الحرية والديمقراطية.. في قفص الاتهام / مزهر الخفاجي

الحرية والديمقراطية.. في قفص الاتهام / مزهر الخفاجي

أ.د مزهر الخفاجي

الحرية المفهوم والحرية السلوك والحرية كحق كانت ومازالت حلم البشرية للخروج منعصر العبودية والاستبداد والظلموالعراقيون والعرب حالهم كحال بقية الشعوب كانوايحلمون بالحرية ولا يصلون اليها ..

ويسمعون عن الديمقراطية البدائية في المجتمعات القديمه والحديثة لكنهم لم يتعاطونمعها

وكانوا يتأملون الحرية في نماذجهم الدينيه والروحية في القص التأريخي ويتماهونمعها ، لكنهم رغم كل ماقلت يخافونهالأنهم يشعرونَ ان حروبهم مع الجوع والجهلوالفقر والظلم المتوالية عبر التاريخ قد تضيف لهم الماً جديدا فهم استثناء من كل هذهالبشرية لايحصلون على مايستحقونه (الا بعد طلاع الانفس ) كما يقول المثل الشعبيفالحرية كمفهوم ارتبط في ذهن العراقيين بمسؤولية الفرد في الحفاظ على ماوهبته اليهالحياة فالحرية كسلوك كانت تأخذ من العراقيين تأويلا يستدعي في بعض الاحيانالمساحة المحصورة بين التحليل والفوضى والحرية كحق ارتبط في ذهن العراقيين بالحقالطبيعي في الوجود

القائم على تطبيق منطق العدل والمساواة في مناحي الحياة

ولقد اجمعت كل الموروثات الدينيه والفلسفيه والتراثية على الاهتمام بهذه المركزيات او قلالتمجيد بها طالما كفلت له حرية التفكير والتعبير لاكتشاف كفة السعادة المتولده منالحرية كحق

بقي أن نقول أن الحرية كمفهوم وجودي قد تنوعت انماطها في فهم ووعي وسلوكالعراقي والعربي

لكنها كانت في اللاهوت الديني تسير بموازاة التحريم وفي التراث فأن الحرية كرستاحترام الاخر وبما لا يلحق ضرر بمفهوم الغير وعبر عنها (بالعيب )

والحرية في الدولة نُظمت بالعقد الاجتماعي والدستور الذي كفل مبدأ الحقوق والذيقرنها بباب الواجبات وقيد الحرية المشروعة باحترام حق الاخر وربط نجاح ممارستهابضرورة المحافظة على حدود ومصالح الاوطان والجماعة

أما الحرية في تاريخنا الحديث والمعاصر سواء في العراق او في بلدان العربية فهي معالاسف اما تأتي رديفاً للمركز يات الثلاث (دين ،تاريخ ،وتراث )او تأتي متجاوزةً لهما أويضطراب مفهوم الحرية إلى حد الانسحاق

أمام المركزيات الثلاث ،  تحول مفهوم الحرية إلى تقليعة ثقافية كما هو حال تمظهراتالفلسفات الوجودية والسيمائية  وغيرها من الظواهر الثقافية التي اجتاحت

منطقتنا العربية في خمسينيات وستينيات القرن العشرين

فتماهت موضوعات الحرية السياسية مع طروحات (جان جاك روسو ومونتسكيووفولتير )..

فتداخلت مع موضوعات التعددية والديمقراطية او التداول السلمي للسلطة والتعبير عنالرأي

فولدت الحرية وكأنها جنيناً مشوهاً في الدولة العربية الوطنيه الحديثة في اقطار مثلمصر والعراق وسوريا او فهماً مقلداً للكومسمولية اليسارية كما هو الحال في اليمنالجنوبية

اما في العراق وبعد عمليه التغيير فقد اقتنص الاسلام السياسي في العراق (فرصتهالتي وفرتها) الديمقراطية المسترسخة او المفروضة

في الوصول للسلطة فسارع الاستغلال في استلام مقاليد الحكم ثم ادار بعد ذلك ظهرهلمتطلبات ديمومتها ..

والتي تشترط اول ماتشترط (بوعي الاخر باهميتها ،

وجاهزية الاخر لممارستها ، وكذلك القدرة على تطوير مفاعليها في المنتظم السياسيوتشترط كذلك عدم القفز على الهوية الوطنية) واعتبار الحرية النسخ الصاعد في شريانالدولة الوطنية الجامعه

ان التداول السلمي للسلطة يقتضي الفصل التام بين السلطات الثلاث (التشريعية ،التنفذية ، القضائية)

وان الاحتكام لصناديق  الاقتراع كمظهر من مظاهر السلوك الديمقراطي يحتم ابعاد كلالممارسات غير الديمقراطية في الوصول للسلطة مثل التزوير والفساد واستخدام الغطاءالديني هذا الامر هو الذي جعل الاسلام السياسي في العراق ومصر والسودان وتونسوالمغرب ان يفقد بريقه الشعبوي والعشائري ؟؟لأنه لم يتقن مضامين فكرة الحرية اويتعاطى مع اللعبة الديمقراطية بلشكل الصحيح ..بل استغل الديمقراطية

رغم عدم ايمانه بها للوصول الى السلطة واستلام مقاليدها

وبدل ان يكون هو الحل اصبح هو المشكلة إن الأداء غير المسؤول للإسلام السياسي فيالعراق والبلدان العربية قد عطل هدف الحرية والذي كان من الممكن أن يساهم في نهضةالعراق والبلدان العربية و ساهم كذلك في تشويه الديمقراطية كوسيلة من وسائل الحريةفي الوصول إلى الحكم الرشيد اذ قُدمت إن الديمقراطية في هذه البلدان كانها بدلة زفافغير جاهزة لعروس اسمها الحرية وبدل أن تكون الديمقراطية والحرية حلا للكثير منالمشاكل السياسية  والتاريخية والاقتصادية والثقافية التي عانى منها العراق أو المنطقةالعربية منذ أكثر من قرن من الزمان صارت الديمقراطية مصدرا من مصادر تكريس مفهومسياسي جديد اصطلح عليه  (الديمقراطية الدكتاتورية) …

لأن الأحزاب المشاركة فيها برعت إلى تكرار أساليب الدكتاتوريات الشمولية القائمة علىاستخدام (القوة والمال والتزوير وشراء الذمم ) في القبض على مقاليد السلطة وصارهدف الأحزاب الطائفية استلام السلطة بأي الاثمان

فصار دعاة الديمقراطية والحرية الجدد من الذين خلعوا مفهوم حاكمية( الله )الى حاكمية(الزعيم )وصار هؤلاء ألاوليغاركيين ، المستبدين الجدد)  الحكام الجدد وتحولالديمقراطيون الجدد  الى  أمراء كانتونات وزعماء شركات حزبية تفننت في أساليبالوصول للحكم

وبرعوا في تسخير امكانيات الدولة لمصالحهم والمنتمي لهم فأسيئ للحرية كحق وجوديللعراقيين والديمقراطية كاسلوب للوصول للحكم فتحولت الديمقراطية الى وسيلةلاستغفال الناس بدل ان تكون وسيلة من وسائل نهوضهم في التعاطي مع الديمقراطيةفي العراق والاقطار العربية حتى سمح للبعض من فقراء الناس ان يقولوا هذا عصرالديمقراطية الفاشلة ..

(Visited 9 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *