هو والد يوسف الذي تم تبرئة الذئب من دمه ، في غيابت جب هذا الصراع لم نعد نعرف من هو يوسف ومن هم أخوته ومن هو يعقوب ومن هو الذئب والأهم من ذلك كله من خرج مأثوما ومن بريئا ، لا تزال الرؤية ضبابية بانتظار أن ينجلي غبار المعركة