د.احمد عدنان الميالي
اجريت الانتخابات النيابية المبكرة العراقية في موعدها المقرر ١٠/١٠/ ٢٠٢١، في ظلنسبة مشاركة وصلت الى ٤١٪، ووصل عدد المرشحين الى ٣٢٤٣ مرشح و٢٥ تحالفانتخابي بواقع ١٠٧ حزب مشارك، منها ٥٨ حزب ضمن ٢٥ تحالف انتخابي ، في عمومالدوائر الانتخابية، وبواقع ٧٨٩ مرشح مستقل تقريبا و ٩٥١ امرأة في ٨٣ دائرة انتخابية.
وفي قراءة استنتاجية لواقع لهذه الانتخابات ونتائجها ومخرجاتها يمكن قراءة المؤشراتالتالية :
١– نسبة المشاركة : شهدت هذه الانتخابات تدنيا ملحوظا في نسبة المشاركة بحدود ٤١٪ كما اعلنت مفوضية الانتخابات وهناك تشكيك في هذه النسبة بنحو ادنى منها، وهذايؤشر ان تيار مقاطعة الانتخابات اوسع من تيار المشاركة، اي ان الجمهور العام اقوى منالجمهور الخاص التابع او المؤيد للاحزاب السياسية، كما يؤشر تدني المشاركة الى عدمقناعة الناخب العراقي بالاداء السياسي والانجازي الحكومي واخفاقه بالمجالات العامةفي البلد، مما يضع القوى الفائزة بامتحان استعادة ثقة الجمهور العام والعمل علىطمأنته في الدورة القادمة او توقع اتساع تيار المقاطعة بنحو يهدد مصداقية وجدوىالعملية الانتخابية في العراق.
٢– التنظيم والمصداقية : اخفقت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الى حد ما فيسياق تنظيم وترتيب اجراءات العملية الانتخابية من حيث ضعف التثقيف والتحفيز علىالمشاركة وضبط الاجراءات التقنية والفنية بعد توقف العديد من اجهزة الاقتراع وعودتهاللعمل اضافة الى عدم تفعيل العديد من بطاقات الناخب المحدثة بايومتريا باعتبارهاغير محدثة او عدم ظهور بصمات الاصابع للعديد من الناخبين بشكل ادى الى اضعافالمشاركة وتذمر الناخبين، كما اخفقت المفوضية بشكل واضح في الامور الادارية التنظميةالمتعلقة باعلان النتائج بشكل جزئي وتأخير اعلان نسبة المشاركة، وبعد استكمال نتائجباقي المحطات تغيرت بعض النتائج صعودا ونزولا مما اعطى انطباعا بارتباك عملالمفوضية واتهامها بالتلاعب بالنتائج خاصة مع تأخر النظر في الطعون واعلان النتائجالنهائية بحدود شهر ، ادى وسيؤدي الى خلق اجواء متشنجة سياسيا واضعافالمصداقية باداء المفوضية شعبيا بعد ان اسهمت وسائل الاعلام بهذا الجانب، رغم انهنالك اشادة بعملها وتطابق في النتائج بين الفرز الالكتروني واليدوي الخاضع للقرعةبنسبة ١٠٠٪ في التصويت الخاص والعام كما اعلنت المفوضية ذلك ، لكن هناك شكوكوطعون حول ذلك طرحت واعلنت من الكيانات والمرشحين جزء منها موثق يخالف هذاالتطابق حسب المعترضين.
لاشك ان الانتخابات في جانب كبير منها جرت بانسيابية الى حد ما وهنالك نتائجمتطابقة مع الواقع تعبر عن مستوى عالٍ من النزاهة لكن الشفافية كانت ولازالت غيرحاضرة، ويعزى ذلك الى نقص الخبرة والضغط الاعلامي وضعف التنظيم ادى الىضعف المصداقية بعمل المفوضية وبالنتائج المعلنة.
٣–التأرجح في النتائج : هذه الانتخابات شهدت تذبذب وتأرجح في النتائج صعوداونزولا فوزا وخسارة، وقد يكون قانون الانتخابات المبني على نظام اعلى الاصواتوالدوائر المتعددة المتوسطة له دورا في ذلك، اضافة الى قوة وضعف التنظيم والماكينةالانتخابية للقوى السياسية المشاركة، فضلا عن قوة الزعامة والقيادة او تراجع نفوذهاومقبوليتها، ولا ننسى تأثير الاحتجاجات وظهور حركة شبابية مناوئة للقوى التقليديةعلى هذا التأرجح والضعف من جهة، وبروز وصعود قوى اخرى من جهة اخرى، وكذلكمستوى الاداء والتفاعل والنجاح او الاخفاق في التواصل من عدمه مع الناخبين وتلبيةمطالبهم ومطالب مدنهم ودوائرهم او خلافه، كان له الدور الحاسم في هذا الشأن. لكن يبقى الصدر والحلبوسي والمالكي والبازاني الرابحون في هذه الانتخابات بغض النظرعن كل المؤخذات المطروحة حول الانتخابات نتيجة الكاريزما وقوة شخصية هذهالزعامات والتحامها مع ناخبيها.
مخرجات النتائج : بات امر تشكيل الحكومة معقدا بسبب الموقف من النتائج رفضاوقبولا وتهديدا ووعيدا، التموضع والتكتل لم يعد على اساس البرامج والتفاهمات انماقائم على اساس الربح والخسارة والصعود والتراجع، ووفق ذلك ستتشكل اتجاهاتسياسية قد تفرز تكتلات او تخندقات صوب تسمية الرئاسات الثلاث، ومنذ الان بدأتالاجتماعات والاطر التنسيقية تتموضع ازاء رفض النتائج وتعويض الخاسرين مقاعدتتناسب مع مايتوقعوه ويريدوه، وبذات الوقت تتبلور وتتشكل الكتل والتحالفات وفقالذلك، المالكي سيغتنم الفرصة لطرح اسمه رئيسا للوزراء لتبني مطالب الكتل الشيعيةالخاسرة والمتراجعة، كالفتح وتحالف قوى الدولة وباقي الكيانات والمرشحين باعتبارهفائزا والاحق بذلك من الشيعة الخاسرين او المتراجعين، وسيدير المفاوضات على هذاالاساس، وحتى ان لم يحصل على مطالب هذه الكتل بالمقاعد لكن مجرد دعمه مرشحاللحكومة سيعدها بالتمكين في المواقع التنفيذية، في مقابل ذلك يراهن الكاظمي علىولاية ثانية وفقا لمشهد الانسداد السياسي وعدم الاتفاق السياسي، او في حال حصولاضطرابات امنية وسياسية واستمرار الاحتجاجات ضد نتائج الانتخابات من قبل هذهالكتل وجماهيرها ليكون بيضة القبان في : اما تجديد ولايته ، او بقاءه في منصبةلحكومة تصريف اعمال لادارة هذه الصراعات مستغلا علاقته الايجابية بالتيار الصدريوعدم دخوله مرشحا في الانتخابات.
المشهد الاخر في حال حلحلة الموقف من النتائج وترضية الاطراف وتجاوز محنةمصداقية تلك النتائج، بروز تحالف الصدر –الحلبوسي– البارزاني، لتشكيل الكتلة الاكبرالتي يقع على عاتقها تسمية رئيس للحكومة وفقا للمواصفات الصدرية وكذلك الحالرئيس البرلمان وفقا لمواصفات تحالف تقدم الوطني ورئاسة الجمهورية وفقا لقناعةالحزب الديمقراطي الكردستاني مع اشراك المالكي وكل الكيانات الاخرى بالحكومة والمواقع العليا الاخرى.
كما ان هنالك مشهد اخر يشبه سيناريو ٢٠١٨ بتجاوز عقبة الكتلة الاكبر ووصول كلالقوى السياسية لاتفاق موقع بشكل جماعي على تسمية الرئاسات الثلاث بشكل يحققالتوازن والتوافق بعيدا عن من منطق الاوزان السياسية وعدد المقاعد النيابية، لكنه ضمناوبشكل غير ظاهر سيكون ممثلا لمصالح الجميع مع ميول اوسع صوب التيار الصدريباعتباره الكتلة الاكثر حصولا على المقاعد.
هذه الاحتمالات جميعها قائمة لانها حصلت في السابق، ويبقى العامل الخارجي لهمكانة بشكل مؤكد سواء في ضبط الاوضاع واستقرارها او اضطرابها، حسب تقاربالمحاور الخارجية من هذا الطرف او ذاك.